مكة المكرمة
سورة المرسلات

آيات

٥٠

مكان النزول

مكة المكرمة

تمهيد عام للسورة

(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)

لم ترد لها تسمية صريحة عن النبيء ﷺ بأن يضاف لفظ سورة إلى جملتها الأولى.

وسميت في عهد الصحابة سورة (﴿والمرسلات عرفا﴾ [المرسلات: ١]) ففي حديث عبد الله بن مسعود في الصحيحين ”«بينما نحن مع رسول الله ﷺ في غار بمنى إذ نزلت عليه سورة (﴿والمرسلات عرفا﴾ [المرسلات: ١]) فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ خرجت علينا حية» “ الحديث.

وفي الصحيح عن ابن عباس قال: «قرأت سورة ﴿والمرسلات عرفا﴾ [المرسلات: ١] فسمعتني أم الفضل - امرأة العباس - فبكت وقالت: بني أذكرتني بقراءتك هذه السورة، إنها لآخر ما سمعت رسول الله ﷺ يقرأ بها في صلاة المغرب»  .

وسميت (سورة المرسلات)، روى أبو داود عن ابن مسعود ”«كان النبيء ﷺ يقرأ النظائر السورتين في ركعة الرحمان والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة“ ثم قال ”وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة» “ فجعل هذه الألفاظ بدلا من قوله السورتين وسماها المرسلات بدون واو القسم لأن الواو التي في كلامه واو العطف مثل أخواتها في كلامه.

واشتهرت في المصاحف باسم (المرسلات) وكذلك في التفاسير وفي صحيح البخاري.

وذكر الخفاجي وسعد الله الشهير بسعدي في حاشيتيهما على البيضاوي أنها تسمى (سورة العرف) ولم يسنداه، ولم يذكرها صاحب الإتقان في عداد السور ذات أكثر من اسم.

وفي الإتقان عن كتاب ابن الضريس عن ابن عباس في عد السور التي نزلت بمكة فذكرها باسم (المرسلات) . وفيه عن دلائل النبوة للبيهقي عن عكرمة والحسن في عد السور التي نزلت بمكة فذكرها باسم (المرسلات) .

وهي مكية عند جمهور المفسرين من السلف، وذلك ظاهر حديث ابن مسعود المذكور آنفا، وهو يقتضي أنها من أوائل سور القرآن نزولا لأنها نزلت والنبيء ﷺ مختف في غار بمنى مع بعض أصحابه.

وعن ابن عباس وقتادة: أن آية (﴿وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون﴾ [المرسلات: ٤٨]) مدنية نزلت في المنافقين، ومحمل ذلك أنه تأويل ممن رواه عنه نظرا إلى أن الكفار الصرحاء لا يؤمرون بالصلاة، وليس في ذلك حجة لكون الآية مدنية فإن الضمير في قوله (﴿وإذا قيل لهم﴾ [المرسلات: ٤٨]) وارد على طريقة الضمائر قبله وكلها عائدة إلى الكفار وهم المشركون. ومعنى (﴿قيل لهم اركعوا﴾ [المرسلات: ٤٨]): كناية عن أن يقال لهم أسلموا. ونظيره قوله تعالى (﴿وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون﴾ [القلم: ٤٣]) فهي في المشركين وقوله (﴿قالوا لم نك من المصلين﴾ [المدثر: ٤٣]) إلى قوله (﴿وكنا نكذب بيوم الدين﴾ [المدثر: ٤٦]) .

وعن مقاتل «نزلت (﴿وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون﴾ [المرسلات: ٤٨]) في شأن وفد ثقيف حين أسلموا بعد غزوة هوازن وأتوا المدينة فأمرهم النبيء ﷺ بالصلاة فقالوا: لا نجبي فإنها مسبة علينا. فقال لهم: لا خير في دين ليس فيه ركوع وسجود»  .

وهذا أيضا أضعف، وإذا صح ذلك فإنما أراد مقاتل أن النبيء ﷺ قرأ عليهم الآية.

وهي السورة الثالثة والثلاثون في عداد ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد.

واتفق العادون على عد آيها خمسين.

أغراض السورة

شتملت على الاستدلال على وقوع البعث عقب فناء الدنيا ووصف بعض أشراط ذلك.

والاستدلال على إمكان إعادة الخلق بما سبق من خلق الإنسان وخلق الأرض.

ووعيد منكريه بعذاب الآخرة ووصف أهواله.

والتعريض بعذاب لهم في الدنيا كما استؤصلت أمم مكذبة من قبل، ومقابلة ذلك بجزاء الكرامة للمؤمنين.

وإعادة الدعوة إلى الإسلام والتصديق بالقرآن لظهور دلائله.