اَفَمَنْ
هُوَ
قَآىِٕمٌ
عَلٰی
كُلِّ
نَفْسٍ
بِمَا
كَسَبَتْ ۚ
وَجَعَلُوْا
لِلّٰهِ
شُرَكَآءَ ؕ
قُلْ
سَمُّوْهُمْ ؕ
اَمْ
تُنَبِّـُٔوْنَهٗ
بِمَا
لَا
یَعْلَمُ
فِی
الْاَرْضِ
اَمْ
بِظَاهِرٍ
مِّنَ
الْقَوْلِ ؕ
بَلْ
زُیِّنَ
لِلَّذِیْنَ
كَفَرُوْا
مَكْرُهُمْ
وَصُدُّوْا
عَنِ
السَّبِیْلِ ؕ
وَمَنْ
یُّضْلِلِ
اللّٰهُ
فَمَا
لَهٗ
مِنْ
هَادٍ
۟
3
ثم أقام - سبحانه - الأدلة الساطعة على وحدانيته وعلى وجوب إخلاص العبادة له - تعالى - فقال : ( أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ . . . ) .والمراد بالقيام هنا : الحفظ والهيمنة على جميع شئون الخلق والاستفهام للإِنكار ، والخبر محذوف والتقدير : ( أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ ) أى : رقيب ومهيمن ( على كُلِّ نَفْسٍ ) كائنة ما كانت ، عالم بما تعمله من خير أو شر فمجازيها به كن ليس كذلك؟وحذف الخبر هنا وهو قولنا - كمن ليس كذلك - لدلالة السياق عليه ، كما فى قوله - تعالى - : ( أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ) أى : كمن قسا قلبه .وحسن حذف الخبر هنا لأنه مقابل للمبتدأ هو ( من ) ولأن قوله - تعالى - : ( وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ) حالية ، والتقدير :أفمن هذه صفاته ، وهو الله - تعالى - كمن ليس كذلك ، والحال أن هؤلاء الأغبياء قد جعلوا له شركاء فى العبادة وغيرها .فالمقصود من هذه الجملة الكريمة ، زيادة توبيخهم ، وتسفيه أفكارهم وعقولهم .وقوله - سبحانه - ( قُلْ سَمُّوهُمْ ) تبكيت لهم إثر تبكيت .أى : قل لهم - أيها الرسول الكريم - سموهم شركاء إن شئتم ، فإن هذه التسمية لا وجود لها فى الحقيقة والواقع ، ولا تخرجهم عن كونهم لا يملكون لأنفسهم - فضلا عن غيرهم - نفعا ولا ضرا ، لأن الله - تعالى - واحد لا شريك له .وهذه التسمية إنما هى من عند أنفسكم ما أنزل الله بها من سلطن ، كما قال تعالى : ( إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ الله بِهَا مِن سُلْطَانٍ ) فالأمر فى قوله ( سموهم ) مستعمل فى الإِباحة المصحوبة بالتهديد ، للإِشارة إلى عدم الاكتراث بهم وبآلهتهم التى سموها شركاء وسموهم بهذا الاسم : قل لهم على سبيل الإِنكار والتوبيخ : أتخبرون الله بشركاء لا وجود لهم فى الأرض ، لأنهم لو كان لهم وجود لعلمهم ، لأنه - سبحانه - لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء .أم أنكم سميتموهم شركاء بظاهر من القول أى : بظن من القول لا حقيقة له فى الواقع ونفس الأمر .قال الآلوسى ما ملخصه : وقوله ( أَمْ تُنَبِّئُونَهُ ) أى : بل أتخبرون الله - تعالى - ( بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأرض ) أى بشركاء مستحقين للعبادة لا يعلمهم - سبحانه - والمراد : نفيها بنفى لازمها على طريق الكناية ، لأنه - سبحانه - إذا كان لا يعلمها - وهو الذى لا يعرزب عن علمه شئ - فهى لا حقيقة لها أصلا .وتخصيص الأرض بالذكر ، لأن المشركين زعموا أنه - سبحانه - له شركاء فيها .وقوله ( أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول ) أى : بل أتسمونهم شركاء بظاهر من القول من غير معنى متحقق فى نفس الأمر ، كتسمية الزنجى كافوراً .وروى عن الضحاك وقتادة ، أن الظاهر من القول : الباطل منه ، كما فى قول القائل :أعيرتنا ألبانها ولحومها ... وذلك عار يابن ربطة ظاهرأى : باطل زائد . . . .وقوله - سبحانه - : ( بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ السبيل وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) إضراب عن حجاجهم ، وإهمال لشأنهم و " زين " من التزيين وهو تصيير الشئ زينا أى : حسنا .والمكر : صرف الغير عما يريده بحيلة ، والمراد به هنا : كفرهم ومسالكهم الخبيثة ضد الإِسلام والمسلمين .والمعنى : دع عنك أيها الرسول الكريم - مجادلتهم ، لأنه لا فائدة من ورائها ، فإن هؤلاء الكافرين قد زين لهم الشيطان ورؤساؤهم فى الفكر مكرهم وكيدهم للإِسلام وأتباعه ، وصدوهم عن السبيل الحق ، وعن الصراط المستقيم ، ومن يضلله الله - تعالى - بأن يخلق فيه الضلال لسوء استعداده ، فما له من هاد يهديه ويرشده إلى ما فيه نجاته .هذا ، وقد اشتملت هذه الآية على ألوان من الحجج الساطعة التى تثبت وجوب إخلاص العبادة لله ، وتبطل الشركة والشركاء أشار إليها بعض المفسرين فقال :قال الطيبى : فى هذه الآية الكريمة احتجاج بليغ مبنى على فنون من علم البيان :أولها : ( أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) كمن ليس كذلك ، احتجاج عليهم وتوبيخ لهم على القياس الفاسد لفقد الجهة الجامعة لهما .ثانيها : ( وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ) من وضع المظهر موضع المضمر ، للتنبيه على أنهم جعلوا شركاء لمن هو فرد واحد لا يشاركه أحد فى أسمائه .ثالثها : ( قُلْ سَمُّوهُمْ ) أى عينوا أسماءهم فقولوا فلان وفلان ، فهو إنكار لوجودها على وجه برهانى . .رابعها : ( أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ ) احتجاج من باب نفى الشئ أعنى العلم بنفى لازمه وهو المعلوم وهو كناية .خامسها : ( أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول ) احتجاج من باب الاستدراج لبعثهم على الفكر .أى : أتقولون بأفواهكم من غير روية ، وأنتم ألباء ، فتفكروا فيه لتقفوا على بطلانه .سادسها : التدرج فى كل من الإضرابات على ألطف وجه ، وحيث كانت الآية مشتملة على هذه الأساليب البديعة مع اختصارها ، كان الاحتجاج المذكور مناديا على نفسه بالإِعجاز وأنه ليس كلام البشر " .

Maksimalkan pengalaman Quran.com Anda!
Mulai tur Anda sekarang:

0%