والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيية اولايك لهم عقبى الدار ٢٢
وَٱلَّذِينَ صَبَرُوا۟ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ سِرًّۭا وَعَلَانِيَةًۭ وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُو۟لَـٰٓئِكَ لَهُمْ عُقْبَى ٱلدَّارِ ٢٢
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
ثم أضاف - سبحانه - إلى الصفات السابقة لأولى الألباب صفات أخرى حميدة فقال : ( وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابتغاء وَجْهِ رَبِّهِمْ ) أى : أن من صفاتهم أنهم صبروا على طاعة الله ، وصبروا عن معصيته ، وصبروا على المصائب وآلامها ، صبرا غايته رضا ربهم وخالقهم ، لا رضا أحد سواء .أى : أن صبرهم فى كل مجال يحمد فيه الصبر لم يكن من أجل الرياء أو المباهاة أو المجاملة أو غير ذلك ، وإنما كان صبرهم من أجل رضا الله - تعالى - وطلب ثوابه .وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله : ( وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ) فيما يصبر عليه من المصائب فى النفوس والأموال ومشاق التكليف ( ابتغاء وَجْهِ رَبِّهِمْ ) لا ليقال ما أصبره وأحمله للنوازل ، وأوقره عند الزلازل ، ولا لئلا يعاب بالجزع ، ولئلا يشمت به الاعداء ، كقوله :وتجلدى للشامتين أريهم ... أنى لريب الدهر لا أتزعزعولا لأنه لا طائل تحت الهلع ، ولا مرد فيه للفائت .وكل عمل له وجوه يعمل عليها ، فعلى المؤمن أن ينوى منها ما به كان حسنا عند الله - تعالى - وإلا لم يستحق به ثوابا؛ وكان فعلا كلا فعل .( وَأَقَامُواْ الصلاة ) أى : أدوها فى أوقاتها كاملة الأركان والسنن والأذكار ، بخشوع وإخلاص . ( وَأَنْفَقُواْ ) بسخاء وطيب نفس ( مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ) أى : مما أعطيناهم من عطائنا الواسع العميم . ( سِرّاً وَعَلاَنِيَةً ) أى : ينفقون مما رزقناهم سرا . حيث يحسن السر ، كإعطاء من لم يتعود الأخذ من غيره ، وينفقون ( علانية ) حيث تحسن العلانية ، كأن ينفقوا بسخاء فى مجال التنافس فى الخير ، ليقتدى بهم غيرهم ( وَيَدْرَءُونَ بالحسنة السيئة ) والدرء : الدفع والطرد . يقال : درأه درءاً ، إذا دفعه .أى : أن من صفات أولى الألباب - أيضا - أنهم يدفعون بالعمل الصالح العمل السئ ، كما فى قوله - صلى الله عليه وسلم - " وأتبع السيئة الحسنة تمحها " أو أنهم يدعفون سيئة من أساء إليهم بالإِحسان إليه ، أو بالعفو عنه ، متى كان هذا الإِحسان أو العفو لا يؤدى إلى مفسدة .قال صاحب الظلال ما ملخصه : " وفى الآية إشارة خفية إلى مقابلة السيئة بالحسنة ، عندما يكون فى هذا درء السيئة ودفعها لا إطماعها واستعلاؤها ، فأما حين تحتاج السيئة إلى القمع ، ويحتاج الشر إلى الدفع ، فلا مكان لمقابلتهما بالحسنة ، لئلا ينتفش الشر ويتجرأ ويستعلى .ودرء السيئة بالحسنة يكون غالبا فى المعاملة الشخصية بين المتماثلين فأما فى دين الله فلا .إن المستعملى الغاشم لا يجدى معه إلى الدفع الصارم ، والمفسدون فى الأرض لا يجدى معهم إلا الأخذ الحاسم ، والتوجيهات القرآنية متروكة لتدبر المواقف ، واستشارة الألباب ، والتصرف بما يرجح أنه الخير والصواب . "وجملة ( أولئك لَهُمْ عقبى الدار ) بيان الجزاء الحسن ، الذى أعده الله - تعالى - لهؤلاء الأخيار .والعقبى : مصدر كالعاقبة ، وهى الشئ الذى يقع عقب شئ آخر .والمراد بالدار : الدنيا . وعقباها الجنة . وقيل المراد بالدار : الدار الآخرة . وعقباها الجنة للطائعين ، والنار للعاصين .أى : أولئك الموصوفون بتلك الصفات الكريمة ، لهم العاقبة الحسنة وهى الجنة . والجملة الكريمة خبر عن ( الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله . . . ) وما عطف عليها .