undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
﴿وأنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أنْ يُحْشَرُوا إلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهم مَن دُونِهِ ولِيٌّ ولا شَفِيعٌ لَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ . الأظْهَرُ أنَّهُ عُطِفَ عَلى قَوْلِهِ ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمى والبَصِيرُ﴾ [الأنعام: ٥٠] لِأنَّ ذَلِكَ مُقَدِّمَةٌ لِذِكْرِ مَن مُثِّلَتْ حالُهم بِحالِ البَصِيرِ وهُمُ المُؤْمِنُونَ. وضَمِيرُ (بِهِ) عائِدٌ إلى ﴿ما يُوحى إلَيَّ﴾ [الأنعام: ٥٠] وهو القُرْآنُ وما يُوحى بِهِ إلى الرَّسُولِ ﷺ غَيْرُ مُرادٍ بِهِ الإعْجازُ. و﴿الَّذِينَ يَخافُونَ أنْ يُحْشَرُوا إلى رَبِّهِمْ﴾ هُمُ المُؤْمِنُونَ المُمَثَّلُونَ بِحالِ البَصِيرِ. وعُرِّفُوا بِالمَوْصُولِ لِما تَدُلُّ عَلَيْهِ الصِّلَةُ مِنَ المَدْحِ، ومِنَ التَّعْلِيلِ بِتَوْجِيهِ إنْذارِهِ إلَيْهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، لِأنَّ الإنْذارَ لِلَّذِينَ يَخافُونَ أنْ يُحْشَرُوا إنْذارٌ نافِعٌ، خِلافًا لِحالِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الحَشْرَ، فَلا يَخافُونَهُ فَضْلًا عَنِ الِاحْتِياجِ إلى شُفَعاءَ. و﴿أنْ يُحْشَرُوا﴾ مَفْعُولُ يَخافُونَ، أيْ يَخافُونَ الحَشْرَ إلى رَبِّهِمْ فَهم يُقَدِّمُونَ الأعْمالَ الصّالِحَةَ ويَنْتَهُونَ عَمّا نَهاهم خِيفَةَ أنْ يَلْقَوُا اللَّهَ وهو غَيْرُ راضٍ عَنْهم. وخَوْفُ الحَشْرِ يَقْتَضِي الإيمانَ بِوُقُوعِهِ. فَفي الكَلامِ تَعْرِيضٌ بِأنَّ المُشْرِكِينَ لا يَنْجَحُ فِيهِمُ الإنْذارُ لِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِالحَشْرِ فَكَيْفَ يَخافُونَهُ. ولِذَلِكَ قالَ فِيهِمْ ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ آنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: ٦] . وجُمْلَةُ ﴿لَيْسَ لَهم مِن دُونِهِ ولِيٌّ ولا شَفِيعٌ﴾ حالٌ مِن ضَمِيرِ ﴿أنْ يُحْشَرُوا﴾، أيْ يُحْشَرُوا في هَذِهِ الحالَةِ، فَهَذِهِ الحالُ داخِلَةٌ في حَيِّزِ الخَوْفِ. فَمَضْمُونُ الحالِ مُعْتَقَدٌ لَهم، أيْ لَيْسُوا مِمَّنْ يَزْعُمُونَ أنَّ لَهم شُفَعاءَ عِنْدَ اللَّهِ لا تُرَدُّ شَفاعَتُهم، فَهم بِخِلافِ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ زَعَمُوا أصْنامَهم شُفَعاءَ لَهم عِنْدَ اللَّهِ. وقَوْلُهُ ﴿مِن دُونِهِ﴾ حالٌ مِن (ولِيٍ و( شَفِيعٍ)، والعامِلُ في الحالِ فِعْلُ يَخافُونَ، (ص-٢٤٥)أيْ لَيْسَ لَهم ولِيٌ دُونَ اللَّهِ ولا شَفِيعٌ دُونَ اللَّهِ، ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ مَوْلى الَّذِينَ آمَنُوا. وهو تَعْرِيضٌ بِالمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا شُفَعاءَ وأوْلِياءَ غَيْرَ اللَّهِ. وفِي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى ثُبُوتِ الشَّفاعَةِ بِإذْنِ اللَّهِ كَما قالَ تَعالى ﴿مَن ذا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلّا بِإذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] . ولِصاحِبِ الكَشّافِ هُنا تَكَلُّفاتٌ في مَعْنى ﴿يَخافُونَ أنْ يُحْشَرُوا﴾ وفي جَعْلِ الحالِ مِن ضَمِيرِ يُحْشَرُوا حالًا لازِمَةً، ولَعَلَّهُ يَرْمِي بِذَلِكَ إلى أصْلِ مَذْهَبِهِ في إنْكارِ الشَّفاعَةِ. وقَوْلُهُ ﴿لَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ رَجاءٌ مَسُوقٌ مَساقَ التَّعْلِيلِ لِلْأمْرِ بِإنْذارِ المُؤْمِنِينَ لِأنَّهم يُرْجى تَقْواهم، بِخِلافِ مَن لا يُؤْمِنُونَ بِالبَعْثِ.