واذ اوحيت الى الحواريين ان امنوا بي وبرسولي قالوا امنا واشهد باننا مسلمون ١١١
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّـۧنَ أَنْ ءَامِنُوا۟ بِى وَبِرَسُولِى قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا وَٱشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ١١١
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما قاله الحواريون لعيسى ، وما طلبوه منه ، مما يدل على إكرام الله - تعالى - لنبيه عيسى فقال :( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين أَنْ آمِنُواْ . . . )قال ابن كثير ما ملخصه : وقوله ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين ) هذا أيضاً من الامتنان على عيسى ، بأن جعل اله له أصحاباً وأنصاراً - وهم الحواريون - والمراد بهذا الوحي الإِلهام كما في قوله : ( وَأَوْحَيْنَآ إلى أُمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ ) وكما في قوله ( وأوحى رَبُّكَ إلى النحل ) وقال بعض السلف في هذه الآية ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين ) أي : ألهموا ذلك فامتثلوا ما الهموا .فأنت ترى أن الإِمام ابن كثير يرى أن المراد بالوحي هنا الإِلهام . وعلى ذلك كثير من المفسرين ، ومنهم من يرى أن المراد بقوله ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين ) أي : مرتهم في الإِنجيل على لسانك أو أمرتهم على ألسنة رسلي .قال الآلوسي معززاً هذا الرأي : وقد جاء استعمال الوحي بمعنى الأمر في كلام العرب ، كما قال الزجاج وأنشد :الحمد لله الذي استقلت ... بإذنه السماء وأطمأنتأوحى لها القرار فاستقرت ... أي : أمرها أن تقر فامتثلت .والحواريون جمع حواري . وهم أنصار عيسى الذين لازموه وآمنوا به وصدقوه . وكانوا عونا له في الدعوة إلى الحق .يقال : فلان حواري فلان . أي : خاصته من أصحابه . ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الزبير بن العوام : " لكل نبي حواري وحواري الزبير " .وأصل مادة " حور " الدلالة على شدةء الصفاء ونصوع البياض ، ولذلك قالوا في خالص لباب الدقيق : الحواري وقالوا في النساء البيض : الحواريات والحوريات .وقد سمى الله - تعالى - أنصار عيسى بالحواريين ، لأنهم أخلصوا لله نياتهم ، وطهورا نفوسهم من النفاق والخداع فصاروا في نقائهم وصفائهم كالشيء الأبيض الخالص البياض .قال الراغب : والحواريون أنصار عيسى - عليه السلام - قيل كانوا صيادين وقال بعض العلماء إنما سموا حواريين لأنهم كانوا يطهرون نفوس الناس بإفادتهم الدين والعلم .والمعنى : اذكر نعمتي عليك - يا عيسى - حين ( أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين ) بطريق الإِلهام أو بطريق الأمر على لسانك ، وقلت لهم : ( أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي ) أي : آمنوا وصدقوا بأني أنا الواحد الأحد المستحق للعبادة والخضوع وآمنوا برسولي عيسى بأنه مرسل من جهتي لهدايتكم وسعادتكم .وفي ذكر كلمة ( برسولي ) إشارة إلى مقامه من الله - عز وجل - وانفصال شخصه عن ذات الله - سبحانه - وأن عيسى ما هو إلا رسول من رب العالمين وأن من زعموا أنه غير ذلك جاهلون وضالون .وقوله : ( قالوا آمَنَّا واشهد بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) حكاية لما نطق به الحواريون من إيمان وطاعة .أي : أن الحورايين عندما دعو إلى الدين الحق ( قالوا آمَنَّا ) بأن الله هو الواحد الأحد المستحق للعبادة وأنه لا والد له ولا ولد . ثم أكدوا إيمانهم هذا ، بأن قالوا ( واشهد ) علينا يا آلهنا واشهد لنا يا عيسى يوم القيامة ( بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) أي : منقادون لكل ما جئتنا به وما تدعونا إليه .وقدموا ذكر الإِيمان لأنه صفة القلب ، وأخروا ذكر الإِسلام لأنه عبارة عن الانقياد الظاهر فكأنهم قالوا : لقد استقر الإيمان في قلوبنا استقراراً مكيناً ، كان من ثماره أن انقادت ظواهرنا لكل ما يأمرنا الله به على لسانك يا عيسى .قال الفخر الرازي ما ملخصه : فإن قيل : إنه - تعالى - قال في أول الآية ( اذكر نِعْمَتِي عَلَيْكَ وعلى وَالِدَتِكَ ) ثم إن جميع ما ذكره - تعالى - من النعم مختص بعيسى ، وليس لأمه تعلق بشيء منها . قلنا : كل ما حصل للولد من النعم الجليلة والدرجات العالية فهو حاصل على سبيل التضمن والتبع للأم ولذلك قال - تعالى - ( وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ) فجعلهما معاً آية واحدة لشدة اتصال كل واحد منهما بالآخر .وإنما ذكر - سبحانه قوله ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ ) في معرض تعديد النعم لأن صيرورة الإِنسان مقبول القول عند الناس محبوباً في قلوبهم ، من أعظم نعم الله على الإِنسان .وقد عدد عليه من النعم سبعاً : ( إِذْ أَيَّدتُّكَ ) ( وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ) ( وَإِذْ تَخْلُقُ ) ( وَإِذْ َتُبْرِىءُ ) ( وَإِذْ تُخْرِجُ الموتى ) ( وَإِذْ كَفَفْتُ ) ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ )