ذٰلِكَ
بِاَنَّهُمْ
اٰمَنُوْا
ثُمَّ
كَفَرُوْا
فَطُبِعَ
عَلٰی
قُلُوْبِهِمْ
فَهُمْ
لَا
یَفْقَهُوْنَ
۟
واسم الإشارة فى قوله - تعلاى - بعد ذلك : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا ) يعود إلى ما تقدم ذكره من الكذب ، ومن الصد عن سبيل الله ، ومن قبح الأقوال والأفعال .أى : ذلك الذى ذكر من حالهم الذى دأبوا عليه من الكذب والخداع والصد عن سبيل الله . . . سببه أنهم ( آمَنُواّ ) أى : نطقوا بكلمة الإسلام بألسنتهم دون أن يستقر الإيمان فى قلوبهم ، ثم كفروا ، أى : ثم ارتكسوا فى الكفر واستمروا عليه ، وظهر منهم ما يدل على رسوخهم فيه ظهورا جليا ، كقولهم : ( أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السفهآء . . . ) وكقولهم للمجاهدين : ( لاَ تَنفِرُواْ فِي الحر . . . ) ( فَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ ) أى : فختم الله - تعالى - عليها بالكفر نتيجة إصرارهم عليه ، فصاروا ، بحيث لا يصل إليها الإيمان .( فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ ) أى : فهم لا يدركون حقيقة الإيمان أصلا ، ولا يشعرون به ، ولا يفهمون حقائقه لانطماس بصائرهم .وقوله : ( ذَلِكَ ) مبتدأ ، وقوله ( بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا . . . ) خبر : والباء للسببية .و ( ثُمَّ ) للتراخى النسبى ، لأن إبطان الكفر مع إظهار الإيمان أعظم من الكفر الصريح ، وأشد ضررا وقبحا .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم ، فما معنى قوله : ( بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا ) ؟ .قلت : فيه ثلاثة أوجه : أحدها : آمنوا : أى نطقوا بكلمة الشهادة ، وفعلوا كما يفعل من يدخل فى الإسلام ، ثم كفروا . أى : ثم ظهر كفرهم بعد ذلك وتبين بما أطلع الله عليه المؤمنين من قولهم : إن كان ما يقوله محمد - صلى الله عليه وسلم - حقا فنحن حمي .والثانى : آمنوا ، أى : نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام ، كقوله - تعالى - : ( وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قالوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ ) الثالث : أن يراد أهل الردة منهم .