قل هل من شركايكم من يهدي الى الحق قل الله يهدي للحق افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون ٣٥
قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِىٓ إِلَى ٱلْحَقِّ ۚ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِى لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِىٓ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّىٓ إِلَّآ أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٥
قُلْ
هَلْ
مِنْ
شُرَكَآىِٕكُمْ
مَّنْ
یَّهْدِیْۤ
اِلَی
الْحَقِّ ؕ
قُلِ
اللّٰهُ
یَهْدِیْ
لِلْحَقِّ ؕ
اَفَمَنْ
یَّهْدِیْۤ
اِلَی
الْحَقِّ
اَحَقُّ
اَنْ
یُّتَّبَعَ
اَمَّنْ
لَّا
یَهِدِّیْۤ
اِلَّاۤ
اَنْ
یُّهْدٰی ۚ
فَمَا
لَكُمْ ۫
كَیْفَ
تَحْكُمُوْنَ
۟
وقوله : ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يهدي إِلَى الحق قُلِ الله يَهْدِي لِلْحَقّ ) . حجة أخرى تدمغ جهلهم ، جيء بها لتكون دليلا على قدرة الله على الهداية والإِضلال ، عقب إقامة الأدلة على قدرته - سبحانه - على بدء الخلق وإعادتهم .أى : قل لهم يا محمد - أيضا - على سبيل التهم من أفكارهم : هل من شركائكم من يستطيع أن يهدي غيره إلى الدين الحق ، فينزل كتاباً ، أو يرسل رسولا ، أو يشرع شريعة ، أو يضع نظاما دقيقا لهذا الكون .أو يحث العقول على التدبر والتفكر فى ملكوت السموات والأرض . . . ؟قل لهم يا محمد : الله وحده هو الذى يعفل كل ذلك ، أما شركاؤكم فلا يستطيعون أن يفعلوا شيئا من ذلك أو من غيره .وقوله : ( أَفَمَن يهدي إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يهدي . . . ) توبيخ آخرلهم على جهالاتهم وغفلتهم عن إدراك الأمور الواضحة .أى : قل لهم يا محمد : أفمن يهدي غيره إلى الحق وهو الله - تعالى - . أحق أن يتبع فيما يأمر به وينهى عنه ، أم من لا يستطيع أت يهتدي بنفسه إلا أن يهديه غيره أحق بالاتباع؟ لا شك أن الذى يهدي غيره إلى الحق أحق بالاتباع من الذى هو فى حاجة إلى أن يهديه غيره .وقوله : ( فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) استفهام قصد به التعجيب من أحوالهم التي تدعو إلى الدهشة والغرابة .أى : ما الذى وقع لكم ، وما الذى أصابكم فى عقولكم حتى صرتم تشركون فى العبادة مع الله الخالق الهادي ، مخلوقات لا تهدي بنفسها وإنما هى فى حاجة إلى من يخلقها ويهديها .قال الإِمام الرازي : " واعلم أن الاستدلال على وجود الصانع بالخلق أولا ثم بالهداية ثانيا ، عادة مطردة فى القرآن ، فقد حكى - سبحانه - عن إبراهيم أنه ذكر ذلك فقال : ( الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ) وعن موسى أنه قال : ( رَبُّنَا الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى ) وأمر محمدا - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال : ( سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى . الذي خَلَقَ فسوى . والذي قَدَّرَ فهدى ) وهو فى الحقيقة دليل شريف ، لأن الإِنسان له جسد وله روح ، فالاستدلال على وجود الصانع بأحوال الجسد هو الخلق ، والاستدلال بأحوال الروح هوالهداية ، فها هنا أيضا لما ذكر دليل الخلق فى الآية الأولى وهو قوله : ( مَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ) أتبعه بدليل الهداية فى هذه الآية .وقوله : ( أَمَّن لاَّ يهدي ) ورد فيه ست قراءات ، منها قراءة يعقوب وحفص بكسر الهاء وتشديد الدال ، ومنها قراءة حمزة والكسائيل بالتخفيف كيرمي ، ومنها قراءة ابن كثير وابن عامر وورش عن نافع " يهدي " فتح الياء والهاء وتشديد الدال . .والاستثناء فى قوله : ( أَمَّن لاَّ يهدي إِلاَّ أَن يهدى ) مفرغ من أعم الأحوال .والتقدير : أفمن يهدي إلى الحق أحق بالاتباع ، أم من لا يستطعي الهداية إلا أن يهديه إليها غيره أحق بالاتباع؟وجاء قوله - سبحانه - ( فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) باستفهامين متواليين ، زيادة فى توبيخهم وتقريعهم ، ولفت أنظارهم إلى الحق الواضح الذى لا يخفى على كل ذي عقل سليم .