undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
٣
وبعد هذه النداءات الخمسة للمؤمنين ، التى اشتملت على الآداب النفسية والاجتماعية . . وجه - سبحانه - نداء إلى الناس جميعا ، ذكرهم فيه بأصلهم وبميزان قبولهم عنده ، فقال - سبحانه - : ( ياأيها الناس . . . ) .وقد ورد فى سبب نزول هذه الآية روايات منها : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بنى بياضة أن يزوجوا امرأة منهم لأبى عند - وكان حجاما للنبى - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ، نزوج بناتنا - موالينا - أى : عبيدنا ، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية .والمراد بالذكر والأنثى : آدم وحواء . أى : خلقناكم من أب واحد ومن أم واحدة ، فأنتم جميعا تنتسبون إلى اصل واحد ، ويجمعكم وعاء واحد ، وما داما لأمر كذلك فلا وجه للتفاخر بالحساب والأنساب .قال الآلوسى : أى خلقناكم من آدم وحواء ، فالكل سواء فى ذلك ، فلا وجه للتفاخر بالنسب ، كما قال الشاعر :الناس فى عالم التمثيل أكفاء ... أبوهم آدم والأم حواء .وجوز أن يكون المراد هنا : إنا خلقنا كل واحد منكم من أب وأم ، ويبعده عدم ظهور ترتب ذم التفاخر بالنسب عليه ، والكلام مساق له . .وقوله : ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لتعارفوا ) بيان لما ترتب على خلقهم على تلك الصورة ، وللحكمة من ذلك .والشعوب : جمع شعب ، وهو العدد الكثير من الناس يجمعهم - فى الغالب أصل واحد .والقبائل : جمع قبيلة وتمثل جزاء من الشعب ، إذ أن الشعب مجموعة من القبائل .قال صاحب الكشاف : والشعب الطبقة من الطبقات الست التى علها العرب .وهى : الشعب ، والقبيلة ، والعمارة ، والبطن ، والفخذ ، والفصيلة . . وسميت الشعوب بذلك ، لأن قبائل تشعبت منها . .والمعنى : خلقناكم - أيها الناس - من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبا وقبائل ( لتعارفوا ) أى : ليعرف بعضكم نسب بعض ، فينتسب كل فرد إلى آياته ، ولتتواصلوا فيما بينكم وتتعاونوا على البر والتقوى ، لا ليتفاخر بعضكم على بعض بحسبه أو نسبه أو جاهه .وقوله - سبحانه - ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ ) تعليل لما بدل ------------ النهى عن التفاخر بالأنساب .أى : إن أرفعكم منزلة عند الله ، وأعلاكم عنده - سبحانه - درجة . . هو أكثرهم تقوى وخشية منه - تعالى - فإنه أردتم الفخر ففاخروا بالتقوى وبالعمل الصالح .( إِنَّ الله عَلِيمٌ ) بكل أحوالكم ( خَبِيرٌ ) بما ترونه وتعلنونه من أقوال وأفعال .وقد ساق الإِمام ابن كثير - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية . جملة من الأحاديث التى تنهى عن التفاخر ، وتحض على التقوى ، فقال : فجميع الناس فى الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء ، وإنما يتفاضلون بالأمر الدينية ، وهى طاعة الله ورسوله . .روى البخارى - بسدنه - عن أبى هريرة قال : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أى الناس كرم؟ قال : " أكرمهم اتقاهم قالوا : ليس عن هذا نسألك قال : فأكرم الناس يوسف نبى لله ، ابن خليل الله ، قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : فعن معادن العرب تسألونى؟ قالوا : نعم . قال : فخياركم فى الجاهلية خياركم فى الإِسلام إذا فقهوا " " .وروى مسلم عن أبى هريرة قال : " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله لا ينظر إلى صوركم موالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " .وأخرج ابن أبى حاتم عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم فتح مكة قال : " يأيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عُبَيَّةَ الجاهلية - أى تكبرها ، وتعظمها بآبائها ، الناس رجلان ، رجل يرتقى كريم على الله ، وفاجر شقى هين على الله . إن الله - تعالى - يقول : ( ياأيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى . . ) ثم قال : " أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم " " .