فلما راى ايديهم لا تصل اليه نكرهم واوجس منهم خيفة قالوا لا تخف انا ارسلنا الى قوم لوط ٧٠
فَلَمَّا رَءَآ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةًۭ ۚ قَالُوا۟ لَا تَخَفْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍۢ ٧٠
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
۳

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: فلما رأى إبراهيم أيديَهم لا تصل إلى العجل الذي أتاهم به، والطعام الذي قدّم إليهم ، نكرهم، وذلك أنه لما قدم طعامه صلى الله عليه وسلم إليهم ، فيما ذكر، كفّوا عن أكله، لأنهم لم يكونوا ممن يأكله. وكان إمساكهم عن أكله ، عند إبراهيم ، وهم ضِيَفانه مستنكرًا. ولم تكن بينهم معرفةٌ، وراعه أمرهم، وأوجس في نفسه منهم خيفة.

* * *

وكان قتادة يقول: كان إنكاره ذلك من أمرهم ، كما:-

18311- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة) ، وكانت العرب إذا نـزل بهم ضيف فلم يطعم من طعامهم، ظنوا أنه لم يجئ بخير، وأنه يحدِّث نفسه بشرّ.

18312- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرَهم) ، قال : كانوا إذا نـزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم، ظنوا أنه لم يأت بخير، وأنه يحدّث نفسه بشرّ، ثم حدَّثوه عند ذلك بما جاؤوا.

*وقال غيره في ذلك ما:-

18313- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا إسرائيل، عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان قال: لما دخل ضيف إبراهيم عليه السلام ، قرّب إليهم العجل، فجعلوا ينكتُون بقِداح في أيديهم من نبْل، ولا تصل أيديهم إليه، نكرهم عند ذلك. (37)

* * *

يقال منه: " نكرت الشيء أنكره "، و " أنكرته أنكره " ، بمعنى واحد، ومن " نكرت " و " أنكرت "، قول الأعشى:

وَأَنْكَـرَتْنِي وَمَـا كَـانَ الَّـذِي نَكِـرَتْ

مِـنَ الحَـوَادِثِ , إلا الشَّـيْبَ وَالصَّلَعَا (38)

فجمع اللغتين جميعا في البيت. وقال أبو ذؤيب:

فَنَكِرْنَــهُ , فَنَفَـرْنَ, وامْتَرَسَـتْ بِـهِ

هَوْجَــاءُ هَادِيَــةٌ وَهَــادٍ جُرْشُـعُ (39)

* * *

وقوله: (وأوجس منهم خيفة) ، يقول: أحسَّ في نَفسه منهم خيفة وأضمرها. (40) ، (قالوا لا تخف ) ، يقول: قالت الملائكة ، لما رأت ما بإبراهيم من الخوف منهم: لا تخف منا وكن آمنًا، فإنا ملائكة ربّك ، (أرسلنا إلى قوم لوط).

---------------------

الهوامش :

(37) الأثر : 18313 - " الأسود بن قيس العبدي ، البجلي " ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 7440 .

و" جندب بن سفيان " ، منسوب إلى جده ، وهو : " جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي " ، كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم غلامًا حزورًا ، كما قال هو ، وهو الذي راهق ، ولم يدرك بعد . مترجم في الإصابة ، وغيره ، وفي التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 220 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 510 .

(38) ديوانه : 72 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 293 ، واللسان ( نكر ) وغيرهما ، وسيأتي في التفسير 29 : 145 ( بولاق ) ، ومما يرويه أبو عبيدة ، أن أبا عمرو بن العلاء قال : " أنا قلت هذا البيت وأستغفر الله " ، فلم يروه ، وأنه أنشد بشارًا هذا البيت وهو يسمعه وقيل له : إنه للأعشى ، فقال : ليس هذا من كلامه . فقلت له : يا سيدي ، ولا عرف القصيدة . ثم قال : أعمى شيطان . وهذه قصة تروى أنا في شك منها .

(39) ديوانه ، ( ديوان الهذليين ) 1 : 8 ، وشرح المفضليات : 867 ، وغيرهما ، يذكر حمر الوحش ، لما شرعت في الماء ، وسمعت حس الصائد ، فقال :

فَشَــرِبْنَ ثُـمَّ سَـمِعْنَ حِسًّـا دُونَـهُ

شَـرَفُ الحِجَـابِ , وَرَيْبَ قَرْعٍ يَقْرَعُ

وَنمِيمَــةً مِـنْ قَــانِصٍ متلبِّــبٍ

فـي كَفِّـهِ جَـشْءٌ أَجَـشُّ وأَقْطَـعُ

يقول : سمعن حس الصائد ، يحجبه ما ارتفع من الحرة وهو " شرف الحجاب " ، ثم يقول : سمعن ما رابهن من قرع القوس وصوت الوتر ، وسمعن نميمة الصائد ، وهو ما ينم عليه من حركته ، و" المتلبب "المحتزم بثوبه . و" الجشء " القضيب الذي تعمل منه القوس . و" أجش " غليظ الصوت . و" الأقطع " جمع " قطع " ( بكسر فسكون ) ، وهو نصل بين النصلين ، صغير . يقول : فلما سمعت ذلك أنكرته فنفرت ، فامترست الأتان بالحمار ، أي دنت منه دنوًا شديدًا ، من شدة ملازمتها له . و"سطعاء " طويلة العنق ، و"هادية " متقدمة ، وهو "هاد " متقدم ، " جرشع "، منتفخ الجنبين .

وأما رواية " هوجاء هادية " ، فإنه يعني : جريئة متقدمة . .

(40) انظر تفسير " خيفة " فيما سلف 13 : 353 .