آيات
١٩
مكان النزول
مكة المكرمة
(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)
هذه السورة وردت تسميتها في السنة سورة (سبح اسم ربك الأعلى) ففي الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: «قام معاذ فصلى العشاء الآخرة فطول، فشكاه بعض من صلى خلفه إلى النبيء ﷺ، فقال النبيء ﷺ: أفتان أنت يا معاذ أين كنت عن سبح اسم ربك الأعلى والضحى» اهـ.
وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب قال: «ما جاء رسول الله ﷺ المدينة حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى» في سور مثلها.
وروى الترمذي عن النعمان بن بشير «أن رسول الله ﷺ كان يقرأ في العيد ويوم الجمعة سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية» .
وسمتها عائشة (سبح) . روى أبو داود والترمذي عنها: «كان النبيء يقرأ في الوتر في الركعة الأولى (سبح») الحديث. فهذا ظاهر في أنها أرادت التسمية لأنها لم تأت بالجملة القرآنية كاملة، وكذلك سماها البيضاوي وابن كثير؛ لأنها اختصت بالافتتاح بكلمة سبح بصيغة الأمر.
وسماها أكثر المفسرين وكتاب المصاحف (سورة الأعلى) لوقوع صفة الأعلى فيها دون غيرها.
وهي مكية في قول الجمهور وحديث البراء بن عازب الذي ذكرناه آنفا يدل عليه، وعن ابن عمر وابن عباس أن قوله تعالى: ﴿قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى﴾ [الأعلى: ١٤] نزل في صلاة العيد وصدقة الفطر، أي: فهما مدنيتان فتكون السورة بعضها مكي وبعضها مدني.
وعن الضحاك أن السورة كلها مدنية.
وما اشتملت عليه من المعاني يشهد لكونها مكية، وحسبك بقوله تعالى: ﴿سنقرئك فلا تنسى﴾ [الأعلى: ٦] .
وهي معدودة ثامنة في ترتيب نزول السور عند جابر بن زيد نزلت بعد سورة التكوير وقبل سورة الليل. وروي عن ابن عباس وعكرمة والحسن أنها سابعة، قالوا: أول ما نزل من القرآن: اقرأ باسم ربك، ثم ن، ثم المزمل، ثم تبت، ثم إذا الشمس كورت، ثم سبح اسم ربك. وأما جابر بن زيد فعد الفاتحة بعد المدثر، ثم عد البقية، فهي عنده الثامنة، فهي من أوائل السور وقوله تعالى: ﴿سنقرئك فلا تنسى﴾ [الأعلى: ٦] ينادي على ذلك.
وعدد آيها تسع عشرة آية باتفاق أهل العدد.
اشتملت على تنزيه الله تعالى والإشارة إلى وحدانيته لانفراده بخلق الإنسان وخلق ما في الأرض مما فيه بقاؤه.
وعلى تأييد النبيء ﷺ وتثبيته على تلقي الوحي.
وأن الله معطيه شريعة سمحة وكتابا يتذكر به أهل النفوس الزكية الذين يخشون ربهم، ويعرض عنهم أهل الشقاوة الذين يؤثرون الحياة الدنيا ولا يعبئون بالحياة الأبدية.
وأن ما أوحي إليه يصدقه ما في كتب الرسل من قبله وذلك كله تهوين لما يلقاه من إعراض المشركين.