Aanmelden
Instellingen
Select an option
Al-Fatihah
Al-Baqarah
Ali 'Imran
An-Nisa
Al-Ma'idah
Al-An'am
Al-A'raf
Al-Anfal
At-Tawbah
Yunus
Hud
Yusuf
Ar-Ra'd
Ibrahim
Al-Hijr
An-Nahl
Al-Isra
Al-Kahf
Maryam
Taha
Al-Anbya
Al-Hajj
Al-Mu'minun
An-Nur
Al-Furqan
Ash-Shu'ara
An-Naml
Al-Qasas
Al-'Ankabut
Ar-Rum
Luqman
As-Sajdah
Al-Ahzab
Saba
Fatir
Ya-Sin
As-Saffat
Sad
Az-Zumar
Ghafir
Fussilat
Ash-Shuraa
Az-Zukhruf
Ad-Dukhan
Al-Jathiyah
Al-Ahqaf
Muhammad
Al-Fath
Al-Hujurat
Qaf
Adh-Dhariyat
At-Tur
An-Najm
Al-Qamar
Ar-Rahman
Al-Waqi'ah
Al-Hadid
Al-Mujadila
Al-Hashr
Al-Mumtahanah
As-Saf
Al-Jumu'ah
Al-Munafiqun
At-Taghabun
At-Talaq
At-Tahrim
Al-Mulk
Al-Qalam
Al-Haqqah
Al-Ma'arij
Nuh
Al-Jinn
Al-Muzzammil
Al-Muddaththir
Al-Qiyamah
Al-Insan
Al-Mursalat
An-Naba
An-Nazi'at
'Abasa
At-Takwir
Al-Infitar
Al-Mutaffifin
Al-Inshiqaq
Al-Buruj
At-Tariq
Al-A'la
Al-Ghashiyah
Al-Fajr
Al-Balad
Ash-Shams
Al-Layl
Ad-Duhaa
Ash-Sharh
At-Tin
Al-'Alaq
Al-Qadr
Al-Bayyinah
Az-Zalzalah
Al-'Adiyat
Al-Qari'ah
At-Takathur
Al-'Asr
Al-Humazah
Al-Fil
Quraysh
Al-Ma'un
Al-Kawthar
Al-Kafirun
An-Nasr
Al-Masad
Al-Ikhlas
Al-Falaq
An-Nas
Select an option
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
Select an option
العربية
বাংলা
English
русский
Kiswahili
Kurdî
اردو
Arabic Tanweer Tafseer
في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون ١٠
فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌۭ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضًۭا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۢ بِمَا كَانُوا۟ يَكْذِبُونَ ١٠
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
﴿في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ﴾ اسْتِئْنافٌ مَحْضٌ لِعَدِّ مَساوِيهِمْ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ بَيانِيًّا لِجَوابِ سُؤالِ مُتَعَجِّبٍ ناشِئٍ عَنْ سَماعِ الأحْوالِ الَّتِي وُصِفُوا بِها قَبْلُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُخادِعُونَ اللَّهَ والَّذِينَ آمَنُوا وما يُخادِعُونَ إلّا أنْفُسَهم وما يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ٩] فَإنَّ مَن يَسْمَعُ أنَّ طائِفَةً تُخادِعُ اللَّهَ تَعالى وتُخادِعُ قَوْمًا عَدِيدِينَ وتَطْمَعُ أنَّ خِداعَها يَتَمَشّى عَلَيْهِمْ ثُمَّ لا تَشْعُرُ بِأنَّ ضَرَرَ الخِداعِ لاحِقٌ بِها لَطائِفَةٌ جَدِيرَةٌ بِأنْ يَتَعَجَّبَ مِن أمْرِها المُتَعَجِّبُ ويَتَساءَلَ كَيْفَ خَطَرَ هَذا بِخَواطِرِها فَكانَ قَوْلُهُ ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ بَيانًا وهو أنَّ في قُلُوبِهِمْ خَلَلًا تَزايَدَ إلى أنْ بَلَغَ حَدَّ الأفَنِ. (ص-٢٧٩)ولِهَذا قَدَّمَ الظَّرْفَ وهو في قُلُوبِهِمْ لِلِاهْتِمامِ لِأنَّ القُلُوبَ هي مَحَلُّ الفِكْرَةِ في الخِداعِ فَلَمّا كانَ المَسْئُولُ عَنْهُ هو مُتَعَلِّقُها وأثَرُها كانَ هو المُهْتَمَّ بِهِ في الجَوابِ. وتَنْوِينُ مَرَضٍ لِلتَّعْظِيمِ. وأطْلَقَ القُلُوبَ هُنا عَلى مَحَلِّ التَّفْكِيرِ كَما تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ [البقرة: ٧] والمَرَضُ حَقِيقَةٌ في عارِضٍ لِلْمَزاجِ يُخْرِجُهُ عَنِ الِاعْتِدالِ الخاصِّ بِنَوْعِ ذَلِكَ الجِسْمِ خُرُوجًا غَيْرَ تامٍّ وبِمِقْدارِ الخُرُوجِ يَشْتَدُّ الألَمُ فَإنْ تَمَّ الخُرُوجُ فَهو المَوْتُ. وهو مَجازٌ في الأعْراضِ النَّفْسانِيَّةِ العارِضَةِ لِلْأخْلاقِ البَشَرِيَّةِ عُرُوضًا يُخْرِجُها عَنْ كَمالِها، وإطْلاقُ المَرَضِ عَلى هَذا شائِعٌ مَشْهُورٌ في كَلامِ العَرَبِ، وتَدْبِيرُ المِزاجِ لِإزالَةِ هَذا العارِضِ والرُّجُوعِ بِهِ إلى اعْتِدالِهِ هو الطِّبُّ الحَقِيقِيُّ ومَجازِيٌّ كَذَلِكَ قالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ المُلَقَّبُ بِالفَحْلِ: ؎فَإنْ تَسْألُونِي بِالنِّساءِ فَإنَّنِي خَبِيرٌ بِأدْواءِ النِّساءِ طَبِيبُ فَذَكَرَ الأدْواءَ والطِّبَّ لِفَسادِ الأخْلاقِ وإصْلاحِها. والمُرادُ بِالمَرَضِ في هاتِهِ الآيَةِ هو مَعْناهُ المَجازِيُّ لا مَحالَةَ لِأنَّهُ هو الَّذِي اتَّصَفَ بِهِ المُنافِقُونَ وهو المَقْصُودُ مِن مَذَمَّتِهِمْ وبَيانِ مَنشَأِ مُساوِي أعْمالِهِمْ. ومَعْنى ﴿فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ أنَّ تِلْكَ الأخْلاقَ الذَّمِيمِيَّةَ النّاشِئَةَ عَنِ النِّفاقِ والمُلازَمَةِ لَهُ كانَتْ تَتَزايَدُ فِيهِمْ بِتَزايُدِ الأيّامِ لِأنَّ مِن شَأْنِ الأخْلاقِ إذا تَمَكَّنَتْ أنْ تَتَزايَدَ بِتَزايُدِ الأيّامِ حَتّى تَصِيرَ مَلِكاتٍ كَما قالَ المَعْلُوطُ القُرَيْعِيُّ: ؎ورَجِّ الفَتى لِلْخَيْرِ ما إنْ رَأيْتَهُ ∗∗∗ عَلى السِّنِّ خَيْرًا لا يَزالُ يَزِيدُ وكَذَلِكَ القَوْلُ في الشَّرِّ ولِذَلِكَ قِيلَ: مَن لَمْ يَتَحَلَّمْ في الصِّغَرِ لا يَتَحَلَّمْ في الكِبَرِ وقالَ النّابِغَةُ يَهْجُو عامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ: ؎فَإنَّكَ سَوْفَ تَحْلُمُ أوْ تَناهى ∗∗∗ إذا ما شِبْتَ أوْ شابَ الغُرابُ وإنَّما كانَ النِّفاقُ مُوجِبًا لِازْدِيادِ ما يُقارِنُهُ مِن سَيِّءِ الأخْلاقِ لِأنَّ النِّفاقَ يَسْتُرُ الأخْلاقَ الذَّمِيمَةَ فَتَكُونُ مَحْجُوبَةً عَنِ النّاصِحِينَ والمُرَبِّينَ والمُرْشِدِينَ وبِذَلِكَ تَتَأصَّلُ وتَتَوالَدُ إلى غَيْرِ حَدٍّ فالنِّفاقُ في كَتْمِهِ مَساوِئَ الأخْلاقِ بِمَنزِلَةِ كَتْمِ المَرِيضِ داءَهُ عَنِ الطَّبِيبِ، وإلَيْكَ بَيانُ ما يَنْشَأُ عَنِ النِّفاقِ مِنَ الأمْراضِ الأخْلاقِيَّةِ في الجَدْوَلِ المَذْكُورِ هُنا وأشَرْنا إلى ما يُشِيرُ إلى كُلِّ خُلُقٍ مِنها في الآياتِ الوارِدَةِ هُنا أوْ في آياتٍ أُخْرى في هَذا الجَدْوَلِ. (ص-٢٨٠)(ص-٢٨١)اعْلَمْ أنَّ هَذِهِ طِباعٌ تَنْشَأُ عَنِ النِّفاقِ أوْ تُقارِنُهُ مِن حَيْثُ هو ولا سِيَّما النِّفاقُ في الدِّينِ فَقَدْ نَبَّهَنا اللَّهُ تَعالى لِمَذامِّ ذَلِكَ تَعْلِيمًا وتَرْبِيَةً فَإنَّ النِّفاقَ يَعْتَمِدُ عَلى ثَلاثِ خِصالٍ وهي: الكَذِبُ القَوْلِيُّ، والكَذِبُ الفِعْلِيُّ وهو الخِداعُ، ويُقارِنُ ذَلِكَ الخَوْفَ لِأنَّ الكَذِبَ والخِداعَ إنَّما يَصْدُرانِ مِمَّنْ يَتَوَقّى إظْهارَ حَقِيقَةِ أمْرِهِ وذَلِكَ لا يَكُونُ إلّا لِخَوْفٍ ضُرٍّ أوْ لِخَوْفِ إخْفاقِ سَعْيٍ وكِلاهُما مُؤْذِنٌ بِقِلَّةِ الشَّجاعَةِ والثَّباتِ والثِّقَةِ بِالنَّفْسِ وبِحُسْنِ السُّلُوكِ، ثُمَّ إنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ مِن هاتِهِ الخِصالِ الثَّلاثِ الذَّمِيمَةِ تُوَكِّدُ هَنَواتٍ أُخْرى، فالكَذِبُ يَنْشَأُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ البَلَهِ لِأنَّ الكاذِبَ يَعْتَقِدُ أنَّ كَذِبَهُ يَتَمَشّى عِنْدَ النّاسِ وهَذا مِن قِلَّةِ الذَّكاءِ لِأنَّ النَّبِيهَ يَعْلَمُ أنَّ في النّاسِ مِثْلَهُ وخَيْرًا مِنهُ، ثُمَّ البَلَهُ يُؤَدِّي إلى الجَهْلِ بِالحَقائِقِ وبِمَراتِبِ العُقُولِ، ولِأنَّ الكَذِبَ يُعَوِّدُ فِكْرَ صاحِبِهِ بِالحَقائِقِ المُحَرَّفَةِ وتَشْتَبِهُ عَلَيْهِ مَعَ طُولِ الِاسْتِرْسالِ في ذَلِكَ حَتّى إنَّهُ رُبَّما اعْتَقَدَ ما اخْتَلَقَهُ واقِعًا، ويَنْشَأُ عَنِ الأمْرَيْنِ السَّفَهُ وهو خَلَلٌ في الرَّأْيِ وأفَنٌ في العَقْلِ، وقَدْ أصْبَحَ عُلَماءُ الأخْلاقِ والطِّبِّ يَعُدُّونَ الكَذِبَ مِن أمْراضِ الدِّماغِ. وأمّا نَشْأةُ العُجْبِ والغُرُورِ والكُفْرِ وفَسادِ الرَّأْيِ عَنِ الغَباوَةِ والجَهْلِ والسَّفَهِ فَظاهِرَةٌ، وكَذَلِكَ نَشْأةُ العُزْلَةِ والجُبْنِ والتَّسَتُّرِ عَنِ الخَوْفِ، وأمّا نَشْأةُ عَداوَةِ النّاسِ عَنِ الخِداعِ فَلِأنَّ عَداوَةَ الأضْدادِ تَبْدَأُ مِن شُعُورِهِمْ بِخِداعِهِ، وتَعْقُبُها عَداوَةُ الأصْحابِ لِأنَّهم إذا رَأوْا تَفَنُّنَ ذَلِكَ الصّاحِبِ في النِّفاقِ والخِداعِ داخَلَهُمُ الشَّكُّ أنْ يَكُونَ إخْلاصُهُ الَّذِي يُظْهِرُهُ لَهم هو مِنَ المُخادَعَةِ فَإذا حَصَلَتْ عَداوَةُ الفَرِيقَيْنِ تَصَدّى النّاسُ كُلُّهم لِلتَّوَقِّي مِنهُ والنِّكايَةِ بِهِ، وتَصَدّى هو لِلْمَكْرِ بِهِمْ والفَسادِ لِيَصِلَ إلى مَرامِهِ، فَرَمَتْهُ النّاسُ عَنْ قَوْسٍ واحِدَةٍ واجْتَنى مِن ذَلِكَ أنْ يَصِيرَ هُزْأةً لِلنّاسِ أجْمَعِينَ. وقَدْ رَأيْتُمْ أنَّ النّاشِئَ عَنْ مَرَضِ النِّفاقِ والزّائِدَ فِيهِ هو زِيادَةُ ذَلِكَ النّاشِئِ أيْ تَأصُّلُهُ وتَمَكُّنُهُ وتَوَلُّدُ مَذَمّاتٍ أُخْرى عَنْهُ، ولَعَلَّ تَنْكِيرَ مَرَضٍ في المَوْضِعَيْنِ أشْعَرَ بِهَذا فَإنَّ تَنْكِيرَ الأوَّلِ لِلْإشارَةِ إلى تَنْوِيعٍ أوْ تَكْثِيرٍ، وتَنْكِيرَ الثّانِي لِيُشِيرَ إلى أنَّ المَزِيدَ مَرَضٌ آخَرُ عَلى قاعِدَةِ إعادَةِ النَّكِرَةِ نَكِرَةً. وإنَّما أُسْنِدَتْ زِيادَةُ مَرَضِ قُلُوبِهِمْ إلى اللَّهِ تَعالى مَعَ أنَّ زِيادَةَ هاتِهِ الأمْراضِ القَلْبِيَّةِ مِن ذاتِها لِأنَّ اللَّهَ تَعالى لَمّا خَلَقَ هَذا التَّوَلُّدَ وأسْبابَهُ وكانَ أمْرًا خَفِيًّا نَبَّهَ النّاسَ عَلى خَطَرِ الِاسْتِرْسالِ في النَّوايا الخَبِيثَةِ والأعْمالِ المُنْكَرَةِ، وأنَّهُ مِن شَأْنِهِ أنْ يَزِيدَ تِلْكَ النَّوايا تَمَكُّنًا (ص-٢٨٢)مِنَ القَلْبِ فَيَعْسُرُ أوْ يَتَعَذَّرُ الإقْلاعُ عَنْها بَعْدَ تَمَكُّنِها، وأُسْنِدَتْ تِلْكَ الزِّيادَةُ إلى اسْمِهِ تَعالى لِأنَّ اللَّهَ تَعالى غَضِبَ عَلَيْهِمْ فَأهْمَلَهم وشَأْنَهم ولَمْ يَتَدارَكْهم بِلُطْفِهِ الَّذِي يُوقِظُهم مِن غَفَلاتِهِمْ لِيُنَبِّهَ المُسْلِمِينَ إلى خَطَرِ أمْرِها وأنَّها مِمّا يَعْسُرُ إقْلاعُ أصْحابِها عَنْها لِيَكُونَ حَذَرُهم مِن مُعامَلَتِهِمْ أشَدَّ ما يُمْكِنُ. فَجُمْلَةُ ﴿فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ خَبَرِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلى قَوْلِهِ ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ واقِعَةٌ مَوْقِعَ الِاسْتِئْنافِ لِلْبَيانِ، داخِلَةٌ في دَفْعِ التَّعَجُّبِ، أيْ أنَّ سَبَبَ تَوَغُّلِهِمْ في الفَسادِ ومُحاوَلَتِهِمْ ما لا يُنالُ لِأنَّ في قُلُوبِهِمْ مَرَضًا ولِأنَّهُ مَرَضٌ يَتَزايَدُ مَعَ الأيّامِ تَزايُدًا مَجْعُولًا مِنَ اللَّهِ فَلا طَمَعَ في زَوالِهِ. وقالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: هي دُعاءٌ عَلَيْهِمْ كَقَوْلِ جُبَيْرِ بْنِ الأضْبَطِ: ؎تَباعَدَ عَنِّي فَطْحَلٌ إذْ دَعَوْتُهُ ∗∗∗ أمِينَ فَزادَ اللَّهُ ما بَيْنَنا بُعْدا وهُوَ تَفْسِيرٌ غَيْرُ حَسَنٍ لِأنَّهُ خِلافُ الأصْلِ في العَطْفِ بِالفاءِ ولِأنَّ تَصَدِّيَ القُرْآنِ لِشَتْمِهِمْ بِذَلِكَ لَيْسَ مِن دَأْبِهِ، ولِأنَّ الدُّعاءَ عَلَيْهِمْ بِالزِّيادَةِ تُنافِي ما عَهِدَ مِنَ الدُّعاءِ لِلضّالِّينَ بِالهِدايَةِ في نَحْوِ «اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإنَّهم لا يَعْلَمُونَ» . وقَوْلُهُ ﴿ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ بِما كانُوا يُكَذِّبُونَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ ﴿فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ إكْمالًا لِلْفائِدَةِ فَكَمُلَ بِهَذا العَطْفِ بَيانُ ما جَرَّهُ النِّفاقُ إلَيْهِمْ مِن فَسادِ الحالِ في الدُّنْيا والعَذابِ في الآخِرَةِ. وتَقْدِيمُ الجارِّ والمَجْرُورِ وهو لَهم لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ لا نَعْتٌ حَتّى يَسْتَقِرَّ بِمُجَرَّدِ سَماعِ المُبْتَدَأِ العِلْمُ بِأنَّ ذَلِكَ مِن صِفاتِهِمْ فَلا تَلْهُو النَّفْسُ عَنْ تَلَقِّيهِ. والألِيمُ فَعِيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ لِأنَّ الأكْثَرَ في هَذِهِ الصِّيغَةِ أنَّ الرُّباعِيَّ بِمَعْنى مُفْعَلٍ وأصْلُهُ عَذابٌ مُؤْلَمٌ بِصِيغَةِ اسْمِ المَفْعُولِ أيْ مُؤْلَمٌ مَن يُعَذَّبُ بِهِ عَلى طَرِيقَةِ المَجازِ العَقْلِيِّ لِأنَّ المُؤْلَمَ هو المُعَذَّبُ دُونَ العَذابِ كَما قالُوا جَدَّ جَدُّهُ، أوْ هو فَعِيلٌ بِمَعْنى فاعِلٍ مِن ألِمٍ بِمَعْنى صارَ ذا ألَمٍ، وإمّا أنْ يَكُونَ فَعِيلٌ بِمَعْنى مُفْعِلٍ أيْ مُؤْلِمٍ بِكَسْرِ اللّامِ، فَقِيلَ لَمْ يَثْبُتْ عَنِ العَرَبِ في هَذِهِ المادَّةِ وثَبَتَ في نَظِيرِها نَحْوُ الحَكِيمِ والسَّمِيعِ بِمَعْنى المُسْمِعِ كَقَوْلِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ: ؎وخَيْلٌ قَدْ دَلَفْتُ لَها بِخَيْلٍ ∗∗∗ تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وجِيعُ أيْ مُوجِعٌ، واخْتُلِفَ في جَوازِ القِياسِ عَلَيْهِ والحَقُّ أنَّهُ كَثِيرٌ في الكَلامِ البَلِيغِ وأنَّ مَنعَ القِياسِ عَلَيْهِ لِلْمُوَلِّدِينَ قُصِدَ مِنهُ التَّباعُدُ عَنْ مُخالَفَةِ القِياسِ بِدُونِ داعٍ لِئَلّا يَلْتَبِسَ حالُ الجاهِلِ بِحالِ البَلِيغِ فَلا مانِعَ مِن تَخْرِيجِ الكَلامِ الفَصِيحِ عَلَيْهِ. (ص-٢٨٣)وقَوْلُهُ ﴿بِما كانُوا يُكَذِّبُونَ﴾ الباءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وقَرَأ الجُمْهُورُ (يُكَذِّبُونَ) بِضَمِّ أوَّلِهِ وتَشْدِيدِ الذّالِ. وقَرَأهُ عاصِمٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ بِفَتْحِ أوَّلِهِ وتَخْفِيفِ الذّالِ أيْ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمُ الرَّسُولَ وإخْبارِهِ بِأنَّهُ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ وأنَّ القُرْآنَ وحْيُ اللَّهِ إلى الرَّسُولِ، فَمادَّةُ التَّفْعِيلِ لِلنِّسْبَةِ إلى الكَذِبِ مِثْلَ التَّعْدِيلِ والتَّجْرِيحِ، وأمّا قِراءَةُ التَّخْفِيفِ فَعَلى كَذِبِهِمُ الخاصِّ في قَوْلِهِمْ آمَنّا بِاللَّهِ، وعَلى كَذِبِهِمُ العامِّ في قَوْلِهِمْ إنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ فالمَقْصُودُ كَذِبُهم في إظْهارِ الإيمانِ وفي جَعْلِ أنْفُسِهِمُ المُصْلِحِينَ دُونَ المُؤْمِنِينَ. والكَذِبُ ضِدُّ الصِّدْقِ، وسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ﴾ [المائدة: ١٠٣] في سُورَةِ المائِدَةِ. و(ما) المَجْرُورَةُ بِالباءِ مَصْدَرِيَّةٌ، والمَصْدَرُ هو المُنْسَبِكُ مِن كانَ أيِ الكَوْنُ.
Vorige Aya
Volgende Aya