آيات
٦
مكان النزول
مكة المكرمة
(مقتبس من تفسير ابن عاشور – التحرير والتنوير)
عنونت هذه السورة في المصاحف التي بأيدينا قديمها وحديثها وفي معظم التفاسير (سورة الكافرون) بإضافة (سورة) إلى (الكافرون) وثبوت واو الرفع في (الكافرون) على حكاية لفظ القرآن الواقع في أولها.
ووقع في الكشاف وتفسير ابن عطية وحرز الأماني (سورة الكافرين) بياء الخفض في لفظ (الكافرين) بإضافة (سورة) إليه أن المراد سورة ذكر الكافرين، أو نداء الكافرين، وعنونها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه سورة (﴿قل يا أيها الكافرون﴾ [الكافرون: ١]) .
قال في الكشاف والإتقان: وتسمى هي وسورة (﴿قل هو الله أحد﴾ [الإخلاص: ١]) بالمقشقشتين؛ لأنهما تقشقشان من الشرك، أي: تبرئان منه. يقال: قشقش، إذا أزال المرض.
وتسمى أيضا سورة الإخلاص فيكون هذان الاسمان مشتركين بينها وبين سورة (﴿قل هو الله أحد﴾ [الإخلاص: ١]) .
وقد ذكر في سورة براءة أن سورة براءة تسمى المقشقشة لأنها تقشقش، أي: تبرئ من النفاق فيكون هذا مشتركا بين السور الثلاث فيحتاج إلى التمييز.
وقال سعد الله المعروف بسعدي عن جمال القراء: إنها تسمى سورة العبادة. وفي بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي: تسمى (سورة الدين) .
وهي مكية بالاتفاق في حكاية ابن عطية وابن كثير، وروي عن ابن الزبير أنها مدنية.
وقد عدت الثامنة عشرة في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة الماعون وقبل سورة الفيل ،وعدد آياتها ست.
وسبب نزولها فيما حكاه الواحدي في أسباب النزول وابن إسحاق في السيرة «أن رسول الله ﷺ كان يطوف في الكعبة فاعترضه الأسود بن المطلب بن أسد، والوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل. وكانوا ذوي أسنان في قومهم، فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد سنة، وتعبد ما نعبد سنة، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظه منه، وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فقال: معاذ الله أن أشرك به غيره، فأنزل الله فيهم ﴿قل يا أيها الكافرون﴾ [الكافرون: ١] السورة كلها، فغدا رسول الله ﷺ إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقرأها عليهم، فيئسوا منه عند ذلك»، وإنما عرضوا عليه ذلك لأنهم رأوا حرصه على أن يؤمنوا، فطمعوا أن يستزلوه إلى الاعتراف بإلهية أصنامهم.
وعن ابن عباس: فيئسوا منه وآذوه وآذوا أصحابه.
وبهذا يعلم الغرض الذي اشتملت عليه، وأنه تأييسهم من أن يوافقهم في شيء مما هم عليه من الكفر بالقول الفصل المؤكد في الحال والاستقبال، وأن دين الإسلام لا يخالط شيئا من دين الشرك.