Se connecter
Paramètres
Select an option
Al-Fatiha
Al-Baqarah
Ali-'Imran
An-Nisa'
Al-Ma'idah
Al-An'am
Al-A'raf
Al-Anfal
At-Tawbah
Yunus
Hud
Yusuf
Ar-Ra'd
Ibrahim
Al-Hijr
An-Nahl
Al-Isra'
Al-Kahf
Maryam
Ta-Ha
Al-Anbiya'
Al-Hajj
Al-Mu'minune
An-Nur
Al-Furqane
Ach-Chu'ara'
An-Naml
Al-Qasas
Al-'Ankabut
Ar-Rum
Luqman
As-Sajda
Al-Ahzab
Saba'
Fatir
Ya-Sin
As-Saffat
Sad
Az-Zumar
Ghafir
Fussilat
Ach-Chura
Az-Zuhruf
Ad-Duhan
Al-Jatiya
Al-Ahqaf
Muhammed
Al-Fath
Al-Hujurat
Qaf
Ad-Dariyat
At-Tur
An-Najm
Al-Qamar
Ar-Rahman
Al-Waqi'a
Al-Hadid
Al-Mujadalah
Al-Hachr
Al-Mumtahanah
As-Saff
Al-Jumu'a
Al-Munafiqun
At-Tagabun
At-Talaq
At-Tahrim
Al-Mulk
Al-Qalam
Al-Haqqah
Al-Ma'arij
Nuh
Al-Jinn
Al-Muzzammil
Al-Muddattir
Al-Qiyamah
Al-Insan
Al-Mursalate
An-Naba'
An-Nazi'ate
'Abasa
At-Takwir
Al-Infitar
Al-Mutaffifune
Al-Inchiqaq
Al-Buruj
At-Tariq
Al-A'la
Al-Gachiyah
Al-Fajr
Al-Balad
Ach-Chams
Al-Layl
Ad-Duha
Ach-Charh
At-Tin
Al-'Alaq
Al-Qadr
Al-Bayyinah
Az-Zalzalah
Al-'Adiyate
Al-Qari'ah
At-Takatur
Al-'Asr
Al-Humazah
Al-Fil
Quraych
Al-Ma'un
Al-Kawtar
Al-Kafirune
An-Nasr
Al-Masad
Al-Ihlas
Al-Falaq
An-Nas
Select an option
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
Select an option
العربية
বাংলা
English
русский
Kiswahili
Kurdî
اردو
Arabic Tanweer Tafseer
Vous lisez un tafsir pour le groupe d'Ayahs 50:17 à 50:18
اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ١٧ ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ١٨
إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌۭ ١٧ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌۭ ١٨
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
﴿إذْ يَتَلَقّى المُتَلَقِّيانِ عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ﴾ ﴿ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ يَتَعَلَّقُ (إذْ) بِقَوْلِهِ: ”أقْرَبُ“ لِأنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ يَعْمَلُ في الظَّرْفِ وإنْ كانَ لا يَعْمَلُ في الفاعِلِ ولا في المَفْعُولِ بِهِ واللُّغَةُ تَتَوَسَّعُ في الظُّرُوفِ والمَجْرُوراتِ ما لا تَتَوَسَّعُ في غَيْرِها، وهَذِهِ قاعِدَةٌ مَشْهُورَةٌ ثابِتَةٌ والكَلامُ تَخَلُّصٌ لِلْمَوْعِظَةِ والتَّهْدِيدِ بِالجَزاءِ يَوْمَ البَعْثِ والجَزاءِ مِن إحْصاءِ الأعْمالِ خَيْرِها وشَرِّها المَعْلُومَةِ مِن آياتٍ كَثِيرَةٍ في القُرْآنِ. وهَذا التَّخَلُّصُ بِكَلِمَةِ (إذِ) الدّالَّةِ عَلى الزَّمانِ مِن ألْطَفِ التَّخَلُّصِ. وتَعْرِيفُ المُتَلَقِّيانِ تَعْرِيفُ العَهْدِ إذا كانَتِ الآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ آياتٍ فِيها الحَفَظَةُ، أوْ تَعْرِيفُ الجِنْسِ، والتَّثْنِيَةُ فِيها لِلْإشارَةِ إلى أنَّ هَذا الجِنْسَ مُقَسَّمٌ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ. والتَّلَقِّي: أخْذُ الشَّيْءِ مِن يَدِ مُعْطِيهِ. اسْتُعِيرَ لِتَسْجِيلِ الأقْوالِ والأعْمالِ حِينَ صُدُورِها مِنَ النّاسِ. (ص-٣٠٢)وحُذِفَ مَفْعُولُ يَتَلَقّى لِدَلالَةِ قَوْلِهِ: ﴿ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ . إذْ تُحْصى أقْوالُهم وأعْمالُهم. فَيُؤْخَذُ مِنَ الآيَةِ أنَّ لِكُلِّ إنْسانٍ مَلَكَيْنِ يُحْصِيانِ أعْمالَهُ وأنَّ أحَدَهُما يَكُونُ مِن جِهَةِ يَمِينِهِ والآخَرُ مِن جِهَةِ شِمالِهِ. ووَرْدَ في السُّنَّةِ بِأسانِيدَ مَقْبُولَةٍ: أنَّ الَّذِي يَكُونُ عَلى اليَمِينِ يَكْتُبُ الحَسَناتِ والَّذِي عَنِ الشِّمالِ يَكْتُبُ السَّيِّئاتِ ووَرَدَ أنَّهُما يُلازِمانِ الإنْسانَ مِن وقْتِ تَكْلِيفِهِ إلى أنْ يَمُوتَ. وقَوْلُهُ ﴿عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ﴾ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”قَعِيدٌ“ بَدَلًا مِنَ المُتَلَقِّيانِ بَدَلَ بَعْضٍ، و”عَنِ اليَمِينِ“ مُتَعَلِّقٌ بِـ ”قَعِيدٌ“، وقُدِّمَ عَلى مُتَعَلِّقِهِ لِلِاهْتِمامِ بِما دَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الإحاطَةِ بِجانِبَيْهِ ولِلرِّعايَةِ عَلى الفاصِلَةِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”عَنِ اليَمِينِ“ خَبَرًا مُقَدَّمًا، و”قَعِيدٌ“ مُبْتَدَأً وتَكُونُ الجُمْلَةُ بَيانًا لِجُمْلَةِ ”يَتَلَقّى المُتَلَقِّيانِ“ . وعُطِفَ قَوْلُهُ ”وعَنِ الشِّمالِ“ عَلى جُمْلَةِ ”يَتَلَقّى“ ولَيْسَ عَطْفًا عَلى قَوْلِهِ: ”عَنِ اليَمِينِ“ لِأنَّهُ لَيْسَ المَعْنى عَلى أنَّ القَعِيدَ قَعِيدٌ في الجِهَتَيْنِ بَلْ كُلٌّ مِنَ الجِهَتَيْنِ قَعِيدٌ مُسْتَقِلٌّ بِها. والتَّقْدِيرُ: عَنِ اليَمِينِ قَعِيدٌ، وعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ آخَرُ. والتَّعْرِيفُ في ”اليَمِينِ“ و”الشِّمالِ“ تَعْرِيفُ العَهْدِ أوِ اللّامُ عِوَضٌ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ، أيْ عَنْ يَمِينِ الإنْسانِ وعَنْ شِمالِهِ. والقَعِيدُ: المُقاعِدُ مِثْلُ الجَلِيسِ لِلْمُجالِسِ، والأكِيلِ لِلْمُؤاكِلِ، والشَّرِيبِ لِلْمُشارِبِ، والخَلِيطُ لِلْمُخالِطِ. والغالِبُ في فَعِيلٍ أنْ يَكُونَ إمّا بِمَعْنى فاعِلٍ، وإمّا بِمَعْنى مَفْعُولٍ، فَلَمّا كانَ في المُفاعَلَةِ مَعْنى الفاعِلِ والمَفْعُولِ مَعًا، جازَ مَجِيءُ فَعِيلٍ مِنهُ بِأحَدِ الِاعْتِبارَيْنِ تَعْوِيلًا عَلى القَرِينَةِ، ولِذَلِكَ قالُوا لِامْرَأةِ الرَّجُلِ ”قَعِيدَتُهُ. والقَعِيدُ مُسْتَعارٌ لِلْمُلازِمِ الَّذِي لا يَنْفَكُّ عَنْهُ كَما أطْلَقُوا القَعِيدَ عَلى الحافِظِ لِأنَّهُ يُلازِمُ الشَّيْءَ المُوَكَّلَ بِحِفْظِهِ. وجُمْلَةُ ﴿ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ﴾ إلَخْ مَبْنِيَّةٌ لِجُمْلَةِ“ يَتَلَقّى المُلْتَقِيّانِ ”فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ. و(ما) نافِيَةٌ وضَمِيرُ يَلْفِظُ عائِدٌ لِلْإنْسانِ. (ص-٣٠٣)واللَّفْظُ: النُّطْقُ بِكَلِمَةٍ دالَّةٍ عَلى مَعْنًى، ولَوْ جُزْءِ مَعْنًى، بِخِلافِ القَوْلِ فَهو الكَلامُ المُفِيدُ مَعْنًى. و(مِن) زائِدَةٌ في مَفْعُولِ الفِعْلِ المَنفِيِّ لِلتَّنْصِيصِ عَلى الِاسْتِغْراقِ. والِاسْتِثْناءُ في قَوْلِهِ: ﴿إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ اسْتِثْناءٌ مِن أحْوالٍ عامَّةٍ، أيْ ما يَقُولُ قَوْلًا في حالَةٍ إلّا في حالَةِ وُجُودِ رَقِيبٍ عَتِيدٍ لَدَيْهِ. والأظْهَرُ أنَّ هَذا العُمُومَ مُرادٌ بِهِ الخُصُوصُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ﴿إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ لِأنَّ المُراقَبَةَ هُنا تَتَعَلَّقُ بِما في الأقْوالِ مِن خَيْرٍ أوْ شَرٍّ لِيَكُونَ عَلَيْهِ الجَزاءُ فَلا يَكْتُبُ الحَفَظَةُ إلّا ما يَتَعَلَّقُ بِهِ صَلاحُ الإنْسانِ أوْ فَسادُهُ إذْ لا حِكْمَةَ في كِتابَةِ ذَلِكَ وإنَّما يَكْتُبُ ما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الجَزاءُ وكَذَلِكَ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وعِكْرِمَةُ. وقالَ الحَسَنُ: يَكْتُبانِ كُلَّ ما صَدَرَ مِنَ العَبْدِ، قالَ مُجاهِدٌ وأبُو الجَوْزاءِ: حَتّى أنِينَهُ في مَرَضِهِ. ورُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ مالِكِ بْنِ أنَسٍ. وإنَّما خُصَّ القَوْلُ بِالذِّكْرِ لِأنَّ المَقْصُودَ ابْتِداءً مِن هَذا التَّحْذِيرِ المُشْرِكُونَ وإنَّما كانُوا يُؤاخَذُونَ بِأقْوالِهِمُ الدّالَّةِ عَلى الشِّرْكِ أوْ عَلى تَكْذِيبِ النَّبِيءِ ﷺ أوْ أذاهُ ولا يُؤاخَذُونَ عَلى أعْمالِهِمْ إذْ لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ بِالأعْمالِ في حالِ إشْراكِهِمْ. وأمّا الأعْمالُ الَّتِي هي مِن أثَرِ الشِّرْكِ كالتَّطْوافِ بِالصَّنَمِ، أوْ مِن أثَرِ أذى النَّبِيءِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كَإلْقاءِ سَلا الجُذُورِ عَلَيْهِ في صَلاتِهِ، ونَحْوِ ذَلِكَ، فَهم مُؤاخَذُونَ بِهِ في ضِمْنِ أقْوالِهِمْ عَلى أنَّ تِلْكَ الأفْعالَ لا تَخْلُو مِن مُصاحَبَةِ أقْوالٍ مُؤاخَذٍ عَلَيْها بِمِقْدارِ ما صاحَبَها. ولِأنَّ مِنَ الأقْوالِ السَّيِّئَةِ ما لَهُ أثَرٌ شَدِيدٌ في الإضْلالِ كالدُّعاءِ إلى عِبادَةِ الأصْنامِ، ونَهْيِ النّاسِ عَنِ اتِّباعِ الحَقِّ، وتَرْوِيجِ الباطِلِ بِإلْقاءِ الشُّبَهِ، وتَغْرِيرِ الأغْرارِ، ونَحْوِ ذَلِكَ، وقَدْ قالَ النَّبِيءُ ﷺ: «وهَلْ يَكُبُّ النّاسَ في النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ إلّا حَصائِدُ ألْسِنَتِهِمْ»، عَلى أنَّهُ مِنَ المَعْلُومِ بِدَلالَةِ الِاقْتِضاءِ أنَّ المُؤاخَذَةَ عَلى الأعْمالِ أوْلى مِنَ المُؤاخَذَةِ عَلى الأقْوالِ وتِلْكَ الدَّلالَةُ كافِيَةٌ في تَذْكِيرِ المُؤْمِنِينَ. وجُمْلَةُ ﴿إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ في مَوْضِعِ الحالِ، وضَمِيرُ لَدَيْهِ عائِدٌ إلى الإنْسانِ، والمَعْنى: لَدى لَفْظِهِ بِقَوْلِهِ. (ص-٣٠٤)و“ عَتِيدٌ ”فَعِيلٌ مِن عَتَدَ بِمَعْنى هَيَّأ، والتّاءُ مُبَدَّلَةٌ مِنَ الدّالِ الأوَّلِ إذْ أصْلُهُ عَدِيدٌ، أيْ مُعَدٌّ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف: ٣١] . وعِنْدِي أنَّ“ عَتِيدٌ " هُنا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِن قَوْلِهِمْ عَتُدَ بِضَمِّ التّاءِ إذا جَسُمَ وضَخُمَ كِنايَةً عَنْ كَوْنِهِ شَدِيدًا وبِهَذا يَحْصُلُ اخْتِلافٌ بَيْنَهُ وبَيْنَ قَوْلِهِ الآتِي ﴿هَذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ [ق: ٢٣] ويَحْصُلُ مُحَسِّنُ الجِناسِ التّامِّ بَيْنَ الكَلِمَتَيْنِ. وقَدْ تَواطَأ المُفَسِّرُونَ عَلى تَفْسِيرِ التَّلَقِّي في قَوْلِهِ المُتَلَقِّيانِ بِأنَّهُ تَلَقِّي الأعْمالِ لِأجْلِ كَتْبِها في الصَّحائِفِ لِإحْضارِها لِلْحِسابِ وكانَ تَفْسِيرًا حائِمًا حَوْلَ جَعْلِ المَفْعُولِ المَحْذُوفِ لِفِعْلٍ يَتَلَقّى ما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ ﴿ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ بِدَلالَتِهِ الظّاهِرَةِ أوْ بِدَلالَةِ الِاقْتِضاءِ. فالتَّقْدِيرُ عِنْدَهم: إذْ يَتَلَقّى المُتَلَقِّيانِ عَمَلَ الإنْسانِ وقَوْلَهُ، فَتَكُونُ هَذِهِ الجُمْلَةُ عَلى تَقْدِيرِهِمْ مُنْفَصِلَةً عَنْ جُمْلَةٍ ﴿وجاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ﴾ [ق: ١٩] كَما سَنُبَيِّنُهُ. ولِفَخْرِ الدِّينِ مَعْنًى دَقِيقٌ فَبَعْدَ أنْ أجْمَلَ تَفْسِيرَ الآيَةِ بِما يُسايِرُ تَفْسِيرَ الجُمْهُورِ قالَ: ويُحْتَمَلُ أنْ يُقالَ التَّلَقِّي الِاسْتِقْبالُ، يُقالُ: فُلانٌ تَلَقّى الرَّكْبَ، وعَلى هَذا الوَجْهِ يَكُونُ مَعْناهُ: وقْتَ ما يَتَلَقّاهُ المُتَلَقِّيانِ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ وعَنْ شِمالِهِ قَعِيدٌ، فالمُتَلَقِّيانِ عَلى هَذا الوَجْهِ هُما المَلَكانِ اللَّذانِ يَأْخُذانِ رُوحَهُ مِن مَلَكِ المَوْتِ أحَدُهُما يَأْخُذُ أرْواحَ الصّالِحِينَ ويَنْقُلُها إلى السُّرُورِ. والآخَرُ يَأْخُذُ أرْواحَ الطّالِحِينَ ويَنْقُلُها إلى الوَيْلِ والثُّبُورِ إلى يَوْمِ النُّشُورِ، أيْ وقْتِ تَلَقِّيهِما وسُؤالِهِما أنَّهُ مِن أيِ القَبِيلَيْنِ يَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ قَعِيدٌ عَنِ اليَمِينِ وقَعِيدٌ عَنِ الشِّمالِ مَلَكانِ يَنْزِلانِ، وعِنْدَهُ مَلَكانِ آخَرانِ كاتِبانِ لِأعْمالِهِ، ويُؤَيِّدُ ما ذَكَرْناهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿سائِقٌ وشَهِيدٌ﴾ [ق: ٢١] . فالشَّهِيدُ هو القَعِيدُ والسّائِقُ هو المُتَلَقِّي يَتَلَقّى رُوحَهُ مِن مَلَكِ المَوْتِ فَيَسُوقُهُ إلى مَنزِلِهِ وقْتَ الإعادَةِ، وهَذا أعْرَفُ الوَجْهَيْنِ وأقَرَبُهُما إلى الفَهْمِ اهـ. وكَأنَّهُ يَنْحُو بِهِ مَنحى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلَوْلا إذا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ وأنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ونَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِنكُمْ﴾ [الواقعة: ٨٣] . ولا نُوقِفُ في سَدادِ هَذا التَّفْسِيرِ إلّا عَلى ثُبُوتِ وُجُودِ مَلَكَيْنِ يَتَسَلَّمانِ رُوحَ المَيِّتِ مِن يَدِ مَلَكِ المَوْتِ عِنْدَ قَبْضِها ويَجْعَلانِها في المَقَرِّ المُناسِبِ لِحالِها. والمَظْنُونُ بِفَخْرِ الدِّينِ أنَّهُ اطَّلَعَ عَلى ذَلِكَ، وقَدْ يُؤَيِّدُهُ ما ذَكَرَهُ (ص-٣٠٥)القُرْطُبِيُّ في التَّذْكِرَةِ عَنْ مُسْنَدِ الطَّيالِسِيِّ عَنِ البَراءِ. وعَنْ كِتابِ النَّسائِيِّ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «إذا حُضِرَ المَيِّتُ المُؤْمِنُ أتَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضاءَ يَقُولُونَ: اخْرُجِي راضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إلى رَوْحٍ ورَيْحانٍ ورَبٍّ راضٍ غَيْرِ غَضْبانَ، فَإذا قَبَضَهُ المَلِكُ لَمْ يَدَعْها في يَدِهِ طَرْفَةً فَتَخْرُجُ كَأطْيَبِ رِيحِ المِسْكِ فَتَعْرُجُ بِها المَلائِكَةُ حَتّى يَأْتُوا بِهِ بابَ السَّماءِ» . وساقَ الحَدِيثَ إلّا أنَّ في الحَدِيثِ مَلائِكَةً جَمْعًا وفي الآيَةِ المُتَلَقِّيانِ تَثْنِيَةً. وعَلى هَذا الوَجْهِ يَكُونُ مَفْعُولُ يَتَلَقّى ما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ ﴿وجاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ﴾ [ق: ١٩] . والتَّقْدِيرُ: إذْ يَتَلَقّى المُتَلَقِّيانِ رُوحَ الإنْسانِ. ويَكُونُ التَّعْرِيفُ في قَوْلِهِ: ﴿عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمالِ﴾ عِوَضًا عَنِ المُضافِ إلَيْهِ أيْ عَنْ يَمِينِها وعَنْ شِمالِها قَعِيدٌ، وهو عَلى التَّوْزِيعِ، أيْ عَنْ يَمِينِ أحَدِهِما وعَنْ شِمالِ الآخَرِ. ويَكُونُ قَعِيدٌ مُسْتَعْمَلًا في مَعْنى: قَعِيدانِ فَإنَّ فَعِيلًا بِمَعْنى فاعِلٍ قَدْ يُعامَلُ مُعامَلَةَ فَعِيلٍ بِمَعْنى مَفْعُولٍ، كَقَوْلِ الأزْرَقِ بْنِ طَرَفَةَ: ؎رَمانِي بِأمْرٍ كُنْتُ مِنهُ ووالِدِي بَرِيئًا ومِن أجْلِ الطَّوِيِّ رَمانِي والِاقْتِصارُ عَلى ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ حِينَئِذٍ ظاهِرٌ لِأنَّ الإنْسانَ في تِلْكَ الحالَةِ لا تَصْدُرُ مِنهُ أفْعالٌ لِعَجْزِهِ فَلا يَصْدُرُ مِنهُ في الغالِبِ إلّا أقْوالٌ مِن تَضَجُّرٍ أوْ أنِينٍ أوْ شَهادَةٍ بِالتَّوْحِيدِ، أوْ ضِدِّها، ومِن ذَلِكَ الوَصايا والإقْراراتُ.
Ayah Précédente
Ayah Suivante