لَىِٕنْ
لَّمْ
یَنْتَهِ
الْمُنٰفِقُوْنَ
وَالَّذِیْنَ
فِیْ
قُلُوْبِهِمْ
مَّرَضٌ
وَّالْمُرْجِفُوْنَ
فِی
الْمَدِیْنَةِ
لَنُغْرِیَنَّكَ
بِهِمْ
ثُمَّ
لَا
یُجَاوِرُوْنَكَ
فِیْهَاۤ
اِلَّا
قَلِیْلًا
۟
3
ثم هدد - سبحانه - المنافقين وأشباههم بسوء المصير ، إذا ما استمروا فى إيذائهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين والمؤمنات . وبين - عز وجل - أن وقت قيام الساعة مرد علمه إليه وحده . وأن الكافرين عند قيامها سيندمون ولكن لني نفعهم الندم ، فقال - تعالى - : ( لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون . . . والعنهم لَعْناً كَبِيراً ) .والمنافقون : جمع منافق ، وهو الذى يظهر الإِسلام ويخفى الكفر .والذين فى قلوبهم مرض : هم قوم ضعاف الإِيمان ، قليلو الثبات على الحق .والمرجفون فى المدينة : هم الذين ينشرون أخبار السوء عن المؤمنين ويلقون الأكاذيب الضارة بهم ويذيعونها بين الناس . وأصل الإِرجاف : التحريك الشديد للشئ ، مأخوذ من الرجفة التى هى الزلزلة . ووصف به الأخبار الكاذبة ، لكونها فى ذاتها متزلزلة غير ثابتة ، أو لإِحداثها الاضطراب فى قلوب الناس .وقد سار بعض المفسرين ، على أن هذه الأوصاف الثلاثة ، كل وصف منها لطائفة معينة ، وسار آخرون على أن هذه الأوصاف لطائفة واحدة هى طائفة المنافقين ، وأن العطف لتغابر الصفات مع اتحاد الذات .قال القرطبى : قوله : ( لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ والمرجفون فِي المدينة . . . ) أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة لشئ واحد . . والواو مقحمة كما فى قول الشاعر :إلى الملك القرم وابن الهما ... م وليث الكتيبة فى المزدحمأراد إلى الملك القرم ابنا لهمام ليث الكتبية .وقيل : كان منهم قوم يرجفون ، وقوم يتبعون النساء للريبة ، وقوم يشككون المسلمين .وقد سار صاحب الكشاف على أن هذه الأوصاف لطوائف متعددة من الفاسقين ، فقال : ( والذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ) قوم كان فيهم ضعف إيمان ، وقلة ثبات عليه . .( والمرجفون فِي المدينة ) ناس كانوا يرجفون بأخبار السوء عن سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون : هزموا وقتلوا وجرى عليهم كيت وكيت ، فيكسرون بذلك قلوب المؤمنين .والمعنى : لئن لم ينته المنافقون عن عدائكم وكيدكم ، والفسقة عن فجورهم ، والمرجفون عما يؤلفون من أخبار السوء ، لنأمرنك بأن تفعل بهم الأفاعيل التى تسوؤهم وتنوؤهم .وقوله : ( لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ) جواب القسم . أى : لنسلطنك عليهم فتستأصلهم بالقتل والتشريد ، يقال : أغرى فلان فلانا بكذا ، إذا حرضه على فعله .وقوله : ( ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً ) معطوف على جواب القسم . أى : لنغرينك بهم ثم لا يبقون بعد ذلك مجاورين لك فيها إلا زمانا قليلا ، يرتحلون بعده بعيدا عنكم ، لكى تبتعدوا عن شرورهم .وجاء العطف بثم فى قوله : ( ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ ) للإِشارة إلى أن إجلاءهم عن المدينة نعمة عظيمة بالنسبة للمؤمنين ، ونقمة كبيرة بالنسبة لهؤلاء المنافقين وأشباهههم .