প্রবেশ কর
সেটিংস
Select an option
Al-Fatihah
Al-Baqarah
Ali 'Imran
An-Nisa
Al-Ma'idah
Al-An'am
Al-A'raf
Al-Anfal
At-Tawbah
Yunus
Hud
Yusuf
Ar-Ra'd
Ibrahim
Al-Hijr
An-Nahl
Al-Isra
Al-Kahf
Maryam
Taha
Al-Anbya
Al-Hajj
Al-Mu'minun
An-Nur
Al-Furqan
Ash-Shu'ara
An-Naml
Al-Qasas
Al-'Ankabut
Ar-Rum
Luqman
As-Sajdah
Al-Ahzab
Saba
Fatir
Ya-Sin
As-Saffat
Sad
Az-Zumar
Ghafir
Fussilat
Ash-Shuraa
Az-Zukhruf
Ad-Dukhan
Al-Jathiyah
Al-Ahqaf
Muhammad
Al-Fath
Al-Hujurat
Qaf
Adh-Dhariyat
At-Tur
An-Najm
Al-Qamar
Ar-Rahman
Al-Waqi'ah
Al-Hadid
Al-Mujadila
Al-Hashr
Al-Mumtahanah
As-Saf
Al-Jumu'ah
Al-Munafiqun
At-Taghabun
At-Talaq
At-Tahrim
Al-Mulk
Al-Qalam
Al-Haqqah
Al-Ma'arij
Nuh
Al-Jinn
Al-Muzzammil
Al-Muddaththir
Al-Qiyamah
Al-Insan
Al-Mursalat
An-Naba
An-Nazi'at
'Abasa
At-Takwir
Al-Infitar
Al-Mutaffifin
Al-Inshiqaq
Al-Buruj
At-Tariq
Al-A'la
Al-Ghashiyah
Al-Fajr
Al-Balad
Ash-Shams
Al-Layl
Ad-Duhaa
Ash-Sharh
At-Tin
Al-'Alaq
Al-Qadr
Al-Bayyinah
Az-Zalzalah
Al-'Adiyat
Al-Qari'ah
At-Takathur
Al-'Asr
Al-Humazah
Al-Fil
Quraysh
Al-Ma'un
Al-Kawthar
Al-Kafirun
An-Nasr
Al-Masad
Al-Ikhlas
Al-Falaq
An-Nas
Select an option
১
২
৩
৪
৫
৬
৭
৮
৯
১০
১১
১২
১৩
১৪
১৫
১৬
১৭
১৮
১৯
২০
২১
২২
২৩
২৪
২৫
২৬
২৭
২৮
২৯
৩০
৩১
৩২
৩৩
৩৪
৩৫
৩৬
৩৭
৩৮
৩৯
৪০
৪১
৪২
৪৩
৪৪
৪৫
৪৬
৪৭
৪৮
৪৯
৫০
৫১
৫২
৫৩
৫৪
৫৫
৫৬
৫৭
৫৮
৫৯
৬০
৬১
৬২
৬৩
৬৪
৬৫
৬৬
৬৭
৬৮
৬৯
৭০
৭১
৭২
৭৩
৭৪
৭৫
৭৬
৭৭
৭৮
৭৯
৮০
৮১
৮২
৮৩
৮৪
৮৫
৮৬
৮৭
৮৮
৮৯
৯০
৯১
৯২
৯৩
৯৪
৯৫
৯৬
৯৭
৯৮
৯৯
১০০
১০১
১০২
১০৩
১০৪
১০৫
১০৬
১০৭
১০৮
১০৯
১১০
১১১
১১২
১১৩
১১৪
১১৫
১১৬
১১৭
১১৮
১১৯
১২০
১২১
১২২
১২৩
১২৪
১২৫
১২৬
১২৭
১২৮
১২৯
১৩০
১৩১
১৩২
১৩৩
১৩৪
১৩৫
১৩৬
১৩৭
১৩৮
১৩৯
১৪০
১৪১
১৪২
১৪৩
১৪৪
১৪৫
১৪৬
১৪৭
১৪৮
১৪৯
১৫০
১৫১
১৫২
১৫৩
১৫৪
১৫৫
১৫৬
১৫৭
১৫৮
১৫৯
১৬০
১৬১
১৬২
১৬৩
১৬৪
১৬৫
১৬৬
১৬৭
১৬৮
১৬৯
১৭০
১৭১
১৭২
১৭৩
১৭৪
১৭৫
১৭৬
১৭৭
১৭৮
১৭৯
১৮০
১৮১
১৮২
১৮৩
১৮৪
১৮৫
১৮৬
১৮৭
১৮৮
১৮৯
১৯০
১৯১
১৯২
১৯৩
১৯৪
১৯৫
১৯৬
১৯৭
১৯৮
১৯৯
২০০
২০১
২০২
২০৩
২০৪
২০৫
২০৬
২০৭
২০৮
২০৯
২১০
২১১
২১২
২১৩
২১৪
২১৫
২১৬
২১৭
২১৮
২১৯
২২০
২২১
২২২
২২৩
২২৪
২২৫
২২৬
২২৭
২২৮
২২৯
২৩০
২৩১
২৩২
২৩৩
২৩৪
২৩৫
২৩৬
২৩৭
২৩৮
২৩৯
২৪০
২৪১
২৪২
২৪৩
২৪৪
২৪৫
২৪৬
২৪৭
২৪৮
২৪৯
২৫০
২৫১
২৫২
২৫৩
২৫৪
২৫৫
২৫৬
২৫৭
২৫৮
২৫৯
২৬০
২৬১
২৬২
২৬৩
২৬৪
২৬৫
২৬৬
২৬৭
২৬৮
২৬৯
২৭০
২৭১
২৭২
২৭৩
২৭৪
২৭৫
২৭৬
২৭৭
২৭৮
২৭৯
২৮০
২৮১
২৮২
২৮৩
২৮৪
২৮৫
২৮৬
Select an option
العربية
English
বাংলা
русский
Kiswahili
اردو
Kurdî
Arabic Tanweer Tafseer
۞ اتامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون ٤٤
۞ أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَـٰبَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٤٤
اَتَاْمُرُوْنَ
النَّاسَ
بِالْبِرِّ
وَتَنْسَوْنَ
اَنْفُسَكُمْ
وَاَنْتُمْ
تَتْلُوْنَ
الْكِتٰبَ ؕ
اَفَلَا
تَعْقِلُوْنَ
۟
৩
(ص-٤٧٤)﴿أتَأْمُرُونَ النّاسَ بِالبِرِّ وتَنْسَوْنَ أنْفُسَكم وأنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتابَ أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ اعْتِراضٌ بَيْنَ قَوْلِهِ ﴿وأقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] وقَوْلِهِ ﴿واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ﴾ [البقرة: ٤٥] ووَجْهُ المُناسَبَةِ في وُقُوعِهِ هُنا أنَّهُ لَمّا أمَرَهم بِفِعْلِ شَعائِرِ الإسْلامِ مِن إقامَةِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وذَيَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿وارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٣] لِيُشِيرَ إلى صَلاتِهِمُ الَّتِي يَفْعَلُونَها، أصْبَحَتْ لا تُغْنِي عَنْهم، ناسَبَ أنْ يُزادَ لِذَلِكَ أنَّ ما يَأْمُرُ بِهِ دِينُهم مِنَ البِرِّ لَيْسُوا قائِمِينَ بِهِ عَلى ما يَنْبَغِي، فَجِيءَ بِهَذا الِاعْتِراضِ، ولِلتَّنْبِيهِ عَلى كَوْنِهِ اعْتِراضًا لَمْ يُقْرَنْ بِالواوِ لِئَلّا يُتَوَهَّمَ أنَّ المَقْصُودَ الأصْلِيَّ التَّحْرِيضُ عَلى الأمْرِ بِالبِرِّ وعَلى مُلازَمَتِهِ، والغَرَضُ مِن هَذا هو النِّداءُ عَلى كَمالِ خَسارِهِمْ ومَبْلَغِ سُوءِ حالِهِمُ الَّذِي صارُوا إلَيْهِ حَتّى صارُوا يَقُومُونَ بِالوَعْظِ والتَّعْلِيمِ كَما يَقُومُ الصّانِعُ بِصِناعَتِهِ والتّاجِرُ بِتِجارَتِهِ لا يَقْصِدُونَ إلّا إيفاءَ وظائِفِهِمُ الدِّينِيَّةِ حَقَّها لِيَسْتَحِقُّوا بِذَلِكَ ما يُعَوَّضُونَ عَلَيْهِ مِن مَراتِبَ ورَواتِبَ فَهم لا يَنْظُرُونَ إلى حالِ أنْفُسِهِمْ تُجاهَ تِلْكَ الأوامِرِ الَّتِي يَأْمُرُونَ بِها النّاسَ. والمُخاطَبُ بِقَوْلِهِ أتَأْمُرُونَ جَمِيعُ بَنِي إسْرائِيلَ الَّذِينَ خُوطِبُوا مِن قَبْلُ فَيَقْتَضِي أنَّ هَذِهِ الحالَةَ ثابِتَةٌ لِجَمِيعِهِمْ أيْ أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهم تَجِدُهُ يُصَرِّحُ بِأوامِرِ دِينِهِمْ ويُشِيعُها بَيْنَ النّاسِ ولا يَمْتَثِلُها هو في نَفْسِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَقْصُودُ بِهَذا الخِطابِ فَرِيقًا مِنهم فَإنَّ الخِطابَ المُوَجَّهَ لِلْجَماعاتِ والقَبائِلِ يَأْخُذُ كُلُّ فَرِيقٍ ما هو حَظُّهُ مِن ذَلِكَ الخِطابِ، فَيَكُونُ المَقْصُودُ أحْبارَهم وعُلَماءَهم وهم أخَصُّ بِالأمْرِ بِالبِرِّ، فَعَلى الوَجْهِ الأوَّلِ يَكُونُ المُرادُ بِالنّاسِ إمّا المُشْرِكِينَ مِنَ العَرَبِ فَإنَّ اليَهُودَ كانُوا يَذْكُرُونَ لَهم ما جاءَ بِهِ دِينُهم والعَرَبُ كانُوا يَحْلِفُونَ بِسَماعِ أقْوالِهِمْ كَما قالَ تَعالى ﴿وكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ٨٩] وإمّا أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنَ النّاسِ مَن عَدَّ الأمْرَ كَما تَقُولُ أفْعَلُ كَما يَفْعَلُ النّاسُ وكَقَوْلِهِ ﴿إنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] أيْ أيَأْمُرُ الواحِدُ غَيْرَهُ ويَنْسى نَفْسَهُ، وعَلى الوَجْهِ الثّانِي يَكُونُ المُرادُ بِالنّاسِ العامَّةَ مِن أُمَّةِ اليَهُودِ أيْ كَيْفَ تَأْمُرُونَ أتْباعَكم وعامَّتَكم بِالبِرِّ وتَنْسَوْنَ أنْفُسَكم ؟ فَفِيهِ تَنْدِيدٌ بِحالِ أحْبارِهِمْ أوْ تَعْرِيضٌ بِأنَّهم يَعْلَمُونَ أنَّ ما جاءَ بِهِ رَسُولُ الإسْلامِ هو الحَقُّ فَهم يَأْمُرُونَ أتْباعَهم بِالمَواعِظِ ولا يَطْلُبُونَ نَجاةَ أنْفُسِهِمْ. والِاسْتِفْهامُ هُنا لِلتَّوْبِيخِ لِعَدَمِ اسْتِقامَةِ الحَمْلِ عَلى الِاسْتِفْهامِ الحَقِيقِيِّ فاسْتُعْمِلَ في التَّوْبِيخِ (ص-٤٧٥)مَجازًا بِقَرِينَةِ المَقامِ وهو مَجازٌ مُرْسَلٌ لِأنَّ التَّوْبِيخَ يُلازِمُ الِاسْتِفْهامَ لِأنَّ مَن يَأْتِي ما يَسْتَحِقُّ التَّوْبِيخَ عَلَيْهِ مِن شَأْنِهِ أنْ يَتَساءَلَ النّاسُ عَنْ ثُبُوتِ الفِعْلِ لَهُ ويَتَوَجَّهُونَ إلَيْهِ بِالسُّؤالِ فَيَنْتَقِلُ مِنَ السُّؤالِ إلى التَّوْبِيخِ ويَتَوَلَّدُ مِنهُ مَعْنى التَّعْجِيبِ مِن حالِ المُوَبَّخِ وذَلِكَ لِأنَّ الحالَةَ الَّتِي وُبِّخُوا عَلَيْها حالَةٌ عَجِيبَةٌ لِما فِيها مِن إرادَةِ الخَيْرِ لِلْغَيْرِ وإهْمالِ النَّفْسِ مِنهُ. فَحَقِيقٌ بِكُلِّ سامِعٍ أنْ يَعْجَبَ مِنها، ولَيْسَ التَّعَجُّبُ بِلازِمٍ لِمَعْنى التَّوْبِيخِ في كُلِّ مَوْضِعٍ بَلْ في نَحْوِ هَذا مِمّا كانَ فِيهِ المُوَبَّخُ عَلَيْهِ غَرِيبًا غَيْرَ مَأْلُوفٍ مِنَ العُقَلاءِ فَإذا اسْتُعْمِلَ الِاسْتِفْهامُ في لازِمٍ واحِدٍ فَكَوْنُهُ مَجازًا مُرْسَلًا ظاهِرًا، وإذا اسْتُعْمِلَ في لازِمَيْنِ يَتَوَلَّدُ أحَدُهُما مِنَ الآخَرِ أوْ مُتَقارِبَيْنِ فَهو أيْضًا مَجازٌ مُرْسَلٌ واحِدٌ لِأنَّ تَعَدُّدَ اللَّوازِمِ لا يُوجِبُ تَعَدُّدَ العَلاقَةِ ولا تَكَرُّرَ الِاسْتِعْمالِ لِأنَّ المَعانِيَ المَجازِيَّةَ مُسْتَفادَةٌ مِنَ العَلاقَةِ لا مِنَ الوَضْعِ فَتَعَدُّدُ المَجازاتِ لِلَفْظٍ واحِدٍ أوْسَعُ مِنَ اسْتِعْمالِ المُشْتَرَكِ وأيًّا ما كانَ فَهو مَجازٌ مُرْسَلٌ عَلى ما اخْتارَهُ السَّيِّدُ في حاشِيَةِ المُطَوَّلِ في بابِ الإنْشاءِ عَلاقَتُهُ اللُّزُومُ وقَدْ تَرَدَّدَ في تَعْيِينِ عَلاقَتِهِ التَّفْتَزانِيُّ وقالَ إنَّهُ مِمّا لَمْ يَحُمْ أحَدٌ حَوْلَهُ. والبِرُّ بِكَسْرِ الباءِ الخَيْرُ في الأعْمالِ في أُمُورِ الدُّنْيا وأُمُورِ الآخِرَةِ والمُعامَلَةِ، وفِعْلُهُ في الغالِبِ مِن بابِ عَلِمَ إلّا البِرَّ في اليَمِينِ فَقَدْ جاءَ مِن بابِ عَلِمَ وبابِ ضَرَبَ، ومِنَ الأقْوالِ المَأْثُورَةِ البِرُّ ثَلاثَةٌ: بِرٌّ في عِبادَةِ اللَّهِ وبِرٌّ في مُراعاةِ الأقارِبِ وبِرٌّ في مُعامَلَةِ الأجانِبِ، وذَلِكَ تَبَعٌ لِلْوَفاءِ بِسَعَةِ الإحْسانِ في حُقُوقِ هَذِهِ الجَوانِبِ الثَّلاثَةِ. والنِّسْيانُ ذَهابُ الأمْرِ المَعْلُومِ مِن حافِظَةِ الإنْسانِ لِضَعْفِ الذِّهْنِ أوِ الغَفْلَةِ ويُرادِفُهُ السَّهْوُ وقِيلَ السَّهْوُ الغَفْلَةُ اليَسِيرَةُ بِحَيْثُ يَنْتَبِهُ بِأقَلِّ تَنْبِيهٍ، والنِّسْيانُ زَوالُهُ بِالكُلِّيَّةِ وبَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ فَسَّرَ النِّسْيانَ بِمُطْلَقِ التَّرْكِ وجَعَلَهُ صاحِبُ الأساسِ مَجازًا وهو التَّحْقِيقُ وهو كَثِيرٌ في القُرْآنِ. والنِّسْيانُ هُنا مُسْتَعارٌ لِلتَّرْكِ عَنْ عَمْدٍ أوْ عَنِ التَّهاوُنِ بِما يَذْكُرُ المَرْءُ في البِرِّ عَلى نَحْوٍ ما. قِيلَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿الَّذِينَ هم عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ﴾ [الماعون: ٥] أيْ وتَتْرُكُونَ أنْفُسَكم مِن ذَلِكَ أيْ مِن أمْرِها بِالبِرِّ أوْ وتَنْسَوْنَ أنْ تَأْمُرُوا أنْفُسَكم بِالبِرِّ وفي هَذا التَّقْدِيرِ يَبْقى النِّسْيانُ عَلى حَقِيقَتِهِ لِأنَّهم لَمّا طالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ في التَّهاوُنِ بِالتَّخَلُّقِ بِأُمُورِ الدِّينِ والِاجْتِراءِ عَلى تَأْوِيلِ الوَحْيِ بِما يُمْلِيهِ عَلَيْهِمُ الهَوى بِغَيْرِ هُدًى صارُوا يَنْسَوْنَ أنَّهم مُتَلَبِّسُونَ بِمِثْلِ ما يَنْهَوْنَ عَنْهُ فَإذا تَصَدَّوْا إلى مَواعِظِ قَوْمِهِمْ أوِ الخَطابَةِ فِيهِمْ أوْ أمَرُوهم بِالمَعْرُوفِ ونَهَوْهم عَنِ المُنْكَرِ كانُوا يَنْهَوْنَهم عَنْ مَذامَّ قَدْ تَلَبَّسُوا بِأمْثالِها إلّا أنَّ التَّعَوُّدَ بِها أنْساهم إيّاها فَأنْساهم أمْرَ أنْفُسِهِمْ بِالبِرِّ لِنِسْيانِ سَبَبِهِ (ص-٤٧٦)وقَدْ يَرى الإنْسانُ عَيْبَ غَيْرِهِ لِأنَّهُ يُشاهِدُهُ ولا يَرى عَيْبَ نَفْسِهِ لِأنَّهُ لا يُشاهِدُهُ ولِأنَّ العادَةَ تُنْسِيهِ حالَهُ. ودَواءُ هَذا النِّسْيانِ هو مُحاسَبَةُ النَّفْسِ فَيَكُونُ البِرُّ راجِعًا إلى جَمِيعِ ما تَضَمَّنَتْهُ الأوامِرُ السّابِقَةُ مِنَ التَّفاصِيلِ فَهم قَدْ أمَرُوا غَيْرَهم بِتَفاصِيلِها ونَسُوا أنْفُسَهم عِنْدَ سَماعِها وذَلِكَ يَشْمَلُ التَّصْدِيقَ بِدِينِ الإسْلامِ لِأنَّهُ مِن جُمْلَةِ ما تَضَمَّنَتْهُ التَّوْراةُ الَّتِي كانُوا يَأْمُرُونَ النّاسَ بِما فِيها. وجُمْلَةُ ﴿وتَنْسَوْنَ أنْفُسَكُمْ﴾ يَجُوزُ أنْ تَكُونَ حالًا مِن ضَمِيرِ (تَأْمُرُونَ) ويَكُونُ مَحَلُّ التَّوْبِيخِ والتَّعَجُّبِ هو أمْرَ النّاسِ بِالبِرِّ بِقَيْدِ كَوْنِهِ في حالِ نِسْيانٍ ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ الجُمْلَةُ مَعْطُوفَةً عَلى (تَأْمُرُونَ) وتَكُونَ هي المَقْصُودَةَ مِنَ التَّوْبِيخِ والتَّعْجِيبِ ويُجْعَلُ قَوْلُهُ ﴿أتَأْمُرُونَ النّاسَ﴾ تَمْهِيدًا لَها عَلى مَعْنى أنَّ مَحَلَّ الفَظاعَةِ المُوجِبَةِ لِلنَّهْيِ هي مَجْمُوعُ الأمْرَيْنِ. وبِهَذا تَعْلَمُ أنَّهُ لا يُتَوَهَّمُ قَصْدُ النَّهْيِ عَنْ مَضْمُونِ كِلا الجُمْلَتَيْنِ إذِ القَصْدُ هو التَّوْبِيخُ عَلى اتِّصافٍ بِحالَةٍ فَظِيعَةٍ لَيْسَتْ مِن شِيَمِ النّاصِحِينَ لا قَصْدُ تَحْرِيمٍ فَلا تَقَعْ في حَيْرَةِ مَن تَحَيَّرَ في وجْهِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ ولا في وهْمٍ فَقالَ إنَّ الآيَةَ دالَّةٌ عَلى أنَّ العاصِيَ لا يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ ولا يَنْهى عَنِ المُنْكَرِ كَما نَقَلَ عَنْهُمُ الفَخْرُ في التَّفْسِيرِ فَإنَّهُ لَيْسَ المَقْصُودَ نَهْيٌ ولا تَحْرِيمٌ وإنَّما المَقْصُودُ تَفْظِيعُ الحالَةِ ويَدُلُّ لِذَلِكَ أنَّهُ قالَ في تَذْيِيلِها ﴿أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ ولَمْ يَقُلْ ﴿أفَلا تَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: ٦٥] أوْ نَحْوَهُ. والأنْفُسُ جَمْعُ نَفْسٍ، بِسُكُونِ الفاءِ وهي مَجْمُوعُ ذاتِ الإنْسانِ مِنَ الهَيْكَلِ والرُّوحِ كَما هُنا وبِاعْتِبارِ هَذا التَّرْكِيبِ الَّذِي في الذّاتِ اتَّسَعَ إطْلاقُ النَّفْسِ في كَلامِ العَرَبِ تارَةً عَلى جَمِيعِ الذّاتِ كَما في التَّوْكِيدِ نَحْوَ جاءَ فُلانٌ نَفْسُهُ وقَوْلِهِ ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥] وقَوْلِهِ ﴿تَقْتُلُونَ أنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٥] وتارَةً عَلى البَعْضِ كَقَوْلِ القائِلِ أنْكَرْتُ نَفْسِي وقَوْلِهِ ﴿وتَنْسَوْنَ أنْفُسَكُمْ﴾ وعَلى الإحْساسِ الباطِنِيِّ كَقَوْلِهِ ﴿تَعْلَمُ ما في نَفْسِي﴾ [المائدة: ١١٦] أيْ ضَمِيرِي. وتُطْلَقُ عَلى الرُّوحِ الَّذِي بِهِ الإدْراكُ ﴿إنَّ النَّفْسَ لَأمّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ [يوسف: ٥٣] وسَيَأْتِي لِهَذا زِيادَةُ إيضاحٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ﴾ [النحل: ١١١] في سُورَةِ النَّحْلِ. وقَوْلُهُ ﴿وأنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتابَ﴾ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ قَيَّدَ بِها التَّوْبِيخَ والتَّعْجِيبَ. لِأنَّ نِسْيانَ أنْفُسِهِمْ يَكُونُ أغْرَبَ وأفْظَعَ إذا كانَ مَعَهم أمْرانِ يُقْلِعانِهِ، وهُما أمْرُ النّاسِ بِالبِرِّ، فَإنَّ شَأْنَ الأمْرِ بِالبَرِّ (ص-٤٧٧)أنْ يُذَكِّرَ الآمِرَ حاجَةَ نَفْسِهِ إلَيْهِ إذا قَدَّرَ أنَّهُ في غَفْلَةٍ عَنْ نَفْسِهِ، وتِلاوَةُ الكِتابِ أيِ التَّوْراةِ يَمُرُّونَ فِيها عَلى الأوامِرِ والنَّواهِي مِن شَأْنِهِ أنْ تُذَكِّرَهم مُخالَفَةَ حالِهِمْ لِما يَتْلُونَهُ. وقَوْلُهُ ﴿أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ اسْتِفْهامٌ عَنِ انْتِفاءِ تَعَقُّلِهِمُ اسْتِفْهامًا مُسْتَعْمَلًا في الإنْكارِ والتَّوْبِيخِ نَزَلُوا مَنزِلَةَ مَنِ انْتَفى تَعَقُّلُهُ فَأنْكَرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ. ووَجْهُ المُشابَهَةِ بَيْنَ حالِهِمْ وحالِ مَن لا يَعْقِلُونَ أنَّ مَن يَسْتَمِرُّ بِهِ التَّغَفُّلُ عَنْ نَفْسِهِ وإهْمالُ التَّفَكُّرِ في صَلاحِها مَعَ مُصاحَبَةِ شَيْئَيْنِ يَذْكُرُ أنَّهُ قارَبَ أنْ يَكُونَ مَنفِيًّا عَنْهُ التَّعَقُّلُ. وفِعْلُ تَعْقِلُونَ مُنَزَّلٌ مَنزِلَةَ اللّازِمِ أوْ هو لازِمٌ وفي هَذا نِداءٌ عَلى كَمالِ غَفْلَتِهِمْ واضْطِرابِ حالِهِمْ. وكَوْنُ هَذا أمْرًا قَبِيحًا فَظِيعًا مِن أحْوالِ البَشَرِ مِمّا لا يَشُكُّ فِيهِ عاقِلٌ.
আগের আয়াত
পরবর্তী আয়াত