واتل عليهم نبا الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ١٧٥
وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىٓ ءَاتَيْنَـٰهُ ءَايَـٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ ١٧٥
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
٣
ثم ضرب - سبحانه - مثلا لمن لا يعمل بعلمه فقال - تعالى- : ( واتل عَلَيْهِمْ . . . ) .قال صاحب المنار : هذا مثل ضربه الله - تعالى - للمكذبين بآيات الله المنزلة على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو مثل من آتاه الله آياته فكان عالما بها حافظا لقواعدها وأحكامها قادرا على بيانها والجدل بها ، ولكنه لم يؤت العمل مع العلم ، بل كان عمله مخالفا تمام المخالفة لعلمه فسلب هذه الآيات ، لأن العلم الذى لا يعمل به لا يلبث أن يزول فأشبه الحية التى تنسلخ من جلدها وتخرج منه وتتركه على الأرض ، أو كان فى التباين بين علمه وعمله كالمنسلخ من العلم التارك له ، كالثواب الخلق يلقيه صاحبه ، والثعبان يتجرد من جلده حتى لا تبقى له به صلة على حد قول الشاعر :خلقوا ، وما خلقوا لمكرمة ... فكأنهم خلقوا وما خلقوارزقوا ، وما رزقوا سماح يد ... فكأنهم رزقوا وما رزقوافحاصل معنى المثل : أن المكذبين بآيات الله المنزلة على رسوله مع إيضاحها بالحجج والدلائل كالعالم الذى حرم ثمرة الانتفاع من علمه ، لأن كلا منهما لم ينظر فى الآيات نظر تأمل واعتبار وإخلاص " .وقوله - تعالى - ( واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ الذي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فانسلخ مِنْهَا ) أى : أقرأ على قومك يا محمد ليعتبروا ويتعظوا خبر ذلك الإنسان الذى آتيناه بأن علمناه إياها ، وفهمناه مراميها ، فانسلخ من تلك الآيات انسلاخ الجلد من الشاة ، أو الحية من جلدها .والمراد أنه خرج منه بالكلية بأن كفر بها ، ونبذها وراء ظهره ، ولم ينتفع بما اشتملت عليه من عظات وإرشادات .وحقيقة السلخ كشط الجلد وإزالته بالكلية عن المسلوخ عنه ، ويقال لكل شىء فارق شيئا على أتم وجه انسلخ منه . وفى التعبير به مالا يخفى من المبالغة وقوله : ( فَأَتْبَعَهُ الشيطان فَكَانَ مِنَ الغاوين ) أى : فلحقه الشيطان وأدركه فصار هذا الإنسان بسبب ذلك من زمرة الضالين الراسخين فى الغواية ، مع أنه قبل ذلك كان من المهتدين :وفى التعبير بقوله ( فَأَتْبَعَهُ الشيطان ) مبالغة فى ذم هذا الإنسان وتحقيره ، جعل كأنه إمام للشيطان والشيطان يتبعه ، فهو على حد قول الشاعر :وكان فتى من جند إبليس فارتقى ... به الحال حتى صار إبليس من جندهقال الجمل : أتبعه فيه وجهان :أحدهما : أنه متعد لواحد بمعنى أدركه ولحقه ، وهو مبالغة فى حقه حيث جعل إماما للشيطان .