وارد شوید
تنظیمات
Select an option
Al-Fatihah
Al-Baqarah
Ali 'Imran
An-Nisa
Al-Ma'idah
Al-An'am
Al-A'raf
Al-Anfal
At-Tawbah
Yunus
Hud
Yusuf
Ar-Ra'd
Ibrahim
Al-Hijr
An-Nahl
Al-Isra
Al-Kahf
Maryam
Taha
Al-Anbya
Al-Hajj
Al-Mu'minun
An-Nur
Al-Furqan
Ash-Shu'ara
An-Naml
Al-Qasas
Al-'Ankabut
Ar-Rum
Luqman
As-Sajdah
Al-Ahzab
Saba
Fatir
Ya-Sin
As-Saffat
Sad
Az-Zumar
Ghafir
Fussilat
Ash-Shuraa
Az-Zukhruf
Ad-Dukhan
Al-Jathiyah
Al-Ahqaf
Muhammad
Al-Fath
Al-Hujurat
Qaf
Adh-Dhariyat
At-Tur
An-Najm
Al-Qamar
Ar-Rahman
Al-Waqi'ah
Al-Hadid
Al-Mujadila
Al-Hashr
Al-Mumtahanah
As-Saf
Al-Jumu'ah
Al-Munafiqun
At-Taghabun
At-Talaq
At-Tahrim
Al-Mulk
Al-Qalam
Al-Haqqah
Al-Ma'arij
Nuh
Al-Jinn
Al-Muzzammil
Al-Muddaththir
Al-Qiyamah
Al-Insan
Al-Mursalat
An-Naba
An-Nazi'at
'Abasa
At-Takwir
Al-Infitar
Al-Mutaffifin
Al-Inshiqaq
Al-Buruj
At-Tariq
Al-A'la
Al-Ghashiyah
Al-Fajr
Al-Balad
Ash-Shams
Al-Layl
Ad-Duhaa
Ash-Sharh
At-Tin
Al-'Alaq
Al-Qadr
Al-Bayyinah
Az-Zalzalah
Al-'Adiyat
Al-Qari'ah
At-Takathur
Al-'Asr
Al-Humazah
Al-Fil
Quraysh
Al-Ma'un
Al-Kawthar
Al-Kafirun
An-Nasr
Al-Masad
Al-Ikhlas
Al-Falaq
An-Nas
Select an option
۱
۲
۳
۴
۵
۶
۷
۸
۹
۱۰
۱۱
۱۲
۱۳
۱۴
۱۵
۱۶
۱۷
۱۸
۱۹
۲۰
۲۱
۲۲
۲۳
۲۴
۲۵
۲۶
۲۷
۲۸
۲۹
۳۰
۳۱
۳۲
۳۳
۳۴
۳۵
۳۶
۳۷
۳۸
۳۹
۴۰
۴۱
۴۲
۴۳
۴۴
۴۵
۴۶
۴۷
۴۸
۴۹
۵۰
۵۱
۵۲
۵۳
۵۴
۵۵
۵۶
۵۷
۵۸
۵۹
۶۰
۶۱
۶۲
۶۳
۶۴
۶۵
۶۶
۶۷
۶۸
۶۹
۷۰
۷۱
۷۲
۷۳
۷۴
۷۵
۷۶
۷۷
۷۸
۷۹
۸۰
۸۱
۸۲
۸۳
۸۴
۸۵
۸۶
۸۷
۸۸
۸۹
۹۰
۹۱
۹۲
۹۳
۹۴
۹۵
۹۶
۹۷
۹۸
۹۹
۱۰۰
۱۰۱
۱۰۲
۱۰۳
۱۰۴
۱۰۵
۱۰۶
۱۰۷
۱۰۸
۱۰۹
۱۱۰
۱۱۱
۱۱۲
۱۱۳
۱۱۴
۱۱۵
۱۱۶
۱۱۷
۱۱۸
۱۱۹
۱۲۰
۱۲۱
۱۲۲
۱۲۳
۱۲۴
۱۲۵
۱۲۶
۱۲۷
۱۲۸
۱۲۹
۱۳۰
۱۳۱
۱۳۲
۱۳۳
۱۳۴
۱۳۵
۱۳۶
۱۳۷
۱۳۸
۱۳۹
۱۴۰
۱۴۱
۱۴۲
۱۴۳
۱۴۴
۱۴۵
۱۴۶
۱۴۷
۱۴۸
۱۴۹
۱۵۰
۱۵۱
۱۵۲
۱۵۳
۱۵۴
۱۵۵
۱۵۶
۱۵۷
۱۵۸
۱۵۹
۱۶۰
۱۶۱
۱۶۲
۱۶۳
۱۶۴
۱۶۵
۱۶۶
۱۶۷
۱۶۸
۱۶۹
۱۷۰
۱۷۱
۱۷۲
۱۷۳
۱۷۴
۱۷۵
۱۷۶
۱۷۷
۱۷۸
۱۷۹
۱۸۰
۱۸۱
۱۸۲
۱۸۳
۱۸۴
۱۸۵
۱۸۶
۱۸۷
۱۸۸
۱۸۹
۱۹۰
۱۹۱
۱۹۲
۱۹۳
۱۹۴
۱۹۵
۱۹۶
۱۹۷
۱۹۸
۱۹۹
۲۰۰
۲۰۱
۲۰۲
۲۰۳
۲۰۴
۲۰۵
۲۰۶
۲۰۷
۲۰۸
۲۰۹
۲۱۰
۲۱۱
۲۱۲
۲۱۳
۲۱۴
۲۱۵
۲۱۶
۲۱۷
۲۱۸
۲۱۹
۲۲۰
۲۲۱
۲۲۲
۲۲۳
۲۲۴
۲۲۵
۲۲۶
۲۲۷
۲۲۸
۲۲۹
۲۳۰
۲۳۱
۲۳۲
۲۳۳
۲۳۴
۲۳۵
۲۳۶
۲۳۷
۲۳۸
۲۳۹
۲۴۰
۲۴۱
۲۴۲
۲۴۳
۲۴۴
۲۴۵
۲۴۶
۲۴۷
۲۴۸
۲۴۹
۲۵۰
۲۵۱
۲۵۲
۲۵۳
۲۵۴
۲۵۵
۲۵۶
۲۵۷
۲۵۸
۲۵۹
۲۶۰
۲۶۱
۲۶۲
۲۶۳
۲۶۴
۲۶۵
۲۶۶
۲۶۷
۲۶۸
۲۶۹
۲۷۰
۲۷۱
۲۷۲
۲۷۳
۲۷۴
۲۷۵
۲۷۶
۲۷۷
۲۷۸
۲۷۹
۲۸۰
۲۸۱
۲۸۲
۲۸۳
۲۸۴
۲۸۵
۲۸۶
Select an option
العربية
বাংলা
English
русский
اردو
Kurdî
Arabic Tanweer Tafseer
واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزيون ١٤
وَإِذَا لَقُوا۟ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا۟ إِلَىٰ شَيَـٰطِينِهِمْ قَالُوٓا۟ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ ١٤
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
۳
﴿وإذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إنّا مَعَكم إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ عُطِفَ ﴿وإذا لَقُوا﴾ عَلى ما عُطِفَ عَلَيْهِ ﴿وإذا قِيلَ لَهم لا تُفْسِدُوا﴾ [البقرة: ١١] ﴿وإذا قِيلَ لَهُمُ آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ﴾ [البقرة: ١٣] والكَلامُ في الظَّرْفِيَّةِ والزَّمانِ سَواءٌ. والتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ ﴿وإذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ ﴿وإذا خَلَوْا﴾ فَبِذَلِكَ كانَ مُفِيدًا فائِدَةً زائِدَةً عَلى ما في قَوْلِهِ ﴿ومِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ٨] الآيَةَ، فَلَيْسَ ما هُنا تَكْرارًا مَعَ ما هُناكَ، لِأنَّ المَقْصُودَ هُنا وصْفُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ مَعَ المُؤْمِنِينَ وإيهامِهِمْ أنَّهم مِنهم ولِقائِهِمْ بِوُجُوهِ الصّادِقِينَ، فَإذا فارَقُوهم وخَلَصُوا إلى قَوْمِهِمْ وقادَتِهِمْ خَلَعُوا ثَوْبَ التَّسَتُّرِ وصَرَّحُوا بِما يُبْطِنُونَ. ونُكْتَةُ تَقْدِيمِ الظَّرْفِ تَقَدَّمَتْ في قَوْلِهِ ﴿وإذا قِيلَ لَهم لا تُفْسِدُوا﴾ [البقرة: ١١] ومَعْنى قَوْلِهِمْ آمَنّا أيْ كُنّا مُؤْمِنِينَ، فالمُرادُ مِنَ الإيمانِ في قَوْلِهِمْ آمَنّا الإيمانُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي هو مَجْمُوعُ الأوْصافِ الِاعْتِقادِيَّةِ والعِلْمِيَّةِ الَّتِي تَلَقَّبَ بِها المُؤْمِنُونَ وعُرِفُوا بِها عَلى حَدِّ قَوْلِهِ تَعالى ﴿إنّا هُدْنا إلَيْكَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] أيْ كُنّا عَلى دِينِ اليَهُودِيَّةِ فَلا مُتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ آمَنّا حَتّى يَحْتاجَ لِتَوْجِيهِ حَذْفِهِ أوْ تَقْدِيرِهِ، أوْ أُرِيدَ: آمَنّا بِما آمَنتُمْ بِهِ، والأوَّلُ أظْهَرُ، ولِقاؤُهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا هو حُضُورُهم مَجْلِسَ النَّبِيءِ ﷺ ومَجالِسَ المُؤْمِنِينَ. ومَعْنى ﴿قالُوا آمَنّا﴾ أظْهَرُوا أنَّهم مُؤْمِنُونَ بِمُجَرَّدِ القَوْلِ لا بِعَقْدِ القَلْبِ، أيْ نَطَقُوا بِكَلِمَةِ الإسْلامِ وغَيْرِها مِمّا يُتَرْجِمُ عَنِ الإيمانِ. وقَوْلُهُ ﴿وإذا خَلَوْا إلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إنّا مَعَكُمْ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ ﴿وإذا لَقُوا﴾ والمَقْصُودُ هو هَذا المَعْطُوفُ، وأمّا قَوْلُهُ ﴿وإذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فَتَمْهِيدٌ لَهُ كَما عَلِمْتَ، وذَلِكَ ظاهِرٌ مِنَ السِّياقِ لِأنَّ كُلَّ أحَدٍ يَعْلَمُ أنَّ المَقْصُودَ أنَّهم يَقُولُونَ آمَنّا في حالِ اسْتِهْزاءٍ يُصَرِّحُونَ بِقَصْدِهِ إذا خَلَوْا، بِدَلِيلِ أنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أنَّهم يَأْبَوْنَ مِنَ الإيمانِ ويَقُولُونَ ﴿أنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ﴾ [البقرة: ١٣] إنْكارًا لِذَلِكَ، وواوُ العَطْفِ صالِحَةٌ لِلدَّلالَةِ عَلى المَعِيَّةِ وغَيْرِها بِحَسَبَ السِّياقِ، وذَلِكَ أنَّ السِّياقَ في بَيانِ ما لَهم مِن وجْهَيْنِ وجْهٍ مَعَ المُؤْمِنِينَ ووَجْهٍ مَعَ قادَتِهِمْ، وإنَّما لَمْ يَجْعَلْ مَضْمُونَ الجُمْلَةِ الثّانِيَةِ في (ص-٢٩٠)صُورَةِ الحالِ كَأنْ يُقالَ: قائِلِينَ لِشَياطِينِهِمْ إذا خَلَوْا، ولَمْ نَحْمِلِ الواوَ في قَوْلِهِ ﴿وإذا خَلَوْا﴾ عَلى الحالِ، أمّا الأوَّلُ فَلِأنَّ مَضْمُونَ كِلْتا الجُمْلَتَيْنِ لَمّا كانَ صالِحًا لِأنْ يُعْتَبَرَ صِفَةً مُسْتَقِلَّةً دالَّةً عَلى النِّفاقِ قُصِدَ بِالعَطْفِ اسْتِقْلالُ كِلْتَيْهِما لِأنَّ الغَرَضَ تَعْدادُ مَساوِيهِمْ فَإنَّ مَضْمُونَ ﴿وإذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا﴾ مُنادٍ وحْدُهُ بِنِفاقِهِمْ في هاتِهِ الحالَةِ. كَما يُفْصِحُ عَنْهُ قَوْلُهُ ﴿وإذا لَقُوا﴾ الدّالُّ عَلى أنَّ ذَلِكَ في وقْتٍ مَخْصُوصٍ، وأمّا الثّانِي فَلِأنَّ الأصْلَ اتِّحادُ مَوْقِعِ الجُمْلَتَيْنِ المُتَماثِلَتَيْنِ لَفْظًا. ولِما تَقَدَّمَ إيضاحُهُ في وجْهِ العُدُولِ عَنِ الإتْيانِ بِالحالِ. والشَّياطِينُ جَمْعُ شَيْطانٍ - جَمْعُ تَكْسِيرٍ - وحَقِيقَةُ الشَّيْطانِ أنَّهُ نَوْعٌ مِنَ المَخْلُوقاتِ المُجَرَّدَةِ، طَبِيعَتُها الحَرارَةُ النّارِيَّةُ وهم مِن جِنْسِ الجِنِّ قالَ تَعالى في إبْلِيسَ ﴿كانَ مِنَ الجِنِّ﴾ [الكهف: ٥٠] وقَدِ اشْتَهَرَ ذِكْرُهُ في كَلامِ الأنْبِياءِ والحُكَماءِ، ويُطْلَقُ الشَّيْطانُ عَلى المُفْسِدِ ومُثِيرِ الشَّرِّ، تَقُولُ العَرَبُ: فُلانٌ مِنَ الشَّياطِينِ ومِن شَياطِينِ العَرَبِ، وذَلِكَ اسْتِعارَةٌ، وكَذَلِكَ أُطْلِقَ هُنا عَلى قادَةِ المُنافِقِينَ في النِّفاقِ، قالَ تَعالى ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ﴾ [الأنعام: ١١٢] إلَخْ. ووَزْنُ شَيْطانٍ اخْتَلَفَ فِيهِ البَصْرِيُّونَ والكُوفِيُّونَ مِن عُلَماءِ العَرَبِيَّةِ فَقالَ البَصْرِيُّونَ: هو فَيْعالٌ مِن شَطَنَ بِمَعْنى بَعُدَ؛ لِأنَّهُ أُبْعِدَ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وعَنِ الجَنَّةِ؛ فَنُونُهُ أصْلِيَّةٌ. وقالَ الكُوفِيُّونَ: هو فَعْلانُ مِن شاطَ بِمَعْنى هاجَ أوِ احْتَرَقَ أوْ بَطَلَ، ووَجْهُ التَّسْمِيَةِ ظاهِرٌ. ولا أحْسَبُ هَذا الخِلافَ إلّا أنَّهُ بَحْثٌ عَنْ صِيغَةِ اشْتِقاقِهِ فَحَسْبُ، أيِ البَحْثُ عَنْ حُرُوفِهِ الأُصُولِ وهَلْ نُونُهُ أصْلٌ أوْ زائِدٌ، وإلّا فَإنَّهُ لا يُظَنُّ بِنُحاةِ الكُوفَةِ أنْ يَدَّعُوا أنَّهُ يُعامَلُ مُعامَلَةَ الوَصْفِ الَّذِي فِيهِ زِيادَةُ الألِفِ والنُّونِ مِثْلُ غَضْبانَ، كَيْفَ وهو مُتَّفَقٌ عَلى عَدَمِ مَنعِهِ مِنَ الصَّرْفِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وحَفِظْناها مِن كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ﴾ [الحجر: ١٧] وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ ويَرُدُّ عَلى قَوْلِ الكُوفِيِّينَ أنَّ سِيبَوَيْهِ حَكى أنَّ العَرَبَ تَقُولُ تَشَيْطَنَ إذا فَعَلَ فِعْلَ الشَّيْطانِ، فَهَذا يُبَيِّنُ أنَّهُ مِن شَطَنَ وإلّا لَقالُوا تَشَيَّطَ اهـ. وفِي الكَشّافِ: جَعَلَ سِيبَوَيْهِ نُونَ شَيْطانٍ في مَوْضِعٍ مِن كِتابِهِ أصْلِيَّةً وفي آخَرَ زائِدَةً اهـ. والوَجْهُ أنَّ تَشَيْطَنَ لَمّا كانَ وصْفًا مُشْتَقًّا مِنَ الِاسْمِ كَقَوْلِهِمْ تَنَمَّرَ، أثْبَتُوا فِيهِ حُرُوفَ الِاسْمِ عَلى ما هي عَلَيْهِ لِأنَّهم عامَلُوهُ مُعامَلَةَ الجامِدِ دُونَ المُشْتَقِّ؛ لِأنَّهُ لَيْسَ مُشْتَقًّا مِمّا اشْتُقَّ مِنهُ الِاسْمُ بَلْ مِن حُرُوفِ الِاسْمِ فَهو اشْتِقاقٌ حَصَلَ بَعْدَ تَحْقِيقِ الِاسْتِعْمالِ (ص-٢٩١)وقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مادَّةِ الِاشْتِقاقِ الأوَّلِ، فَلا يَكُونُ قَوْلُهم ذَلِكَ مُرَجِّحًا لِأحَدِ القَوْلَيْنِ. وعِنْدِي أنَّهُ اسْمٌ جامِدٌ شابَهَ في حُرُوفِهِ مادَّةً مُشْتَقَّةً ودَخَلَ في العَرَبِيَّةِ مِن لُغَةٍ سابِقَةٍ لِأنَّ هَذا الِاسْمَ مِنَ الأسْماءِ المُتَعَلِّقَةِ بِالعَقائِدِ والأدْيانِ، وقَدْ كانَ لِعَرَبِ العِراقِ فِيها السَّبْقُ قَبْلَ انْتِقالِهِمْ إلى الحِجازِ واليَمَنِ، ويَدُلُّ لِذَلِكَ تَقارُبُ الألْفاظِ الدّالَّةِ عَلى هَذا المَعْنى في أكْثَرِ اللُّغاتِ القَدِيمَةِ. وكُنْتُ رَأيْتُ قَوْلَ مَن قالَ: إنَّ اسْمَهُ في الفارِسِيَّةِ سَيْطانٌ. وخَلَوْا بِمَعْنى انْفَرَدُوا فَهو فِعْلٌ قاصِرٌ ويُعَدّى بِالباءِ وبِاللّامِ ومِن ومَعَ بِلا تَضْمِينٍ، ويُعَدّى بِإلى عَلى تَضْمِينِ مَعْنى آبَ أوْ خَلُصَ، ويُعَدّى بِنَفْسِهِ عَلى تَضْمِينِ تَجاوَزَ وباعَدَ، ومِنهُ ما شاعَ مِن قَوْلِهِمُ افْعَلْ كَذا وخَلاكَ ذَمٌّ؛ أيْ إنَّ تَبِعَةَ الأمْرِ أوْ ضُرَّهُ لا تَعُودُ عَلَيْكَ. وقَدْ عُدِّيَ هُنا بِإلى لِيُشِيرَ إلى أنَّ الخَلْوَةَ كانَتْ في مَواضِعَ هي مَآبَهم ومَرْجِعَهم، وأنَّ لِقاءَهم لِلْمُؤْمِنِينَ إنَّما هو صُدْفَةٌ ولَمَحاتٌ قَلِيلَةٌ، أفادَ ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُهُ ”لَقُوا“ و”خَلَوْا“ . وهَذا مِن بَدِيعِ فَصاحَةِ الكَلِماتِ وصَراحَتِها. واعْلَمْ أنَّهُ حُكِيَ خِطابُهم لِلَّذِينَ آمَنُوا بِما يَقْتَضِي أنَّهم لَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِما يُحَقِّقُ الخَبَرَ مِن تَأْكِيدٍ، وخِطابُهم مُوهِمٌ بِما يَقْتَضِي أنَّهم حَقَّقُوا لَهم بَقاءَهم عَلى دِينِهِمْ بِتَأْكِيدِ الخَبَرِ بِما دَلَّ عَلَيْهِ حَرْفُ التَّأْكِيدِ في قَوْلِهِ ﴿إنّا مَعَكُمْ﴾ مَعَ أنَّ مُقْتَضى الظّاهِرِ أنْ يَكُونَ كَلامُهم بِعَكْسِ ذَلِكَ؛ لِأنَّ المُؤْمِنِينَ يَشُكُّونَ في إيمانِ المُنافِقِينَ، وقَوْمُهم لا يَشُكُّونَ في بَقائِهِمْ عَلى دِينِهِمْ، فَجاءَتْ حِكايَةُ كَلامِهِمُ المُوافِقَةُ لِمَدْلُولاتِهِ عَلى خِلافِ مُقْتَضى الظّاهِرِ لِمُراعاةِ ما هو أجْدَرُ بِعِنايَةِ البَلِيغِ مِن مُقْتَضى الظّاهِرِ. فَخَلَّوْ خِطابَهم مَعَ المُؤْمِنِينَ عَمّا يُفِيدُ تَأْكِيدَ الخَبَرِ لِأنَّهم لا يُرِيدُونَ أنْ يَعْرِضُوا أنْفُسَهم في مَعْرِضِ مَن يَتَطَرَّقُ ساحَتَهُ الشَّكُّ في صِدْقِهِ لِأنَّهم إذا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ أيْقَظُوهم إلى الشَّكِّ وذَلِكَ مِن إتْقانِ نِفاقِهِمْ، عَلى أنَّهُ قَدْ يَكُونُ المُؤْمِنُونَ أخْلِياءَ الذِّهْنِ مِنَ الشَّكِّ في المُنافِقِينَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِمْ عِنْدَهم فَيَكُونُ تَجْرِيدُ الخَبَرِ مِنَ المُؤَكِّداتِ مُقْتَضى الظّاهِرِ. وأمّا قَوْلُهم لِقَوْمِهِمْ إنّا مَعَكم بِالتَّأْكِيدِ فَذَلِكَ لِأنَّهُ لَمّا بَدا مِن إبْداعِهِمْ في النِّفاقِ عِنْدَ لِقاءِ المُسْلِمِينَ ما يُوجِبُ شَكَّ كُبَرائِهِمْ في البَقاءِ عَلى الكُفْرِ، وتَطْرُقُ بِهِ التُّهْمَةُ أبْوابَ قُلُوبِهِمُ (ص-٢٩٢)احْتاجُوا إلى تَأْكِيدِ ما يَدُلُّ عَلى أنَّهم باقُونَ عَلى دِينِهِمْ. وكَذَلِكَ قَوْلُهم ﴿إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ فَقَدْ أبْدَوْا بِهِ وجْهَ ما أظْهَرُوهُ لِلْمُؤْمِنِينَ وجاءُوا فِيهِ بِصِيغَةِ قَصْرِ القَلْبِ لِرَدِّ اعْتِقادِ شَياطِينِهِمْ فِيهِمْ أنَّ ما أظْهَرُوهُ لِلْمُؤْمِنِينَ حَقِيقَةٌ وإيمانٌ صادِقٌ. وقَدْ وجَّهَ صاحِبُ الكَشّافِ العُدُولَ عَنِ التَّأْكِيدِ في قَوْلِهِمْ ”آمَنّا“ والتَّأْكِيدَ في قَوْلِهِمْ: إنّا مَعَكم، بِأنَّ مُخاطَبَتَهُمُ المُؤْمِنِينَ انْتَفى عَنْها ما يَقْتَضِي تَأْكِيدَ الخَبَرِ؛ لِأنَّ المُخْبِرِينَ لَمْ يَتَعَلَّقْ غَرَضُهم بِأكْثَرَ مِنِ ادِّعاءِ حُدُوثِ إيمانِهِمْ لِأنَّ نُفُوسَهم لا تُساعِدُهم عَلى أنْ يَتَلَفَّظُوا بِأقْوى مِن ذَلِكَ، ولِأنَّهم عَلِمُوا أنَّ ذَلِكَ لا يُرَوَّجُ عَلى المُسْلِمِينَ، أيْ فاقْتَصَرُوا عَلى اللّازِمِ مِنَ الكَلامِ، فَإنَّ عَدَمَ التَّأْكِيدِ في الكَلامِ قَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ اعْتِناءِ المُتَكَلِّمِ بِتَحْقِيقِهِ، ولِعِلْمِهِ أنَّ تَأْكِيدَهُ عَبَثٌ لِعَدَمِ رَواجِهِ عِنْدَ السّامِعِ، وهَذِهِ نُكْتَةٌ غَرِيبَةٌ مَرْجِعُها قَطْعُ النَّظَرِ عَنْ إنْكارِ السّامِعِ والإعْراضُ عَنِ الِاهْتِمامِ بِالخَبَرِ. وأمّا مُخاطَبَتُهم شَياطِينَهم فَإنَّما أتَوْا بِالخَبَرِ فِيها مُؤَكَّدًا لِإفادَةِ اهْتِمامِهِمْ بِذَلِكَ الخَبَرِ وصِدْقِ رَغْبَتِهِمْ في النُّطْقِ بِهِ ولِعِلْمِهِمْ أنَّ ذَلِكَ رائِجٌ عِنْدَ المُخاطَبِينَ، فَإنَّ التَّأْكِيدَ قَدْ يَكُونُ لِاعْتِناءِ المُتَكَلِّمِ بِالخَبَرِ ورَواجِهِ عِنْدَ السّامِعِ؛ أيْ فَهو تَأْكِيدٌ لِلِاهْتِمامِ لا لِرَدِّ الإنْكارِ. وقَوْلُهم: ”﴿إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾“ قَصَرُوا أنْفُسَهم عَلى الِاسْتِهْزاءِ قَصْرًا إضافِيًّا لِلْقَلْبِ أيْ مُؤْمِنُونَ مُخْلِصُونَ، وجُمْلَةُ ﴿إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ تَقْرِيرٌ لِقَوْلِهِ ﴿إنّا مَعَكُمْ﴾ لِأنَّهم إذا كانُوا مَعَهم كانَ ما أظْهَرُوهُ مِن مُفارَقَةِ دِينِهِمُ اسْتِهْزاءً أوْ نَحْوَهُ، فَأمّا أنْ تَكُونَ الجُمْلَةُ الثّانِيَةُ اسْتِئْنافًا واقِعَةً في جَوابِ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ؛ كَأنَّ سائِلًا يَعْجَبُ مِن دَعْوى بَقائِهِمْ عَلى دِينِهِمْ لِما أتْقَنُوهُ مِن مَظاهِرِ النِّفاقِ في مُعامَلَةِ المُسْلِمِينَ، ويُنْكِرُ أنْ يَكُونُوا باقِينَ عَلى دِينِهِمْ ويَسْألُ: كَيْفَ أمْكَنَ الجَمْعُ بَيْنَ البَقاءِ عَلى الدِّينِ وإظْهارِ المَوَدَّةِ لِلْمُؤْمِنِينَ ؟ ! فَأجابُوا: إنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ، وبِهِ يَتَّضِحُ وجْهُ الإتْيانِ بِأداةِ القَصْرِ لِأنَّ المُنْكِرَ السّائِلَ يَعْتَقِدُ كَذِبَهم في قَوْلِهِمْ: إنّا مَعَكم، ويَدَّعِي عَكْسَ ذَلِكَ، وإمّا أنْ تَكُونَ الجُمْلَةُ بَدَلًا مِن ”إنّا مَعَكم“ بَدَلَ اشْتِمالٍ؛ لِأنَّ مَن دامَ عَلى الكُفْرِ وتَغالى فِيهِ، وهو مُقْتَضى ”مَعَكم“ أيْ في تَصَلُّبِكم، فَقَدْ حَقَّرَ الإسْلامَ وأهْلَهُ واسْتَخَفَّ بِهِمْ، والوَجْهُ الأوَّلُ أوْلى الوُجُوهِ لِأنَّهُ يَجْمَعُ ما تُفِيدُهُ البَدَلِيَّةُ والتَّأْكِيدُ مِن تَقْرِيرِ مَضْمُونِ الجُمْلَةِ الأُولى مَعَ ما فِيهِ مِنَ الإشارَةِ إلى رَدِّ التَّحَيُّرِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ السُّؤالُ، وهَذا يَفُوتُ عَلى تَقْدِيرَيِ التَّأْكِيدِ والبَدَلِيَّةِ. والِاسْتِهْزاءُ: السُّخْرِيَةُ، يُقالُ: هَزَأ بِهِ واسْتَهْزَأ بِهِ فالسِّينُ والتّاءُ لِلتَّأْكِيدِ مِثْلُ اسْتَجابَ، أيْ عامَلَهُ فِعْلًا أوْ (ص-٢٩٣)قَوْلًا يَحْصُلُ بِهِ احْتِقارُهُ أوْ والتَّطْرِيَةُ بِهِ، سَواءٌ أشْعَرَهُ بِذَلِكَ أمْ أخْفاهُ عَنْهُ. والباءُ فِيهِ لِلسَّبَبِيَّةِ، قِيلَ: لا يَتَعَدّى بِغَيْرِ الباءِ وقِيلَ يَتَعَدّى بِمِن، وهو مُرادِفُ سَخِرَ في المَعْنى دُونَ المادَّةِ كَما سَيَأْتِي في سُورَةِ الأنْعامِ. وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ (مُسْتَهْزُونَ) بِدُونِ هَمْزَةٍ وبِضَمِّ الزّايِ تَخْفِيفًا وهو لُغَةٌ فَصِيحَةٌ في المَهْمُوزِ.
آیه قبلی
آیه بعدی