ويا قوم لا اسالكم عليه مالا ان اجري الا على الله وما انا بطارد الذين امنوا انهم ملاقو ربهم ولاكني اراكم قوما تجهلون ٢٩
وَيَـٰقَوْمِ لَآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ ۚ وَمَآ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ ۚ إِنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّىٓ أَرَىٰكُمْ قَوْمًۭا تَجْهَلُونَ ٢٩
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
ثم وجه نوح - عليه السلام - نداء ثانيا إلى قومه زيادة في التلطف معهم ، وطمعا فى إثارة وجدانهم نحو الحق فقال : ( وياقوم لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً ) .أى : لا أطلب منكم شيئا من المال فى مقابل تبليغ ما أمرنى ربى بتبليغه إليكم : لأن طلبى هذا قد يجعلكم تتوهمون أنى محب للمال .( إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله ) - تعالى وحده ، فهو الذى يثيبنى على دعوتى إلى عبادتكم له ، وفى هذه الجملة إشارة إلى أنه لا يسأل الله - تعالى - مالا ، وإنما يسأله ثوابا ، إذ ثواب الله يسمى أجرا ، لأنه جزاء على العمل الصالح .وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - فى سورة الشعراء : ( وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ على رَبِّ العالمين ) وجملة ( وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الذين آمنوا ) معطوفة على جملة ( لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً ) لأن مضمونها كالنتيجة لمضمون المعطوف عليها ، إذ أن زهده فى مالهم يقتضى تمسكه بأتباعه المؤمنين .الطرد : الأمر بالبعد عن مكان الحضور تحقيرا أو زجرا .أى : وما أنا بطارد الذين آمنوا بدعوتى ، سواء أكانوا من الفقراء أم من الأغنياء ، لأن من استغنى عن مال الناس وعطائهم لا يقيسهم بمقياس الغنى والجاه والقوة . . . وإنما يقيسهم بمقياس الإِيمان والتقوى .قال الآلوسى : والمروى عن ابن جريح أنهم قالوا له : " يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطرد هؤلاء الأراذل - وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم فى الأمر سواء .وذلك كما قال زعماء قريش للنبى - صلى الله عليه وسلم - فى شأن فقراء الصحابة : اطرد هؤلاء عن مجلسك ونحن نتبعك فإنا نستحى أن نجلس معهم فى مجلسك . . . "وجملة ( إِنَّهُمْ مُّلاَقُو رَبِّهِمْ ) تعليل لنفى طردهم .أى : لن أطردهم عن مجلسى أبدا ، لأنهم قد آمنوا بى ، ولأن مصيرهم إلى الله - تعالى - ، فيحاسبهم على سرهم وعلنهم ، أما أنا فأكتفى منهم بظواهرهم التى تدل على صدق إيمانهم ، وشدة إخلاصهم .وجاءت هذه الجملة بصيغة التأكيد ، لأن الملأ الذين كفروا من قومه كانوا ينكرون البعث والحساب .وقوله : ( ولكني أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ) استدراك مؤكد لمضمون ما قبله .أى : لن اطردهم ، لأن ذلك ليس من حقى بعد أن آمنوا ، وبعد أن تكفل الله بمحاسبتهم ولكنى مع هذا البيان المنطقى الواضح ، أراكم قوما تجهلون القيم الحقيقية التى يقدر بها الناس عند الله ، وتجهلون أن مرد الناس جميعا إليه وحده - سبحانه - ليحاسبهم على أعمالهم ، وتتطاولون على المؤمنين تطاولا يدل على طغيانكم وسفاهتكم .وحذف مفعول ( تَجْهَلُونَ ) للعلم به ، وللإِشارة إلى شدة جهلهم .أى : تجهلون كل ما ينبغى ألا يجعله عاقل .