Ingia
Mipangilio
Select an option
Al-Fatihah
Al-Baqarah
Aali-Imran
An-Nisaa
Al-Maidah
Al-An-Am
Al-Aaraf
Al-Anfal
At-Tawba
Yunus
Hud
Yusuf
Ar-Raad
Ibrahim
Al-Hijr
An-Nahl
Bani Israil
Al-Kahf
Maryam
Ta Ha
Al-Anbiyaa
Al-Hajj
Al-Muuminun
An-Nur
Al-Furqan
Ash-Shuaraa
An-Naml
Al-Qasas
Al-Ankabuut
Ar-Rum
Luqman
As-Sajdah
Al-Ahzab
Saba
Fatir
Yasyn
As-Saaffat
Sad
Az-Zumar
Al-Muumin
Ha-Mym-Sajdah
Ash-Shuura
Az-Zukhruf
Ad-Dukhan
Al-Jathiyah
Al-Ahqaf
Muhammad
Al-Fat-H
Al-Hujurat
Qaf
Adh-Dhaariyat
At-Tur
An-Najm
Al-Qamar
Ar-Rahman
Al-Waqiah
Al-Hadyd
Al-Mujadilah
Al-Hashr
Al-Mumtahinah
As-Saff
Al-Jumua
Al-Munaafiqun
At-Taghaabun
At-Talaq
At-Tahrym
Al-Mulk
Al-Qalam
Al-Haqqah
Al-Ma'arij
Nuh
Al-Jinn
Al-Muzzammil
Al-Muddaththir
Al-Qiyama
Ad-Dahr
Al-Mursalat
An-Nabaa
An-Naziat
Abasa
At-Takwyr
Al-Infitar
Al-Mutaffifyn
Al-Inshiqaq
Al-Buruj
At-Tariq
Al-A’laa
Al-Ghashiyah
Al-Fajr
Al-Balad
Ash-Shams
Al-Layl
Adh-Dhuhaa
Alam-Nashrah
At-Tyn
Al-Alaq
Al-Qadr
Al-Bayyinah
Az-Zilzal
Al-Aadiyat
Al-Qariah
At-Takaathur
Al-Asr
Al-Humazah
Al-Fyl
Quraysh
Al-Maun
Al-Kawthar
Al-Kafirun
An-Nasr
Al-Lahab
Al-Ikhlas
Al-Falaq
An-Naas
Select an option
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
Select an option
العربية
বাংলা
English
русский
Kiswahili
Kurdî
اردو
Arabic Tanweer Tafseer
واذ اخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون انفسكم من دياركم ثم اقررتم وانتم تشهدون ٨٤
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَـٰقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ٨٤
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
(ص-٥٨٥)﴿وإذْ أخَذْنا مِيثاقَكم لا تَسْفِكُونَ دِماءَكم ولا تُخْرِجُونَ أنْفُسَكم مِن دِيارِكم ثُمَّ أقْرَرْتُمْ وأنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ ﴿ثُمَّ أنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أنْفُسَكم وتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنكم مِن دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثْمِ والعُدْوانِ﴾ [البقرة: ٨٥] تَفَنَّنَ الخِطابُ هُنا فَجاءَ عَلى نَسَقِ ما قَبْلَ الآيَةِ السّابِقَةِ إذْ عَبَّرَ هُنا عَنْ جَمِيعِ بَنِي إسْرائِيلَ بِضَمِيرِ الخِطابِ عَلى طَرِيقِ التَّغْلِيبِ لِأنَّ المُخاطَبِينَ حِينَ نُزُولِ القِراءاتِ هُمُ المَقْصُودُونَ مِن هَذِهِ المَوْعِظَةِ أوْ عَلى طَرِيقِ تَنْزِيلِ الخَلَفِ مَنزِلَةَ السَّلَفِ، كَما تَقَدَّمَ لِأنَّ الدّاعِيَ لِلْإظْهارِ عِنْدَ الِانْتِقالِ مِنَ الِاسْتِطْرادِ إلى بَقِيَّةِ المَقْصُودِ في الآيَةِ السّابِقَةِ قَدْ أخَذَ ما يَقْتَضِيهِ فَعادَ أُسْلُوبُ الخِطابِ إلى ما كانَ عَلَيْهِ. والقَوْلُ في ﴿لا تَسْفِكُونَ﴾ كالقَوْلِ في ﴿لا تَعْبُدُونَ إلّا اللَّهَ﴾ [البقرة: ٨٣] والسَّفْكُ الصَّبُّ وإضافَةُ الدِّماءِ إلى ضَمِيرِ فاعِلِ ”تَسْفِكُونَ“ اقْتَضَتْ أنَّ مَفْعُولَ ”تَسْفِكُونَ“ هو دِماءُ السّافِكِينَ ولَيْسَ المُرادُ النَّهْيَ عَنْ أنْ يَسْفِكَ الإنْسانُ دَمَ نَفْسِهِ أوْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِن دارِهِ لِأنَّ مِثْلَ هَذا مِمّا يَزَعُ المَرْءَ عَنْهُ وازِعُهُ الطَّبِيعِيُّ؛ فَلَيْسَ مِن شَأْنِ الشَّرِيعَةِ الِاهْتِمامُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ. وإنَّما المُرادُ أنْ لا يَسْفِكَ أحَدٌ دَمَ غَيْرِهِ ولا يُخْرِجَ غَيْرَهُ مِن دارِهِ عَلى حَدِّ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ [النور: ٦١] أيْ فَلْيُسَلِّمْ بَعْضُكم عَلى بَعْضٍ. فَوَجْهُ إضافَةِ الدِّماءِ إلى ضَمِيرِ السّافِكِينَ أنَّ هَذِهِ الأحْكامَ المُتَعَلِّقَةَ بِالأُمَّةِ أوِ القَبِيلَةِ يَكُونُ مَدْلُولُ الضَّمائِرِ فِيها مَجْمُوعَ النّاسِ، فَإذا تَعَلَّقَتْ أحْكامٌ بِتِلْكَ الضَّمائِرِ مِن إسْنادٍ أوْ مَفْعُولِيَّةٍ أوْ إضافَةٍ أُرْجِعَ كُلٌّ إلى ما يُناسِبُهُ عَلى طَرِيقَةِ التَّوْزِيعِ وهَذا كَثِيرٌ في اسْتِعْمالِ القُرْآنِ ونُكْتَتُهُ الإشارَةُ إلى أنَّ المُغايَرَةَ في حُقُوقِ أفْرادِ الأُمَّةِ مُغايَرَةٌ صُورِيَّةٌ وأنَّها راجِعَةٌ إلى شَيْءٍ واحِدٍ وهو المَصْلَحَةُ الجامِعَةُ أوِ المَفْسَدَةُ الجامِعَةُ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿لا تَأْكُلُوا أمْوالَكم بَيْنَكم بِالباطِلِ﴾ [النساء: ٢٩] ومِن هَذا القَبِيلِ قَوْلُ الحَماسِيِّ الحارِثِ بْنِ وعْلَةَ الذُّهْلِيِّ: قَوْمِي هُمُ قَتَلُوا أُمَيْمَ أخِي فَإذا رَمَيْتُ يُصِيبُنِي سَهْمِي ∗∗∗ فَلَئِنْ عَفَوْتُ لَأعْفُوَنَّ جَلَلاوَلَئِنْ سَطَوْتُ لَأُوهِنَنَّ عَظْمِي يُرِيدُ أنَّ سَهْمَهُ إذا أصابَ قَوْمَهُ فَقَدْ أضَرَّ بِنَفْسِهِ وإلى هَذا الوَجْهِ أشارَ ابْنُ عَطِيَّةَ وسَمّاهُ اللَّفَّ في القَوْلِ. أيِ الإجْمالُ المُرادُ بِهِ التَّوْزِيعُ، وذَهَبَ صاحِبُ الكَشّافِ إلى أنَّهُ مِن تَشْبِيهِ الغَيْرِ بِالنَّفْسِ لِشِدَّةِ اتِّصالِ الغَيْرِ بِالنَّفْسِ في الأصْلِ أوِ الدِّينِ فَإذا قَتَلَ المُتَّصِلَ بِهِ نَسَبًا أوْ دِينًا (ص-٥٨٦)فَكَأنَّما قَتَلَ نَفْسَهُ وهو قَرِيبٌ مِنَ الأوَّلِ ومَبْناهُ عَلى المَجازِ في الضَّمِيرِ المُضافِ إلَيْهِ في قَوْلِهِ دِماءَكم وأنْفُسَكم وقِيلَ إنَّ المَعْنى لا تَسْفِكُونَ دِماءَكم بِالتَّسَبُّبِ في قَتْلِ الغَيْرِ فَيُقْتَصُّ مِنكم ولا تُخْرِجُونَ أنْفُسَكم مِن دِيارِكم بِالجِنايَةِ عَلى الغَيْرِ فَتُنْفَوْا مِن دِيارِكم، وهَذا مَبْنِيٌّ عَلى المَجازِ التَّبَعِيِّ في تَسْفِكُونَ وتُخْرِجُونَ بِعَلاقَةِ التَّسَبُّبِ. وأشارَتْ هَذِهِ الآيَةُ إلى وصِيَّتَيْنِ مِنَ الوَصايا الإلَهِيَّةِ الواقِعَةِ في العَهْدِ المَعْرُوفِ بِالكَلِماتِ العَشْرِ المُنَزَّلَةِ عَلى مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ مِن قَوْلِهِ ”لا تَقْتُلْ، لا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ“ فَإنَّ النَّهْيَ عَنْ شَهْوَةِ بَيْتِ القَرِيبِ لِقَصْدِ سَدِّ ذَرِيعَةِ السَّعْيِ في اغْتِصابِهِ مِنهُ بِفَحْوى الخِطابِ. وعَلَيْهِ فَإضافَةُ مِيثاقٍ إلى ضَمِيرِ المُخاطَبِينَ مُراعًى فِيها أنَّهم لَمّا كانُوا مُتَدَيِّنِينَ بِشَرِيعَةِ التَّوْراةِ فَقَدِ التَزَمُوا بِجَمِيعِ ما تَحْتَوِي عَلَيْهِ. وقَوْلُهُ ﴿ثُمَّ أقْرَرْتُمْ وأنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ مُرَتَّبٌ تَرْتِيبًا رُتَبِيًّا أيْ أخَذَ عَلَيْكُمُ العَهْدَ وأقْرَرْتُمُوهُ أيْ عَمِلْتُمْ بِهِ وشَهِدْتُمْ عَلَيْهِ فالضَّمِيرانِ في ﴿أقْرَرْتُمْ وأنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ راجِعانِ لِما رَجَعَ لَهُ ضَمِيرُ مِيثاقِكم وما بَعْدَهُ لِتَكُونَ الضَّمائِرُ عَلى سَنَنٍ واحِدٍ في النَّظْمِ وجُمْلَةُ ﴿وأنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ حالِيَّةٌ أيْ لا تُنْكِرُونَ إقْرارَكم بِذَلِكَ إذْ قَدْ تَقَلَّدْتُمُوهُ والتَزَمْتُمُ التَّدَيُّنَ بِهِ. والعَطْفُ بِثُمَّ في قَوْلِهِ ﴿ثُمَّ أنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٥] لِلتَّرْتِيبِ الرُّتَبِيِّ؛ أيْ وقَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ وأنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ. والخِطابُ لِلْيَهُودِ الحاضِرِينَ في وقْتِ نُزُولِ القُرْآنِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ هَؤُلاءِ لِأنَّ الإشارَةَ لا تَكُونُ إلى غائِبٍ وذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِهِمْ ”ها أنا ذا وها أنْتُمْ أُولاءِ“؛ فَلَيْسَتْ زِيادَةُ اسْمِ الإشارَةِ إلّا لِتَعْيِينِ مَفادِ الضَّمِيرِ وهَذا اسْتِعْمالٌ عَرَبِيٌّ يَخْتَصُّ غالِبًا بِمَقامِ التَّعَجُّبِ مِن حالِ المُخاطَبِ وذَلِكَ لِأنَّ أصْلَ الإخْبارِ أنْ يَكُونَ بَيْنَ المُخْبِرِ والمُخْبَرِ عَنْهُ تَخالُفٌ في المَفْهُومِ واتِّحادٌ في الصِّدْقِ في الخارِجِ وهو المَعْرُوفُ عِنْدَ المَناطِقَةِ بِحِمْلِ الِاشْتِقاقِ نَحْوَ أنْتَ صادِقٌ. ولِذَلِكَ لَزِمَ اخْتِلافُ المُسْنَدِ والمُسْنَدِ إلَيْهِ بِالجُمُودِ والِاشْتِقاقِ غالِبًا أوِ الِاتِّحادِ في الِاشْتِقاقِ ولا تَجِدُهُما جامِدَيْنِ إلّا بِتَأْوِيلٍ. ثُمَّ إنَّ العَرَبَ قَدْ تَقْصِدُ مِنَ الإخْبارِ مَعْنى مُصادَفَةِ المُتَكَلِّمِ الشَّيْءَ عَيْنَ شَيْءٍ يَبْحَثُ عَنْهُ في نَفْسِهِ نَحْوَ (أنْتَ أبا جَهْلٍ) قالَهُ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ يَوْمَ بَدْرٍ إذْ وجَدَهُ مُثْخَنًا بِالجِراحِ صَرِيعًا. ومُصادَفَةُ المُخاطَبِ ذَلِكَ في اعْتِقادِ المُتَكَلِّمِ نَحْوَ ﴿قالَ أنا يُوسُفُ وهَذا أخِي﴾ [يوسف: ٩٠] . فَإذا أرادُوا ذَلِكَ تَوَسَّعُوا في طَرِيقَةِ الإخْبارِ فَمِن أجْلِ ذَلِكَ صَحَّ أنْ يُقالَ (أنا ذَلِكَ) إذا كانَتِ الإشارَةُ (ص-٥٨٧)إلى مُتَقَرِّرٍ في ذِهْنِ السّامِعِ وهو لا يَعْلَمُ أنَّهُ عَيْنُ المُسْنَدِ إلَيْهِ كَقَوْلِ خُفافِ بْنِ نُدْبَةَ: ؎تَأمَّلْ خُفافًا إنَّنِي أنا ذَلِكا وقَوْلُ طَرِيفٍ العَنْبَرِيِّ ؎فَتَوَسَّمُونِي إنَّنِي أنا ذالِكُمْ . وأوْسَعُ مِنهُ عِنْدَهم نَحْوَ قَوْلِ أبِي النَّجْمِ ؎أنا أبُو النَّجْمِ وشِعْرِي شِعْرِي ثُمَّ إذا أرادُوا العِنايَةَ بِتَحْقِيقِ هَذا الِاتِّحادِ جاءُوا بِ (ها) التَّنْبِيهِ فَقالُوا ها أنا ذا يَقُولُهُ المُتَكَلِّمُ لِمَن قَدْ يَشُكُّ أنَّهُ هو نَحْوَ قَوْلِ الشّاعِرِ: ؎إنَّ الفَتى مَن يَقُولُ ها أنا ذا . فَإذا كانَ السَّبَبُ الَّذِي صَحَّحَ الأخْبارَ مَعْلُومًا اقْتَصَرَ المُتَكَلِّمُ عَلى ذَلِكَ وإلّا اتَّبَعَ مِثْلَ ذَلِكَ التَّرْكِيبِ بِجُمْلَةٍ تَدُلُّ عَلى الحالِ الَّتِي اقْتَضَتْ ذَلِكَ الإخْبارَ ولَهم في ذَلِكَ مَراتِبُ: الأُولى ﴿ثُمَّ أنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ﴾ [البقرة: ٨٥] الثّانِيَةُ ﴿ها أنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ﴾ [آل عمران: ١١٩] ومِنهُ ها أنا ذا لَدَيْكُما قالَهُ أُمَيَّةُ بْنُ أبِي الصَّلْتِ. الثّالِثَةُ ﴿ها أنْتُمْ هَؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهم في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ [النساء: ١٠٩] ويُسْتَفادُ مَعْنى التَّعَجُّبِ في أكْثَرِ مَواقِعِهِ مِنَ القَرِينَةِ كَما تَقُولُ لِمَن وجَدْتَهُ حاضِرًا وكُنْتَ لا تَتَرَقَّبُ حُضُورَهُ ”ها أنْتَ ذا“، أوْ مِنَ الجُمْلَةِ المَذْكُورَةِ بَعْدَهُ إذا كانَ مَفادُها عَجِيبًا كَما رَأيْتَ في الأمْثِلَةِ. والأظْهَرُ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ واسْمُ الإشارَةِ مُبْتَدَأً وخَبَرًا والجُمْلَةُ بَعْدَهُما حالًا، وقِيلَ هي مُسْتَأْنِفَةٌ لِبَيانِ مَنشَأِ التَّعَجُّبِ وقِيلَ الجُمْلَةُ هي الخَبَرُ واسْمُ الإشارَةِ مُنادى مُعْتَرِضٌ ومَنَعَهُ سِيبَوَيْهِ وقِيلَ اسْمُ الإشارَةِ مَنصُوبٌ عَلى الِاخْتِصاصِ وهَذا ضَعِيفٌ. وعَلى الخِلافِ في مَوْقِعِ الجُمْلَةِ اخْتُلِفَ فِيما لَوْ أتى بَعْدَها أنْتَ ذا ونَحْوُهُ بِمُفْرَدٍ فَقِيلَ يَكُونُ مَنصُوبًا عَلى الحالِ وقِيلَ مَرْفُوعًا عَلى الخَبَرِ ولَمْ يُسْمَعْ مِنَ العَرَبِ إلّا مِثالٌ أنْشَدَهُ النُّحاةُ وهو قَوْلُهُ ؎أبا حَكَمٍ ها أنْتَ نَجْمُ مُجالِدٍ ولِأجْلِ ذَلِكَ جاءَ ابْنُ مالِكٍ في خُطْبَةِ التَّسْهِيلِ بِقَوْلِهِ ”وها أنا ساعٍ فِيما انْتُدِبْتُ إلَيْهِ“ . وجاءَ (ص-٥٨٨)ابْنُ هِشامٍ في خُطْبَةِ المُغْنِي بِقَوْلِهِ ”وها أنا مُبِيحٌ بِما أسْرَرْتُهُ“ . واخْتَلَفَ النُّحاةُ أيْضًا في أنَّ وُقُوعَ الضَّمِيرِ بَعْدَ (ها) التَّنْبِيهِ هَلْ يَتَعَيَّنُ أنْ يَعْقُبَهُ اسْمُ الإشارَةِ فَقالَ في التَّسْهِيلِ: هو غالِبٌ لا لازِمٌ. وقالَ ابْنُ هِشامٍ: هو لازِمٌ صَرَّحَ بِهِ في حَواشِي التَّسْهِيلِ بِنَقْلِ الدَّمامِينِيِّ في الحَواشِي المِصْرِيَّةِ في الخُطْبَةِ وفي الهاءِ المُفْرَدَةِ. وقالَ الرَّضِيُّ: إنَّ دُخُولَ (ها) التَّنْبِيهِ في الحَقِيقَةِ إنَّما هو عَلى اسْمِ الإشارَةِ عَلى ما هو المَعْرُوفُ في قَوْلِهِمْ هَذا وإنَّما يُفْصَلُ بَيْنَها وبَيْنَ اسْمِ الإشارَةِ بِفاصِلٍ فَمِنهُ الضَّمِيرُ المَرْفُوعُ المُنْفَصِلُ كَما رَأيْتَ ومِنهُ القَسَمُ نَحْوَ قَوْلِ الشّاعِرِ مِن شَواهِدِ الرَّضِيِّ: ؎تَعَلَّمَن ها لَعَمْرُ اللَّهِ ذا قَسَما ∗∗∗ فاقْدِرْ بِذَرْعِكَ فانْظُرْ أيْنَ تَنْسَلِكُ وشَذَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِ النّابِغَةِ: ؎ها إنَّ تا عَذِرَةَ إنْ لا تَكُنْ نَفَعَتْ ∗∗∗ فَإنَّ صاحِبَها قَدْ تاهَ في البَلَدِ وقَوْلُهُ تَقْتُلُونَ حالٌ أوْ خَبَرٌ، وعَبَّرَ بِالمُضارِعِ لِقَصْدِ الدِّلالَةِ عَلى التَّجَدُّدِ وأنَّ ذَلِكَ مِن شَأْنِكم وكَذَلِكَ قَوْلُهُ﴿تُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنكُمْ﴾ [البقرة: ٨٥] وجَعَلَ في الكَشّافِ المَقْصُودَ بِالخِطاباتِ كُلِّها في هَذِهِ الآيَةِ مُرادًا بِهِ أسْلافُ الحاضِرِينَ وجَعَلَ قَوْلَهُ ﴿ثُمَّ أنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ﴾ [البقرة: ٨٥] مَعَ إشْعارِهِ بِمُغايَرَةِ المُشارِ إلَيْهِمْ لِلَّذِينَ وُجِّهَ إلَيْهِمُ الخِطابُ مُرادًا مِنهُ مُغايَرَةٌ تَنْزِيلِيَّةٌ لِتَغَيُّرِ صِفاتِ المُخاطَبِ الواحِدِ وذَلِكَ تَكَلُّفٌ ساقَهُ إلَيْهِ مَحَبَّةُ جَعْلِ الخِطاباتِ في هَذِهِ الآيَةِ مُوافِقَةً لِلْخِطاباتِ الَّتِي في الآيِ قَبْلَها وقَدْ عَلِمْتَ أنَّهُ غَيْرُ لازِمٍ وأنَّ المُغايَرَةَ مَقْصُودَةٌ هُنا وقَدِ اسْتَقامَتْ فَلا داعِي إلى التَّكَلُّفِ. وقَدْ أشارَتْ هَذِهِ الآيَةُ إلى ما حَدَثَ بَيْنَ اليَهُودِ مِنَ التَّخاذُلِ وإهْمالِ ما أمَرَتْهم بِهِ شَرِيعَتُهم. والأظْهَرُ أنَّ المَقْصُودَ يَهُودُ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ وقَيْنُقاعَ. وأرادَ مِن ذَلِكَ بِخاصَّةٍ ما حَدَثَ بَيْنَهم في حُرُوبِ بُعاثَ القائِمَةِ بَيْنَ الأوْسِ والخَزْرَجِ وذَلِكَ أنَّهُ لَمّا (ص-٥٨٩)تَقاتَلَ الأوْسُ والخَزْرَجُ اعْتَزَلَ اليَهُودُ الفَرِيقَيْنِ زَمَنًا طَوِيلًا والأوْسُ مَغْلُوبُونَ في سائِرِ أيّامِ القِتالِ فَدَبَّرَ الأوْسُ أنْ يَخْرُجُوا يَسْعَوْنَ لِمُحالَفَةِ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ فَلَمّا عَلِمَ الخَزْرَجُ تَوَعَّدُوا اليَهُودَ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَقالُوا لَهم إنّا لا نُحالِفُ الأوْسَ ولا نُحالِفُكم فَطَلَبَ الخَزْرَجُ عَلى اليَهُودِ رَهائِنَ أرْبَعِينَ غُلامًا مِن غِلْمانِ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ فَسَلَّمُوهم لَهم. ثُمَّ إنَّ عَمْرَو بْنَ النُّعْمانِ البَياضِيَّ الخَزْرَجِيَّ أطْمَعَ قَوْمَهُ أنْ يَتَحَوَّلُوا لِقُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ لِحُسْنِ أرْضِهِمْ ونَخْلِهِمْ وأرْسَلَ إلى قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ يَقُولُ لَهم إمّا أنْ تُخَلُّوا لَنا دِيارَكم وإمّا أنْ نَقْتُلَ الرَّهائِنَ فَخَشِيَ القَوْمُ عَلى رَهائِنِهِمْ واسْتَشارُوا كَعْبَ بْنَ أُسَيْدٍ القُرَظِيَّ فَقالَ لَهم يا قَوْمُ امْنَعُوا دِيارَكم وخَلُّوهُ يَقْتُلِ الغِلْمانَ فَما هي إلّا لَيْلَةٌ يُصِيبُ أحَدُكم فِيها امْرَأتَهُ حَتّى يُولَدَ لَهُ مِثْلُ أحَدِكم فَلَمّا أجابَتْ قُرَيْظَةُ والنَّضِيرُ عَمْرًا بِأنَّهم يَمْنَعُونَ دِيارَهم عَدا عَمْرٌو عَلى الغِلْمانِ فَقَتَلَهم فَلِذَلِكَ تَحالَفَتْ قُرَيْظَةُ والنَّضِيرُ مَعَ الأوْسِ فَسَعى الخَزْرَجُ في مُحالَفَةِ بَنِي قَيْنُقاعَ مِنَ اليَهُودِ وبِذَلِكَ نَشَأ قِتالٌ بَيْنَ فِرَقِ اليَهُودِ وكانَ بَيْنَهم يَوْمَ بُعاثٍ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِخَمْسِ سِنِينَ فَكانَتِ اليَهُودُ تَتَقاتَلُ وتُجْلِي المَغْلُوبِينَ مِن دِيارِهِمْ وتَأْسِرُهم، ثُمَّ لَمّا ارْتَفَعَتِ الحَرْبُ جَمَعُوا مالًا وفَدَوْا بِهِ أسْرى اليَهُودِ الواقِعِينَ في أسْرِ أحْلافِ أحَدِ الفَرِيقَيْنِ مِنَ الأوْسِ أوِ الخَزْرَجِ فَعَيَّرَتِ العَرَبُ اليَهُودَ بِذَلِكَ وقالَتْ كَيْفَ تُقاتِلُونَهم ثُمَّ تَفْدُونَهم بِأمْوالِكم فَقالُوا قَدْ حُرِّمَ عَلَيْنا قِتالُهم ولَكِنّا نَسْتَحِي أنْ نَخْذُلَ حُلَفاءَنا وقَدْ أُمِرْنا أنْ نَفْدِيَ الأسْرى فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى ﴿وإنْ يَأْتُوكم أُسارى تُفادُوهم وهو مُحَرَّمٌ عَلَيْكم إخْراجُهُمْ﴾ [البقرة: ٨٥]
Aya Iliyotangulia
Aya Inayofuata