انما النجوى من الشيطان ليحزن الذين امنوا وليس بضارهم شييا الا باذن الله وعلى الله فليتوكل المومنون ١٠
إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْـًٔا إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ١٠
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
۳
والمراد بالنجوى فى قوله - تعالى - بعد ذلك : ( إِنَّمَا النجوى مِنَ الشيطان لِيَحْزُنَ الذين آمَنُواْ . . . ) : نجوى المنافقين فيما بينهم ، وهى التى عبر عنها - سبحانه - قبل ذلك بقوله : ( وَيَتَنَاجَوْنَ بالإثم والعدوان وَمَعْصِيَتِ الرسول ) فأل فى قوله - تعالى - : ( النجوى ) للعهد ، أى : إنما النجوى المعهودة التى كان يتناجى المنافقون بها فيما بينهم ، كائنة من الشيطان لا من غيره ، لأنه هو الذى حرضهم وأغراهم ، بأن يتساروا بالإثم والعدوان .وقوله : ( لِيَحْزُنَ الذين آمَنُواْ ) قرأ الجمهور : ( لِيَحْزُنَ ) - بفتح الياء وضم الزاى - مضارع حزن ، فيكون ( الذين آمَنُواْ ) فاعل ، والحزن : الهم والغم .أى : زين الشيطان للمنافقين هذه النجوى السيئة ، لكى يحزن المؤمنون ويغتموا ، بسبب ظنهم أن من وراء هذه النجوى أخبارا سيئة تتعلق بهم أو بذويهم .وقرأ نافع ( لِيُحْزِنَ ) - بضم الياء وكسر الزاى - فيكون ( الذين آمَنُواْ ) مفعولا . أى : فعل الشيطان ما فعل مع المنافقين ، لكى يدخل الحزن والغم على المؤمنين .وأسند - سبحانه - النجوى إلى الشيطان ، باعتبار أنه هو الذى يوسوس بها ، ويزينها فى قلوب هؤلاء المنافقين وأشباههم .وجملة : ( وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ الله ) معترضة لتثبيت المؤمنين ، وتسليتهم عما أصابهم من المنافقين .واسم ليس : الشيطان أو التناجى ، والاستثناء مفرغ من أهم الأحوال ، و " شيئا " منصوب على المفعول المطلق .أى : لا تحزنوا - أيها المؤمنون - لمسالك المنافقين معكم ، ولا تخافوا من تناجيهم فيما بينهم ، فإنها نجوى زينها لهم الشيطان ، واعلموا أن كيد الشيطان لن يضركم شيئا من الضرر فى حال من الأحوال إلى فى حال إرادة الله - تعالى - ومشيئته .وما دام الأمر كما بينت لكم ، فاجعلوا توكلكم - أيها المؤمنون - على الله - تعالى - وحده ، ولا تبالوا بالمنافقين ، ولا بتناجيهم ، ولا بما يسوله الشيطان لهم من قبائح ، فإن كل شىء بقضاء الله وقدره .قال الآلوسى ما ملخصه : وحاصل هذا الكلام أن ما يتناجى المنافقون به مما يحزن المؤمنين . إن وقع فهو إرادة الله - تعالى - ومشيئته ، ولا دخل للمنافقين فيه ، وما دام الأمر كذلك ، فلا يكترث المؤمنون بتناجيهم ، وليتوكلوا على الله - عز وجل - ولا يخافوا من تناجيهم .ثم إن التناجى بين المؤمنين قد يكون منهيا عنه ، فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كنتم ثلاثة ، فلا يتناجى اثنان دون الآخر ، حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه " .ومثل التناجى فى ذلك ، أن يتكلم اثنان بحضور ثالث بلغة لا يفهمها الثالث ، إن كان يحزنه ذلك .وروى الإمام مسلم عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه ، فإن ذلك يحزنه " .والخلاصة أن تعاليم الإسلام ، تنهى عن التناجى فى الحالات التى توقع الريبة فى القلوب ، وتزعزع الثقة بين الأفراد والجماعات .وهذا النهى لون من الأدب الحكيم الذى يحفظ للمؤمنين مودتهم ومحبتهم ويبعد عن نفوسهم الشكوك والريب ، ويطرد عن قلوبهم نزغات الشيطان الذى يجرى من ابن آدم مجرى الدم .