وَقَالَ
الْمَلِكُ
ائْتُوْنِیْ
بِهٖ ۚ
فَلَمَّا
جَآءَهُ
الرَّسُوْلُ
قَالَ
ارْجِعْ
اِلٰی
رَبِّكَ
فَسْـَٔلْهُ
مَا
بَالُ
النِّسْوَةِ
الّٰتِیْ
قَطَّعْنَ
اَیْدِیَهُنَّ ؕ
اِنَّ
رَبِّیْ
بِكَیْدِهِنَّ
عَلِیْمٌ
۟
3
لقد قص علينا القرآن الكريم ما طلبه الملك من حاشيته وما رد به يوسف - عليه السلام - على رسول الملك ، وما قالته النسوة وامرأة العزيز فى شأن يوسف وما طلبه - عليه السلام - من الملك ، استمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى كل ذلك بأسلوبه الخاص فيقول :( وَقَالَ الملك ائتوني بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ الرسول . . . ) .قوله - سبحانه - ( وَقَالَ الملك ائتوني بِهِ . . . ) حكاية لما طلبه الملك فى ذلك الوقت من معاونيه فى شأن يوسف - عليه السلام - ، وفى الكلام حذف يفهم من المقام ، والتقدير :وقال الملك بعد أن سمع من ساقيه ما قاله يوسف فى تفسير الرؤيا أحضروا إلى يوسف هذا لأراه وأسمع منه ، وأستفيد من علمه .وهذا يدل - كما يقول الإِمام الرازى - على فضيلة العلم ، فإنه - سبحانه - جعل ما علمه ليوسف سببا لخلاصه من المحنة الدنيوية ، فكيف لا يكون العلم سببا للخلاص من المحن الأخروية .وقوله - سبحانه - ( فَلَمَّا جَآءَهُ الرسول قَالَ ارجع إلى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النسوة اللاتي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ) بيان لما قاله يوسف - عليه السلام - لرسول الملك . . .أى : فلما جاء رسول الملك إلى يوسف بأناة وإباء : اجرع إلى ربك ، أى إلى سيدك الملك " فاسأله " قبل خروجى من السجن وذهابى إليه ( مَا بَالُ النسوة اللاتي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ) أى : ما حالهن ، وما حقيقة أمرهن معى ، لأن الجميع أننى برئ ، وأننى نقى العرض طاهر الذيل .والمراد بالسؤال فى قوله ( ارجع إلى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ ) الحث والتحريض على معرفة حقيقة أمر النسوة اللائى قطعن أيديهن . . .ولم يكشف له يوسف عن حقيقة أمرهن معه لزيادة تهييجه على البحث والتقصى إذ من شأن الإِنسان - خصوصا إذا كان - حاكما - أن يأنف من أن يسأل عن شئ مهم ، ثم لا يهتم بالإِجابة عنه .وقد آثر يوسف - عليه السلام - أن يكون هذا السؤال وهو فى السجن لتظهر الحقيقة خالصة ناصعة ، دون تدخل منه فى شأنها .وجعل السؤال عن النسوة اللائى قطعن أيديهن دون امرأة العزيز ، وفاء لحق زوجها ، واحترازا من مكرها ، ولأنهن كن شواهد على إقرارها بأنها قد راودته عن نفسه ، فقد قالت أمامهن بكل تبجح وتكشف ( فذلكن الذي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فاستعصم وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن الصاغرين ) واكتفى بالسؤال عن تقطيع أيديهن ، دون التعرض لكيدهن له ، سترا لهن ، وتنزها منه - عليه السلام - عن ذكرهن بما يسؤوهن .ولذا فقد اكتفى بالإِشارة الإِجمالية إلى كيدهن ، وفوض أمرهن إلى الله - تعالى - فقال : ( إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ) .أى إن ربى وحده هو العليم بمكرهن بى ، وكيدهن لى ، وهو - سبحانه - هو الذى يتولى حسابهن على ذلك .ولا شك فى امتناع يوسف - عليه السلام - عن الذهاب إلى الملك إلا بعد التحقيق فى قضيته ، يدل دلالة واضحة على صبره ، وسمو نفسه ، وعلو همته . . .ولقد أجاد صاحب الكشاف فى تعليله لامتناع يوسف عن الخروج من السجن للقاء الملك إلا بعد أن تثبت براءته فقال :" إنما تأنى وتثبت يوسف فى إجابة الملك ، وقدم سؤال النسوة ، ليظهر براءة ساحته عما قذف به وسجن فيه ، لئلا يتسلق به الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده ، ويجعلوه سلما إلى حط منزلته لديه ، ولئلا يقولوا : ما خلد فى السجن إلا لأمر عظيم ، وجرم كبير ، حق به أن يسجن ويعذب ، ويستكف شره .وفيه دليل على أن الاجتهاد فى نفى التهم ، واجب وجوب اتقاء الوقوف فى مواقفها "وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية بعض الأحاديث فى فضل يوسف - عليه السلام - فقال ما ملخصه :وقد وردت السنة بمدحه على ذلك - أى على امتناعه من الخروج من السجن حتى يتحقق الملك ورعيته من براءة ساحته ونزاهة عرضه - ففى الصحيحين عن أبى هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن أحق بالشك من إبراهيم ، إذ قال : رب أرنى كيف تحيى الموتى؟ قال : أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبى ، ويرحم الله لوطا ، لقد كان يأوى إلى ركن شديد ، ولو لبثت فى السجن ما لبثت يوسف لأجبت الداعى " .وروى الإِمام أحمد عن أبى هريرة فى قوله - تعالى - ( فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النسوة اللاتي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ . . . ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : " لو كنت أنا لأسرعت الإِجابة ، وما ابتغيت العذر " .وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : " لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه؛ والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى اشترط أن يخرجونى .ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له ، حين أتاه الرسول ، ولو كنت مكانه لبادرتهم إلى الباب ، ولكنه أراد أن يكون له العذر " .

Maksimalkan pengalaman Quran.com Anda!
Mulai tur Anda sekarang:

0%