تسجيل الدخول
الإعدادات
Select an option
الفاتحة
البقرة
آل عمران
النساء
المائدة
الأنعام
الأعراف
الأنفال
التوبة
يونس
هود
يوسف
الرعد
ابراهيم
الحجر
النحل
الإسراء
الكهف
مريم
طه
الأنبياء
الحج
المؤمنون
النور
الفرقان
الشعراء
النمل
القصص
العنكبوت
الروم
لقمان
السجدة
الأحزاب
سبإ
فاطر
يس
الصافات
ص
الزمر
غافر
فصلت
الشورى
الزخرف
الدخان
الجاثية
الأحقاف
محمد
الفتح
الحجرات
ق
الذاريات
الطور
النجم
القمر
الرحمن
الواقعة
الحديد
المجادلة
الحشر
الممتحنة
الصف
الجمعة
المنافقون
التغابن
الطلاق
التحريم
الملك
القلم
الحاقة
المعارج
نوح
الجن
المزمل
المدثر
القيامة
الانسان
المرسلات
النبإ
النازعات
عبس
التكوير
الإنفطار
المطففين
الإنشقاق
البروج
الطارق
الأعلى
الغاشية
الفجر
البلد
الشمس
الليل
الضحى
الشرح
التين
العلق
القدر
البينة
الزلزلة
العاديات
القارعة
التكاثر
العصر
الهمزة
الفيل
قريش
الماعون
الكوثر
الكافرون
النصر
المسد
الإخلاص
الفلق
الناس
Select an option
١
٢
٣
٤
٥
Select an option
العربية
বাংলা
English
русский
Kiswahili
اردو
Kurdî
التحرير والتنوير لابن عاشور
انا انزلناه في ليلة القدر ١
إِنَّآ أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ ١
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
٣
﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ﴾ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى تَنْوِيهٍ عَظِيمٍ بِالقُرْآنِ فافْتُتِحَتْ بِحَرْفِ (إنَّ) وبِالإخْبارِ عَنْها بِالجُمْلَةِ الفِعْلِيَّةِ؛ وكِلاهُما مِن طُرُقِ التَّأْكِيدِ والتَّقَوِّي. ويُفِيدُ هَذا التَّقْدِيمُ قَصْرًا وهو قَصْرُ قَلْبٍ لِلرَّدِّ عَلى المُشْرِكِينَ الَّذِي نَفَوْا أنْ يَكُونَ القُرْآنُ مُنَزَّلًا مِنَ اللَّهِ تَعالى. وفِي ضَمِيرِ العَظَمَةِ وإسْنادِ الإنْزالِ إلَيْهِ تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ لِلْقُرْآنِ. وفِي الإتْيانِ بِضَمِيرِ القُرْآنِ دُونَ الِاسْمِ الظّاهِرِ إيماءٌ إلى أنَّهُ حاضِرٌ في أذْهانِ المُسْلِمِينَ لِشِدَّةِ إقْبالِهِمْ عَلَيْهِ؛ فَكَوْنُ الضَّمِيرِ دُونَ سَبْقِ مَعادٍ إيماءً إلى شُهْرَتِهِ بَيْنَهم فَيَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ القُرْآنُ كُلُّهُ فَيَكُونُ فِعْلُ (أنْزَلْنا) مُسْتَعْمَلًا في ابْتِداءِ الإنْزالِ؛ لِأنَّ الَّذِي أُنْزِلَ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ خَمْسُ الآياتِ الأُوَلِ مِن سُورَةِ العَلَقِ، ثُمَّ فَتَرَ الوَحْيُ ثُمَّ عادَ إنْزالُهُ مُنَجَّمًا ولَمْ يُكْمِلْ إنْزالَ القُرْآنِ إلّا بَعْدَ نَيِّفٍ وعِشْرِينَ سَنَةً، ولَكِنْ لَمّا كانَ جَمِيعُ القُرْآنِ مُقَرَّرًا في عِلْمِ اللَّهِ تَعالى مِقْدارُهُ وأنَّهُ يُنَزَّلُ عَلى النَّبِيءِ ﷺ مُنَجَّمًا حَتّى يَتِمَّ؛ كانَ إنْزالُهُ بِإنْزالِ الآياتِ الأُوَلِ مِنهُ؛ لِأنَّ ما أُلْحِقَ بِالشَّيْءِ يُعَدُّ بِمَنزِلَةِ أوَّلِهِ، فَقَدْ قالَ النَّبِيءُ ﷺ «صَلاةٌ في مَسْجِدِي هَذا أفْضَلُ مِن ألْفِ صَلاةٍ فِيما سِواهُ» الحَدِيثَ، فاتَّفَقَ العُلَماءُ عَلى أنَّ الصُّرَّةَ فِيما أُلْحِقَ بِالمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ لَها ذَلِكَ الفَضْلُ، وأنَّ الطَّوافَ في زِياداتِ المَسْجِدِ الحَرامِ يَصِحُّ كُلَّما اتَّسَعَ المَسْجِدُ. ومِن تَسْدِيدِ تَرْتِيبِ المُصْحَفِ أنْ وُضِعَتْ سُورَةُ القَدْرِ عَقِبَ سُورَةِ العَلَقِ مَعَ أنَّها أقَلُّ عَدَدَ آياتٍ مِن سُورَةِ البَيِّنَةِ وسُورٍ بَعْدَها؛ كَأنَّهُ إماءٌ إلى أنَّ الضَّمِيرَ في أنْزَلْناهُ يَعُودُ إلى القُرْآنِ الَّذِي ابْتُدِئَ نُزُولُهُ بِسُورَةِ العَلَقِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عائِدًا عَلى المِقْدارِ الَّذِي أُنْزِلَ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ وهو (ص-٤٥٧)الآياتُ الخَمْسُ مِن سُورَةِ العَلَقِ؛ فَإنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ القُرْآنِ يُسَمّى قُرْآنًا، وعَلى كِلا الوَجْهَيْنِ فالتَّعْبِيرُ بِالمُضِيِّ في فِعْلِ أنْزَلْناهُ لا مَجازَ فِيهِ. وقِيلَ: أُطْلِقَ ضَمِيرُ القُرْآنِ عَلى بَعْضِهِ مَجازًا بِعَلاقَةِ البَعْضِيَّةِ. والآيَةُ صَرِيحَةٌ في أنَّ الآياتِ الأُوَلَ مِنَ القُرْآنِ نَزَلَتْ لَيْلًا وهو الَّذِي يَقْتَضِيهِ حَدِيثُ بَدْءِ الوَحْيِ في الصَّحِيحَيْنِ لِقَوْلِ عائِشَةَ فِيهِ: ”«فَكانَ يَتَحَنَّثُ في غارِ حِراءٍ اللَّيالِيَ ذَواتِ العِدَدِ» “ فَكانَ تَعَبُّدُهُ لَيْلًا، ويَظْهَرُ أنْ يَكُونَ المَلَكُ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ إثْرَ فَراغِهِ مِن تَعَبُّدِهِ. وأمّا قَوْلُ عائِشَةَ ”«فَرَجَعَ بِها رَسُولُ اللَّهِ يَرْجُفُ فُؤادُهُ» “؛ فَمَعْناهُ أنَّهُ خَرَجَ مِن غارِ حِراءٍ إثْرَ الفَجْرَ بَعْدَ انْقِضاءِ تَلْقِينِهِ الآياتِ الخَمْسِ، إذْ يَكُونُ نُزُولُها عَلَيْهِ في آخِرِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وذَلِكَ أفْضَلُ أوْقاتِ اللَّيْلِ كَما قالَ تَعالى: ﴿والمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحارِ﴾ [آل عمران: ١٧] . ولَيْلَةُ القَدْرِ: اسْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلَّيْلَةِ الَّتِي ابْتُدِئَ فِيها نُزُولُ القُرْآنِ. ويَظْهَرُ أنَّ أوَّلَ تَسْمِيَتِها بِهَذا الِاسْمِ كانَ في هَذِهِ الآيَةِ ولَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ المُسْلِمِينَ وبِذَلِكَ يَكُونُ ذِكْرُها بِهَذا الِاسْمِ تَشْوِيقًا لِمَعْرِفَتِها؛ ولِذَلِكَ عَقَّبَ قَوْلَهُ: ﴿وما أدْراكَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ﴾ [القدر: ٢] . والقَدْرُ: الَّذِي عُرِّفَتِ اللَّيْلَةُ بِالإضافَةِ إلَيْهِ هو بِمَعْنى الشَّرَفِ والفَضْلِ كَما قالَ تَعالى في سُورَةِ الدُّخانِ ﴿إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ﴾ [الدخان: ٣]، أيْ: لَيْلَةِ القَدْرِ والشَّرَفِ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى مِمّا أعْطاها مِنَ البَرَكَةِ؛ فَتِلْكَ لَيْلَةٌ جَعَلَ اللَّهُ لَها شَرَفًا فَجَعَلَها مَظْهَرًا لِما سَبَقَ بِهِ عِلْمَهُ فَجَعَلَها مَبْدَأ الوَحْيِ إلى النَّبِيءِ ﷺ . والتَّعْرِيفُ في القَدْرِ تَعْرِيفُ الجِنْسِ. ولَمْ يَقُلْ: في لَيْلَةِ قَدْرٍ بِالتَّنْكِيرِ لِأنَّهُ قَصَدَ جَعْلَ هَذا المُرَكَّبَ بِمَنزِلَةِ العَلَمِ لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ كالعَلَمِ بِالغَلَبَةِ؛ لِأنَّ تَعْرِيفَ المُضافِ إلَيْهِ بِاللّامِ مَعَ تَعْرِيفِ المُضافِ بِالإضافَةِ أوْغَلُ في جَعْلِ ذَلِكَ المُرَكَّبِ لَقَبًا لِاجْتِماعِ تَعْرِيفَيْنِ فِيهِ. وقَدْ ثَبَتَ أنَّ ابْتِداءَ نُزُولِ القُرْآنِ كانَ في شَهْرِ رَمَضانَ قالَ تَعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِلنّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرْقانِ﴾ [البقرة: ١٨٥] . ولا شَكَّ أنَّ المُسْلِمِينَ كانُوا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ إذْ كانَ نُزُولُ هَذِهِ السُّورَةِ قَبْلَ نُزُولِ سُورَةِ (ص-٤٥٨)البَقَرَةِ بِسِنِينَ إنْ كانَتِ السُّورَةُ مَكِّيَّةً أوْ بِمُدَّةٍ أقَلَّ مِن ذَلِكَ إنْ كانَتِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةً؛ فَلَيْلَةُ القَدْرِ المُرادَةُ هَنا كانَتْ في رَمَضانَ، وتَأيَّدَ ذَلِكَ بِالأخْبارِ الصَّحِيحَةِ مِن كَوْنِها مِن لَيالِي رَمَضانَ في كُلِّ سَنَةٍ. وأكْثَرُ الرِّواياتِ أنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي أُنْزِلَ فِيها القُرْآنُ عَلى النَّبِيءِ ﷺ كانَتْ لَيْلَةَ سَبْعَةَ عَشْرَةَ مِن رَمَضانَ. وسَيَأْتِي في تَفْسِيرِ الآياتِ عَقِبَ هَذا الكَلامِ في هَلْ لَيْلَةٌ ذاتُ عَدَدٍ مُتَماثِلٍ في جَمِيعِ الأعْوامِ أوْ تَخْتَلِفُ في السِّنِينَ ؟ وفي هَلْ تَقَعُ في واحِدَةٍ مِن جَمِيعِ لَيالِي رَمَضانَ أوْ لا تَخْرُجُ عَنِ العَشْرِ الأواخِرِ مِنهُ ؟ وهَلْ هي مَخْصُوصَةٌ بِلَيْلَةِ وتْرٍ كَما كانَتْ أوَّلَ مَرَّةٍ أوْ لا تَخْتَصُّ بِذَلِكَ ؟ والمَقْصُودُ مِن تَشْرِيفِ اللَّيْلَةِ الَّتِي كانَ ابْتِداءُ إنْزالِ القُرْآنِ فِيها تَشْرِيفٌ آخَرُ لِلْقُرْآنِ بِتَشْرِيفِ زَمانِ ظُهُورِهِ، تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ تَعالى اخْتارَ لِابْتِداءِ إنْزالِهِ وقْتًا شَرِيفًا مُبارَكًا؛ لِأنَّ عِظَمَ قَدْرِ الفِعْلِ يَقْتَضِي أنْ يَخْتارَ لِإيقاعِهِ فَضْلَ الأوْقاتِ والأمْكِنَةِ؛ فاخْتِيارُ فَضْلِ الأوْقاتِ لِابْتِداءِ إنْزالِهِ يُنْبِئُ عَنْ عُلُوِّ قَدْرِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى كَقَوْلِهِ: ﴿لا يَمَسُّهُ إلّا المُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩] عَلى الوَجْهَيْنِ في المُرادِ مِنَ المُطَهَّرِينَ.
الآية التالية