undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
﴿وقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الحِسابِ﴾ حِكايَةُ حالَةِ اسْتِخْفافِهِمْ بِالبَعْثِ والجَزاءِ وتَكْذِيبِهِمْ ذَلِكَ، وتَكْذِيبِهِمْ بِوَعِيدِ (ص-٢٢٥)القُرْآنِ إيّاهم فَلَمّا هَدَّدَهُمُ القُرْآنُ بِعَذابِ اللَّهِ قالُوا: رَبَّنا عَجِّلْ لَنا نَصِيبَنا مِنَ العَذابِ في الدُّنْيا قَبْلَ يَوْمِ الحِسابِ، إظْهارًا لِعَدَمِ اكْتِراثِهِمْ بِالوَعِيدِ وتَكْذِيبِهِ، لِئَلّا يَظُنَّ المُسْلِمُونَ أنَّ اسْتِخْفافَهم بِالوَعِيدِ لِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِالبَعْثِ فَأبانُوا لَهم أنَّهم لا يُصَدِّقُونَ النَّبِيءَ ﷺ في كُلِّ وعِيدٍ حَتّى الوَعِيدِ بِعَذابِ الدُّنْيا الَّذِي يَعْتَقِدُونَ أنَّهُ في تَصَرُّفِ اللَّهِ. فالقَوْلُ هَذا قالُوهُ عَلى وجْهِ الِاسْتِهْزاءِ وحُكِيَ عَنْهم هُنا إظْهارًا لِرِقاعَتِهِمْ وتَصَلُّبِهِمْ في الكُفْرِ. وهَذا الأصْلُ الثّالِثُ مِن أُصُولِ كُفْرِهِمُ المُتَقَدَّمِ ذِكْرُها وهو إنْكارُ البَعْثِ والجَزاءِ فَهو عَطْفٌ عَلى ﴿وقالَ الكافِرُونَ هَذا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ [ص: ٤] فَذَكَرَ قَوْلَهم ﴿أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا﴾ [ص: ٥]، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهم ﴿أأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنا﴾ [ص: ٨] وما عَقَبَهُ مِن عَواقِبِ مِثْلِ ذَلِكَ القَوْلِ، أفْضى القَوْلُ إلى أصْلِهِمُ الثّالِثِ. قِيلَ: قائِلُ ذَلِكَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ، وقِيلَ: أبُو جَهْلٍ والقَوْمُ حاضِرُونَ راضُونَ فَأُسْنِدَ القَوْلُ إلى الجَمِيعِ. والقِطُّ: هو القِسْطُ مِنَ الشَّيْءِ، ويُطْلَقُ عَلى قِطْعَةٍ مِنَ الوَرَقِ أوِ الرَّقِّ أوِ الثَّوْبِ الَّتِي يُكْتَبُ فِيها العَطاءُ لِأحَدٍ ولِذَلِكَ يُفَسَّرُ بِالصَّكِّ، وقَدْ قالَ المُتَلَمِّسُ في صَحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ الَّتِي أعْطاهُ إيّاها إلى عامِلِهِ بِالبَحْرَيْنِ يُوهِمُهُ أنَّهُ أمْرٌ بِالعَطاءِ وإنَّما هي أمْرٌ بِقَتْلِهِ، وعَرَفَ المُتَلَمِّسُ ما تَحْتَوِي عَلَيْهِ فَألْقاها في النَّهْرِ وقالَ في صَحِيفَتِهِ المَضْرُوبِ بِها المَثَلُ: ؎وألْقَيْتُها بِالثِّنْيِ مِن جَنْبِ كافِرٍ كَذَلِكَ يَلْقى كُلُّ قِطٍّ مُضَلَّلِ فالقِطُّ يُطْلَقُ عَلى ما يُكْتَبُ فِيهِ عَطاءٌ أوْ عِقابٌ، والأكْثَرُ أنَّهُ ورَقَةُ العَطاءِ، قالَ الأعْشى: ؎ولا المَلِكُ النُّعْمانُ يَوْمًا لَقِيتُهُ ∗∗∗ بِأُمَّتِهِ يُعْطِي القُطُوطَ ويَأْفِقُ ولِهَذا قالَ الحَسَنُ: إنَّما عَنَوْا عَجِّلْ لَنا النَّعِيمَ الَّذِي وعَدْتَنا بِهِ عَلى الإيمانِ حَتّى نَراهُ الآنَ فَنُوقِنَ. وعَلى تَسْلِيمِ اخْتِصاصِ القِطِّ بِصَكِّ العَطاءِ لا يَكُونُ ذَلِكَ مانِعًا مِن قَصْدِهِمْ (ص-٢٢٦)تَعْجِيلَ العِقابِ بِأنْ يَكُونُوا سَمَّوُا الحَظَّ مِنَ العِقابِ قِطًّا عَلى طَرِيقِ التَّهَكُّمِ، كَما قالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ إذْ جَعَلَ القِتالَ قِرًى: ؎قَرَيْناكم فَعَجَّلْنا قِراكم ∗∗∗ قُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْداةً طَحُونا فَيَكُونُونَ قَدْ أدْمَجُوا تَهَكُّمًا في تَهَكُّمٍ إغْراقًا في التَّهَكُّمِ. وتَسْمِيَتُهم ”يَوْمَ الحِسابِ“ أيْضًا مِنَ التَّهَكُّمِ لِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِالحِسابِ.

Maximize your Quran.com experience!
Start your tour now:

0%