قُلْ
هَلْ
تَرَبَّصُوْنَ
بِنَاۤ
اِلَّاۤ
اِحْدَی
الْحُسْنَیَیْنِ ؕ
وَنَحْنُ
نَتَرَبَّصُ
بِكُمْ
اَنْ
یُّصِیْبَكُمُ
اللّٰهُ
بِعَذَابٍ
مِّنْ
عِنْدِهٖۤ
اَوْ
بِاَیْدِیْنَا ۖؗ
فَتَرَبَّصُوْۤا
اِنَّا
مَعَكُمْ
مُّتَرَبِّصُوْنَ
۟
وقوله : ( قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى الحسنيين . . ) إرشاد آخر للرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الجواب الذى يخرس ألسنة هؤلاء المنافقين ويزيل فرحتهم .وقوله : ( تَرَبَّصُونَ ) التربص بمعنى الانتظار فى تمهل . يقال : فلان يتربص بفلان الدوائر ، إذا كان ينتظر ووقع مكروه به .والحسنيان : مثنى الحسنى . والمراد بهما : النصر أو الشهادة .أى : قل يا محمد لهؤلاء المنافقين - أيضا - إنكم ما تنتظرون بنا إلا إحدى العاقبتين اللتين كل وحدة منهما أحسن من جميع العواقب ، وهما إما النصر على الأعداء ، وفى ذلك الأجر والمغنم والسلامة ، وإما أن نقتل بأيدهم وفى ذلك الشهادة والفوز بالجنة والنجاة من النار .قال الآلوسى : والحاصل أن ما تنتظرونه بنا - أيها المنافقون - لا يخلوا من أحد هذين الأمرين ، كل منهما عاقبته حسنى لا كما تزعمون من أن ما يصيبنا من القتل فى الغزوة سوء ، ولذلك سررتم به .وصح من حديث أبى هريرة عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال : " تكفل الله - تعالى - لمن جاهد فى سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد فى سبيله ، وتصديق كلمته أن يدخله الجنة . أو يرجعه إلى مسكنه الذى خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة " .وقوله : ( وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ الله بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ) بيان لما ينتظر المؤمنون وقوعه بالمنافقين .أى : ونحن معشر المؤمنين نتربص بكم أيها المنافقون إحدى السوءتين من العواقب : إما " أن يصيبكم الله بعذاب " كائن " من عند " فيهلككم كما أهلك الذين من قبلكم ، وإما أن يصبكم بعذاب كائن " بأيدينا " بأن يأذن لنا فى قتالكم وقتلكم .والفاء فى قوله : ( فتربصوا إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ ) للإِفصاح .أى إذا كان الأمر كذلك فتربصوا بنا ما هو عاقبتنا ، فإنا معكم متربصون ما هو عاقبتكم ، وسترون أن عاقبتنا على كل حال هو الخير ، وأن عاقبتكم هى الشر .وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة ، قد حكت طرفا من رذائل المنافقين ومن مسالكهم الخبيثة لكيد الدعوة الإِسلامية ، وردت عليهم بما يكبتهم ، ويفضحهم على رءوس الأشهاد .