Iniciar sesión
Configuración
Select an option
Al-Fátiha
Al-Báqara
Al-Imrán
An-Nisá
Al-Máida
Al-An’ám
Al-A’ráf
Al-Anfál
At-Táuba
Yúnus
Húd
Yúsuf
Ar-Ra’d
Ibrahím
Al-Híjr
An-Náhl
Al-Isrá
Al-Káhf
Máriam
Tá-Há
Al-Anbiyá
Al-Háy
Al-Múminún
An-Núr
Al-Furqán
Ash-Shuará
An-Náml
Al-Qásas
Al-Ánkabút
Ar-Rúm
Luqmán
As-Sáyda
Al-Ahzáb
Sábá'
Fátir
Yá-Sín
As-Sáffat
Sád
Az-Zúmar
Gáfir
Fussílat
Ash-Shurá
Az-Zújruf
Ad-Duján
Al-Yáziya
Al-Ahqáf
Mujámmad
Al-Fát(h)
Al-Húyurát
Qáf
Ad-Dzáriyát
At-Túr
An-Náyam
Al-Qámar
Ar-Rahmán
Al-Wáqi’a
Al-Hadíd
Al-Muyádila
Al-Hashr
Al-Mumtájana
As-Saff
Al-Yumua
Al-Munáfiqún
At-Tagábon
At-Talák
At-Tahrím
Al-Múlk
Al-Qálam
Al-Háqqa
Al-Ma’áriy
Núh
Al-Yinn
Al-Muzámmil
Al-Mudázir
Al-Qiyáma
Al-Insán
Al-Mursalát
An-Nabá
An-Názi’at
‘Abasa
At-Takwír
Al-Infitár
Al-Mutaffifín
Al-Inshiqák
Al-Burúy
At-Táriq
Al-A’lá
Al-Ghashiya
Al-Fáyr
Al-Bálad
Ash-Sháms
Al-Láyl
Ad-Duhá
Ash-Shárh
At-Tín
Al-Álaq
Al-Qádr
Al-Báyyina
Az-Zálzala
Al-Ádiyát
Al-Qári’a
At-Takázur
Al-Ásr
Al-Húmaza
Al-Fíl
Quráish
Al-Máun
Al-Káuzar
Al-Káfirún
An-Násr
Al-Másad
Al-Ij'lás
Al-Fálaq
An-Nás
Select an option
1
2
3
4
5
6
7
8
Select an option
العربية
বাংলা
English
русский
Kiswahili
Kurdî
اردو
Arabic Tanweer Tafseer
Estás leyendo un tafsir para el grupo de versículos 94:1 hasta 94:4
الم نشرح لك صدرك ١ ووضعنا عنك وزرك ٢ الذي انقض ظهرك ٣ ورفعنا لك ذكرك ٤
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ١ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ٢ ٱلَّذِىٓ أَنقَضَ ظَهْرَكَ ٣ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ٤
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
﴿ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ ﴿ووَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ ﴿الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ ﴿ورَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ . اسْتِفْهامٌ تَقْرِيرِيٌّ عَلى النَّفْيِ. والمَقْصُودُ التَّقْرِيرُ عَلى إثْباتِ المَنفِيِّ كَما تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ. وهَذا التَّقْرِيرُ مَقْصُودٌ بِهِ التَّذْكِيرُ لِأجْلِ أنْ يُراعِيَ هَذِهِ المِنَّةَ عِنْدَما يُخالِجُهُ ضِيقُ صَدْرٍ مِمّا يَلْقاهُ مِن أذى قَوْمٍ يُرِيدُ صَلاحَهم وإنْقاذَهم مِنَ النّارِ ورَفْعَ شَأْنِهِمْ بَيْنَ الأُمَمِ، لِيَدُومَ عَلى دَعْوَتِهِ العَظِيمَةِ نَشِيطًا غَيْرَ ذِي أسَفٍ ولا كَمَدٍ. والشَّرْحُ حَقِيقَتُهُ: فَصْلُ أجْزاءِ اللَّحْمِ بَعْضِها عَنْ بَعْضٍ، ومِنهُ الشَّرِيحَةُ لِلْقِطْعَةِ مِنَ اللَّحْمِ، والتَّشْرِيحُ في الطِّبِّ، ويُطْلَقُ عَلى انْفِعالِ النَّفْسِ بِالرِّضى بِالحالِ المُتَلَبِّسِ بِها. وظاهِرُ كَلامِ الأساسِ أنَّ هَذا إطْلاقٌ حَقِيقِيٌّ. ولَعَلَّهُ راعى كَثْرَةَ الِاسْتِعْمالِ، أيْ: هو مِنَ المَجازِ الَّذِي يُساوِي الحَقِيقَةَ؛ لِأنَّ الظّاهِرَ أنَّ الشَّرْحَ الحَقِيقِيَّ خاصٌّ بِشَرْحِ اللَّحْمِ، وأنَّ إطْلاقَ الشَّرْحِ عَلى رِضى النَّفْسِ بِالحالِ أصْلُهُ اسْتِعارَةٌ ناشِئَةٌ عَنْ إطْلاقِ لَفْظِ الضِّيقِ وما تَصَرَّفَ مِنهُ عَلى الإحْساسِ بِالحُزْنِ والكَمَدِ، قالَ تَعالى: (﴿وضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ﴾ [هود: ١٢]) الآيَةَ. فَجُعِلَ إزالَةُ ما في النَّفْسِ مِن حُزْنٍ مِثْلَ شَرْحِ اللَّحْمِ وهَذا الأنْسَبُ بِقَوْلِهِ: (﴿فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: ٥]) . وتَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (﴿قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [طه: ٢٥]) في سُورَةِ طه. فالصَّدْرُ مُرادٌ بِهِ الإحْساسُ الباطِنِيُّ الجامِعُ لِمَعْنى العَقْلِ والإدْراكِ. وشَرْحُ صَدْرِهِ كِنايَةٌ عَنِ الإنْعامِ عَلَيْهِ بِكُلِّ ما تَطْمَحُ إلَيْهِ نَفْسُهُ الزَّكِيَّةُ مِنَ الكِمالاتِ وإعْلامِهِ بِرِضى اللَّهِ عَنْهُ وبِشارَتِهِ بِما سَيَحْصُلُ لِلدِّينِ الَّذِي جاءَ بِهِ مِنَ النَّصْرِ. هَذا تَفْسِيرُ الآيَةِ بِما يُفِيدُهُ نَظْمُها واسْتِقْلالُها عَنِ المَرْوِيّاتِ الخارِجِيَّةِ، فَفَسَّرَها ابْنُ عَبّاسٍ بِأنَّ اللَّهَ شَرَحَ قَلْبَهُ بِالإسْلامِ، وعَنِ الحَسَنِ قالَ: شَرْحُ صَدْرِهِ أنْ مُلِئَ عِلْمًا وحُكْمًا، وقالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: شَرَحَ صَدْرَهُ بِنُورِ الرِّسالَةِ. (ص-٤٠٩)وعَلى هَذا الوَجْهِ حَمَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ ونَسَبَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ إلى الجُمْهُورِ. ويَجُوزُ أنْ يُجْعَلَ الشَّرْحُ شَرْحًا بَدَنِيًّا. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ فَسَّرَ بِهِ وهو ظاهِرُ صَنِيعِ التِّرْمِذِيِّ، إذْ أخْرَجَ حَدِيثَ شَقِّ الصَّدْرِ الشَّرِيفِ في تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَتَكُونُ الآيَةُ إشارَةً إلى مَرْوِيّاتٍ في شَقِّ صَدْرِهِ ﷺ شَقًّا قُدُسِيًّا، وهو المَرْوِيُّ بَعْضُ خَبَرِهِ في الصَّحِيحَيْنِ، والمَرْوِيُّ مُطَوَّلًا في السِّيرَةِ والمَسانِيدِ، فَوَقَعَ في بَعْضِ الرِّواياتِ في الصَّحِيحَيْنِ أنَّهُ كانَ في رُؤْيا النَّوْمِ ورُؤْيا الأنْبِياءِ وحْيٌ، وفي بَعْضِها أنَّهُ كانَ يَقَظَةً، وهو ظاهِرُ ما في البُخارِيِّ، وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أنَّهُ يَقَظَةٌ وبِمَرْأًى مِن غِلْمانٍ أتْرابِهِ، وفي حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ أنَّهُ قالَ: رَأيْتُ أثَرَ الشَّقِّ في جِلْدِ صَدْرِ النَّبِيءِ ﷺ . وفي بَعْضِ الرِّواياتِ أنَّ النَّبِيءَ ﷺ كانَ بَيْنَ النّائِمِ واليَقْظانِ، والرِّواياتُ مُخْتَلِفَةٌ في زَمانِهِ ومَكانِهِ مَعَ اتِّفاقِها عَلى أنَّهُ كانَ بِمَكَّةَ. واخْتِلافُ الرِّواياتِ حَمَلَ بَعْضَ أهْلِ العِلْمِ عَلى القَوْلِ بِأنَّ شَقَّ صَدْرِهِ الشَّرِيفِ تَكَرَّرَ مَرَّتَيْنِ إلى أرْبَعٍ، مِنها حِينَ كانَ عِنْدَ حَلِيمَةَ. وفي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أنَّ الشَّقَّ كانَ وعُمُرُ النَّبِيءِ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ. والَّذِي في الصَّحِيحِ عَنْ أبِي ذَرٍّ أنَّهُ كانَ عِنْدَ المِعْراجِ بِهِ إلى السَّماءِ، ولَعَلَّ بَعْضَها كانَ رُؤْيا وبَعْضَها حِسًّا. ولَيْسَ في شَيْءٍ مِن هَذِهِ الأخْبارِ عَلى اخْتِلافِ مَراتِبِها ما يَدُلُّ عَلى أنَّهُ الشَّرْحُ المُرادُ في الآيَةِ، وإذْ قَدْ كانَ ذَلِكَ الشَّقُّ مُعْجِزَةً خارِقَةً لِلْعادَةِ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُرادًا، وهو ما نَحّاهُ أبُو بَكْرِ بْنُ العَرَبِيِّ في الأحْكامِ، وعَلَيْهِ يَكُونُ الصَّدْرُ قَدْ أُطْلِقَ عَلى حَقِيقَتِهِ وهو الباطِنُ الحاوِي لِلْقَلْبِ، ومِنَ العُلَماءِ مَن فَسَّرَ الصَّدْرَ بِالقَلْبِ، حَكاهُ عِياضٌ في الشِّفا، يُشِيرُ إلى ما جاءَ في خَبَرِ شَقِّ الصَّدْرِ مِن إخْراجِ قَلْبِهِ وإزالَةِ مَقَرِّ الوَسْوَسَةِ مِنهُ، وكِلا المَعْنَيَيْنِ لِلشَّرْحِ يُفِيدُ أنَّهُ إيقاعُ مَعْنًى عَظِيمٍ لِنَفْسِ النَّبِيءِ ﷺ إمّا مُباشَرَةً وإمّا بِاعْتِبارِ مَغْزاهُ كَما لا يَخْفى. واللّامُ في قَوْلِهِ: (لَكَ) لامُ التَّعْلِيلِ، وهو يُفِيدُ تَكْرِيمًا لِلنَّبِيءِ ﷺ بِأنَّ اللَّهَ فَعَلَ ذَلِكَ لِأجْلِهِ. وفِي ذِكْرِ الجارِّ والمَجْرُورِ قَبْلَ ذِكْرِ المَشْرُوحِ سُلُوكُ طَرِيقَةِ الإبْهامِ لِلتَّشْوِيقِ فَإنَّهُ لَمّا ذُكِرَ فِعْلُ (﴿نَشْرَحْ﴾) عَلِمَ السّامِعُ أنَّ ثَمَّ مَشْرُوحًا، فَلَمّا وقَعَ قَوْلُهُ (لَكَ) قَوِيَ الإبْهامُ فَزادَ التَّشْوِيقُ؛ لِأنَّ (لَكَ) يُفِيدُ مَعْنى: شَيْئًا لِأجْلِكَ، فَلَمّا وقَعَ بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (ص-٤١٠)(صَدْرَكَ) تَعَيَّنَ المَشْرُوحُ المُتَرَقَّبُ فَتَمَكَّنَ في الذِّهْنِ كَمالَ تَمَكُّنٍ، وهَذا ما أشارَ إلَيْهِ في الكَشّافِ وقَفّى عَلَيْهِ صاحِبُ المِفْتاحِ في مَبْحَثِ الإطْنابِ. والوِزْرُ: الحَرَجُ، ووَضْعُهُ: حَطُّهُ عَنْ حامِلِهِ، والكَلامُ تَمْثِيلٌ لِحالِ إزالَةِ الشَّدائِدِ والكُرُوبِ بِحالِ مَن يَحُطُّ ثِقْلًا عَنْ حامِلِهِ لِيُرِيحَهُ مِن عَناءِ الثِّقَلِ. والمَعْنى: أنَّ اللَّهَ أزالَ عَنْهُ كُلَّ ما كانَ يَتَحَرَّجُ مِنهُ مِن عاداتِ أهْلِ الجاهِلِيَّةِ الَّتِي لا تُلائِمُ ما فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ نَفْسَهُ مِنَ الزَّكاءِ والسُّمُوِّ، ولا يَجِدُ بُدًّا مِن مُسايَرَتِهِمْ عَلَيْهِ، فَوَضَعَ عَنْهُ ذَلِكَ حِينَ أوْحى إلَيْهِ بِالرِّسالَةِ، وكَذَلِكَ ما كانَ يَجِدُهُ في أوَّلِ بِعْثَتِهِ مِن ثِقَلِ الوَحْيِ فَيَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى﴾ [الأعلى: ٦]) إلى قَوْلِهِ: (﴿ونُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى﴾ [الأعلى: ٨]) . و(أنْقَضَ): جَعَلَ الشَّيْءَ ذا نَقِيضٍ، والنَّقِيضُ: صَوْتُ صَرِيرِ المَحْمِلِ والرَّحْلِ، وصَوْتُ عِظامِ المَفاصِلِ، وفَرْقَعَةُ الأصابِعِ، وفِعْلُهُ القاصِرُ مِن بابِ نَصَرَ ويُعَدّى بِالهَمْزَةِ. وإسْنادُ (أنْقَضَ) إلى الوِزْرِ مَجازٌ عَقْلِيٌّ، وتَعْدِيَتُهُ إلى الظَّهْرِ تَبَعٌ لِتَشْبِيهِ المَشَقَّةِ بِالحَمْلِ، فالتَّرْكِيبُ تَمْثِيلٌ لِمُتَجَشِّمِ المَشاقِّ الشَّدِيدَةِ بِالحَمُولَةِ المُثْقَلَةِ بِالإجْمالِ تَثْقِيلًا شَدِيدًا حَتّى يُسْمَعَ لِعِظامِ ظَهْرِها فَرْقَعَةٌ وصَرِيرٌ، وهو تَمْثِيلٌ بَدِيعٌ لِأنَّهُ تَشْبِيهٌ مُرَكَّبٌ قابِلٌ لِتَفْرِيقِ التَّشْبِيهِ عَلى أجْزائِهِ. ووَصْفُ الوِزْرِ بِهَذا الوَصْفِ تَكْمِيلٌ لِلتَّمْثِيلِ بِأنَّهُ وِزْرٌ عَظِيمٌ. واعْلَمْ أنَّ في قَوْلِهِ: (﴿أنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾) اتِّصالُ حَرْفَيِ الضّادِ والظّاءِ وهُما مُتَقارِبا المَخْرَجِ، فَرُبَّما يَحْصُلُ مِنَ النُّطْقِ بِهِما شَيْءٌ مِنَ الثِّقَلِ عَلى اللِّسانِ ولَكِنَّهُ لا يُنافِي الفَصاحَةَ، إذْ لا يَبْلُغُ مَبْلَغَ ما يُسَمّى بِتَنافُرِ الكَلِماتِ، بَلْ مِثْلُهُ مُغْتَفَرٌ في كَلامِ الفُصَحاءِ. والعَرَبُ فُصَحاءُ الألْسُنِ فَإذا اقْتَضى نَظْمُ الكَلامِ وُرُودَ مِثْلِ هَذَيْنِ الحَرْفَيْنِ المُتَقارِبَيْنِ لَمْ يَعْبَأِ البَلِيغُ بِما يَعْرِضُ عِنْدَ اجْتِماعِهِما مِن بَعْضِ الثِّقَلِ، ومِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: (وسَبِّحْهُ) في اجْتِماعِ الحاءِ مَعَ الهاءِ، وذَلِكَ حَيْثُ لا يَصِحُّ الإدْغامُ. وقَدْ أوْصى عُلَماءُ التَّجْوِيدِ بِإظْهارِ الضّادِ مَعَ الظّاءِ إذا تَلاقَيا كَما في هَذِهِ الآيَةِ وقَوْلِهِ: (﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ﴾ [الفرقان: ٢٧]) ولَها نَظائِرُ في القُرْآنِ. (ص-٤١١)وهَذِهِ الآيَةُ هي المُشْتَهَرَةُ ولَمْ يَزَلِ الأيِمَّةُ في المَساجِدِ يَتَوَخَّوْنَ الحَذَرَ مِن إبْدالِ أحَدِ هَذَيْنِ الحَرْفَيْنِ بِالآخَرِ لِلْخِلافِ الواقِعِ بَيْنَ الفُقَهاءِ في بُطْلانِ صَلاةِ اللَّحّانِ ومَن لا يُحْسِنُ القِراءَةَ مُطْلَقًا، أوْ إذا كانَ عامِدًا إذا كانَ فَذًّا، وفي بُطْلانِ صَلاةِ مَن خَلْفَهُ أيْضًا إذا كانَ اللّاحِنُ إمامًا. ورَفْعُ الذِّكْرِ: جَعْلُ ذِكْرِهِ بَيْنَ النّاسِ بِصِفاتِ الكَمالِ، وذَلِكَ بِما نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ ثَناءً عَلَيْهِ وكَرامَةً، وبِإلْهامِ النّاسِ التَّحَدُّثَ بِما جَبَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ المَحامِدِ مُنْذُ نَشْأتِهِ. وعَطْفُ (﴿ووَضَعْنا﴾)، (ورَفَعْنا) بِصِيغَةِ المُضِيِّ عَلى فِعْلِ (﴿نَشْرَحْ﴾) بِصِيغَةِ المُضارِعِ؛ لِأنَّ (لَمْ) قَلَبَتْ زَمَنَ الحالِ إلى المُضِيِّ فَعُطِفَ عَلَيْهِ الفِعْلانِ بِصِيغَةِ المُضِيِّ لِأنَّهُما داخِلانِ في حَيِّزِ التَّقْرِيرِ فَلَمّا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِما حَرْفُ (لَمْ) صُيِّرَ بِهِما إلى ما تُفِيدُهُ (لَمْ) مِن مَعْنى المُضِيِّ. والآيَةُ تُشِيرُ إلى أحْوالٍ كانَ النَّبِيءُ ﷺ في حَرَجٍ مِنها أوْ مِن شَأْنِهِ أنْ يَكُونَ في حَرَجٍ، وأنَّ اللَّهَ كَشَفَ عَنْهُ ما بِهِ مِن حَرَجٍ مِنها أوْ هَيَّأ نَفْسَهُ لِعَدَمِ النَّوْءِ بِها. وكانَ النَّبِيءُ ﷺ يَعْلَمُها كَما أشْعَرَ بِهِ إجْمالُها في الِاسْتِفْهامِ التَّقْرِيرِيِّ المُقْتَضِي عِلْمَ المُقَرَّرِ بِما قُرِّرَ عَلَيْهِ، ولَعَلَّ تَفْصِيلَها فِيما سَبَقَ في سُورَةِ الضُّحى فَلَعَلَّها كانَتْ مِن أحْوالِ كَراهِيَتِهِ ما عَلَيْهِ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ مِن نَبْذِ تَوْحِيدِ اللَّهِ ومِن مَساوِي الأعْمالِ. وكانَ في حَرَجٍ مِن كَوْنِهِ بَيْنَهم ولا يَسْتَطِيعُ صَرْفَهم عَمّا هم فِيهِ، ولَمْ يَكُنْ يَتَرَقَّبُ طَرِيقًا لِأنْ يَهْدِيَهم أوْ لَمْ يَصِلْ إلى مَعْرِفَةِ كُنْهِ الحَقِّ الَّذِي يَجِبُ أنْ يَكُونَ قَوْمُهُ عَلَيْهِ ولَمْ يَطْمَعْ إلّا في خُوَيْصَّةِ نَفْسِهِ، يَوَدُّ أنْ يَجِدَ لِنَفْسِهِ قَبَسَ نُورٍ يُضِيءُ لَهُ سَبِيلَ الحَقِّ مِمّا كانَ باعِثًا لَهُ عَلى التَّفَكُّرِ والخَلْوَةِ والِالتِجاءِ إلى اللَّهِ، فَكانَ يَتَحَنَّثُ في غارِ حِراءٍ، فَلَمّا انْتَشَلَهُ اللَّهُ مِن تِلْكَ الوَحْلَةِ بِما أكْرَمَهُ بِهِ مِنَ الوَحْيِ، كانَ ذَلِكَ شَرْحًا مِمّا كانَ يَضِيقُ بِهِ صَدْرُهُ يَوْمَئِذٍ، فانْجَلى لَهُ النُّورُ وأُمِرَ بِإنْقاذِ قَوْمِهِ، وقَدْ يَظُنُّهم طُلّابَ حَقٍّ وأزْكِياءَ نُفُوسٍ، فَلَمّا قابَلُوا إرْشادَهُ بِالإعْراضِ ومُلاطَفَتَهُ لَهم بِالِامْتِعاضِ، حَدَثَ في صَدْرِهِ ضِيقٌ آخَرُ أشارَ إلى مَثَلِهِ قَوْلُهُ تَعالى: (﴿لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ألّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٣]) وذَلِكَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ في شَأْنِهِ رَبْطُ جَأْشِهِ بِنَحْوِ قَوْلِهِ تَعالى: (﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهم ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشاءُ﴾ [البقرة: ٢٧٢]) فَكُلَّما نَزَلَ (ص-٤١٢)عَلَيْهِ وحْيٌ مِن هَذا أكْسَبَهُ شَرْحًا لِصَدْرِهِ، وكانَ لِحِمايَةِ أبِي طالِبٍ إيّاهُ وصَدِّهِ قُرَيْشًا عَنْ أذاهُ مُنَفَّسٌ عَلَيْهِ، وأقْوى مُؤَيِّدٍ لَهُ لِدَعْوَتِهِ يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُهُ. وكُلَّما آمَنَ أحَدٌ مِنَ النّاسِ تَزَحْزَحَ بَعْضُ الضِّيقِ عَنْ صَدْرِهِ، وكانَتْ شِدَّةُ قُرَيْشٍ عَلى المُؤْمِنِينَ يَضِيقُ لَها صَدْرُهُ، فَكُلَّما خَلَصَ بَعْضُ المُؤْمِنِينَ مِن أذى قُرَيْشٍ بِنَحْوِ عِتْقِ الصِّدِّيقِ بِلالًا وغَيْرَهُ، وبِما بَشَّرَهُ اللَّهُ مِن عاقِبَةِ النَّصْرِ لَهُ ولِلْمُؤْمِنِينَ تَصْرِيحًا وتَعْرِيضًا نَحْوَ قَوْلِهِ في السُّورَةِ قَبْلَها: (﴿ولَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى﴾ [الضحى: ٥]) فَذَلِكَ مِنَ الشَّرْحِ المُرادِ هُنا. وجُمّاعُ القَوْلِ في ذَلِكَ أنَّ تَجَلِّياتِ هَذا الشَّرْحِ عَدِيدَةٌ وأنَّها سِرٌّ بَيْنَ اللَّهِ تَعالى وبَيْنَ رَسُولِهِ ﷺ المُخاطَبِ بِهَذِهِ الآيَةِ. وأمّا وضْعُ الوِزْرِ عَنْهُ فَحاصِلٌ بِأمْرَيْنِ: بِهِدايَتِهِ إلى الحَقِّ الَّتِي أزالَتْ حَيْرَتَهُ بِالتَّفَكُّرِ في حالِ قَوْمِهِ، وهو ما أشارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: (﴿ووَجَدَكَ ضالًّا فَهَدى﴾ [الضحى: ٧])، وبِكِفايَتِهِ مُؤْنَةَ كُلَفِ عَيْشِهِ الَّتِي قَدْ تَشْغَلُهُ عَمّا هو فِيهِ مِنَ الأُنْسِ بِالفِكْرَةِ في صَلاحِ نَفْسِهِ، وهو ما أشارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (﴿ووَجَدَكَ عائِلًا فَأغْنى﴾ [الضحى: ٨]) . ورَفْعُ الذِّكْرِ مَجازٌ في إلْهامِ النّاسِ لِأنْ يَذْكُرُوهُ بِخَيْرٍ، وذَلِكَ بِإيجادِ أسْبابِ تِلْكَ السُّمْعَةِ حَتّى يَتَحَدَّثَ بِها النّاسُ، اسْتُعِيرَ الرَّفْعُ لِحُسْنِ الذِّكْرِ؛ لِأنَّ الرَّفْعَ جَعْلُ الشَّيْءِ عالِيًا لا تَنالُهُ جَمِيعُ الأيْدِي ولا تَدُوسُهُ الأرْجُلُ، فَقَدْ فَطَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ ﷺ عَلى مَكارِمَ يَعِزُّ وُجُودُ نَوْعِها ولَمْ يَبْلُغْ أحَدٌ شَأْوَ ما بَلَغَهُ مِنها حَتّى لُقِّبَ في قَوْمِهِ بِالأمِينِ. وقَدْ قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ تَعالى: (﴿إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [التكوير: ١٩] ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي العَرْشِ مَكِينٍ﴾ [التكوير: ٢٠] ﴿مُطاعٍ ثَمَّ أمِينٍ﴾ [التكوير: ٢١]) مُرادٌ بِهِ النَّبِيءُ ﷺ . ومِن عَظِيمِ رَفْعِ ذِكْرِهِ أنَّ اسْمَهُ مُقْتَرِنٌ بِاسْمِ اللَّهِ تَعالى في كَلِمَةِ الإسْلامِ وهي كَلِمَةُ الشَّهادَةِ. ورُوِيَ هَذا التَّفْسِيرُ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ في حَدِيثِ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ عِنْدَ ابْنِ حِبّانَ وأبِي يَعْلى، قالَ السُّيُوطِيُّ: وإسْنادُهُ حَسَنٌ، وأخْرَجَهُ عِياضٌ في الشِّفا بِدُونِ سَنَدٍ. والقَوْلُ في ذِكْرِ كَلِمَةِ (لَكَ) مَعَ (ورَفَعْنا) كالقَوْلِ في ذِكْرِ نَظِيرِها مَعَ قَوْلِهِ: (﴿ألَمْ نَشْرَحْ﴾) . وإنَّما لَمْ يُذْكَرْ مَعَ (﴿ووَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾) لِلِاسْتِغْناءِ بِقَوْلِهِ: (عَنْكَ) فَإنَّهُ في إفادَةِ الإبْهامِ ثُمَّ التَّفْصِيلِ مُساوٍ لِكَلِمَةِ (لَكَ) (ص-٤١٣)وهِيَ في إفادَةِ العِنايَةِ بِهِ تُساوِي كَلِمَةَ (لَكَ)؛ لِأنَّ فِعْلَ الوَضْعِ المُعَدّى إلى الوِزْرِ يَدُلُّ عَلى أنَّ الوَضْعَ عَنْهُ فَكانَتْ زِيادَةُ (عَنْكَ) إطْنابًا يُشِيرُ إلى أنَّ ذَلِكَ عِنايَةٌ بِهِ نَظِيرَ قَوْلِهِ (لَكَ) الَّذِي قَبْلَهُ، فَحَصَلَ بِذِكْرِ (عَنْكَ) إيفاءٌ إلى تَعْدِيَةِ فِعْلِ (وضَعْنا) مَعَ الإيفاءِ بِحَقِّ الإبْهامِ ثُمَّ البَيانِ.
Aleya siguiente