undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتّى إذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وهم يَحْمِلُونَ أوْزارَهم عَلى ظُهُورِهِمُ ألا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ .
اسْتِئْنافٌ لِلتَّعْجِيبِ مِن حالِهِمْ حِينَ يَقَعُونَ يَوْمَ القِيامَةِ في العَذابِ عَلى ما اسْتَدامُوهُ مِنَ الكُفْرِ الَّذِي جَرَّأهم عَلى اسْتَدامَتِهِ اعْتِقادُهم نَفْيَ البَعْثِ فَذاقُوا العَذابَ لِذَلِكَ، فَتِلْكَ حالَةٌ يَسْتَحِقُّونَ بِها أنْ يُقالَ فِيهِمْ: قَدْ خَسِرُوا وخابُوا.
والخُسْرانُ تَقَدَّمَ القَوْلُ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أنْفُسَهم فَهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ٢٠] في هَذِهِ السُّورَةِ.
(ص-١٨٩)والخَسارَةُ هُنا حِرْمانُ خَيْراتِ الآخِرَةِ لا الدُّنْيا. والَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ هُمُ الَّذِينَ حَكى عَنْهم بِقَوْلِهِ ﴿وقالُوا إنْ هي إلّا حَياتُنا الدُّنْيا﴾ [الأنعام: ٢٩] فَكانَ مُقْتَضى الظّاهِرِ الإضْمارُ تَبَعًا لِقَوْلِهِ ﴿ولَوْ تَرى إذْ وُقِفُوا عَلى النّارِ﴾ [الأنعام: ٢٧] وما بَعْدَهُ، بِأنْ يُقالَ: قَدْ خَسِرُوا، لَكِنْ عَدَلَ إلى الإظْهارِ لِيَكُونَ الكَلامُ مُسْتَقِلًّا ولِيُبْنى عَلَيْهِ ما في الصِّلَةِ مِن تَفْصِيلٍ بِقَوْلِهِ ﴿حَتّى إذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً﴾ إلَخْ.
ولِقاءُ اللَّهِ هو ظُهُورُ آثارِ رِضاهُ وغَضَبِهِ دُونَ تَأْخِيرٍ ولا إمْهالٍ ولا وِقايَةٍ بِأسْبابٍ عادِيَّةٍ مِن نِظامِ الحَياةِ الدُّنْيا، فَلَمّا كانَ العالَمُ الأُخْرَوِيُّ وهو ما بَعْدَ البَعْثِ عالَمَ ظُهُورِ الحَقائِقِ بِآثارِها دُونَ مَوانِعَ، وتِلْكَ الحَقائِقُ هي مُرادُ اللَّهِ الأعْلى الَّذِي جَعَلَهُ عالَمَ كَمالِ الحَقائِقِ، جَعَلَ المَصِيرَ إلَيْهِ مُماثِلًا لِلِقاءِ صاحِبِ الحَقِّ بَعْدَ الغَيْبَةِ والِاسْتِقْلالِ عَنْهُ زَمانًا طَوِيلًا، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ البَعْثُ مُلاقاةَ اللَّهِ، ولِقاءَ اللَّهِ ومَصِيرًا إلى اللَّهِ، ومَجِيئًا إلَيْهِ، في كَثِيرٍ مِنَ الآياتِ والألْفاظِ النَّبَوِيَّةِ، وإلّا فَإنَّ النّاسَ في الدُّنْيا هم في قَبْضَةِ تَصَرُّفِ اللَّهِ لَوْ شاءَ لَقَبَضَهم إلَيْهِ ولَعَجَّلَ إلَيْهِمْ جَزاءَهم. قالَ تَعالى ﴿ولَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهم بِالخَيْرِ لَقُضِيَ إلَيْهِمُ أجَلُهُمْ﴾ [يونس: ١١] . ولَكِنَّهُ لَمّا أمْهَلَهم واسْتَدْرَجَهم في هَذا العالَمِ الدُّنْيَوِيِّ ورَغَّبَ ورَهَّبَ ووَعَدَ وتَوَعَّدَ كانَ حالُ النّاسِ فِيهِ كَحالِ العَبِيدِ يَأْتِيهِمُ الأمْرُ مِن مَوْلاهُمُ الغائِبِ عَنْهم ويُرَغِّبُهم ويُحَذِّرُهم، فَمِنهم مَن يَمْتَثِلُ ومِنهم مَن يَعْصِي، وهم لا يَلْقَوْنَ حِينَئِذٍ جَزاءً عَنْ طاعَةٍ ولا عِقابًا عَنْ مَعْصِيَةٍ لِأنَّهُ يُمْلِي لَهم ويُؤَخِّرُهم، فَإذا طُوِيَ هَذا العالَمُ وجاءَتِ الحَياةُ الثّانِيَةُ صارَ النّاسُ في نِظامٍ آخَرَ، وهو نِظامُ ظُهُورِ الآثارِ دُونَ رَيْثٍ، قالَ تَعالى: ﴿ووَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِرًا﴾ [الكهف: ٤٩]، فَكانُوا كَعَبِيدٍ لَقُوا رَبَّهم بَعْدَ أنْ غابُوا وأُمْهِلُوا. فاللِّقاءُ اسْتِعارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ: شَبَّهَتْ حالَةَ الخَلْقِ عِنْدَ المَصِيرِ إلى تَنْفِيذِ وعْدِ اللَّهِ ووَعِيدِهِ بِحالَةِ العَبِيدِ عِنْدَ حُضُورِ سَيِّدِهِمْ بَعْدَ غَيْبَةٍ لِيَجْزِيَهم عَلى ما فَعَلُوهُ في مُدَّةِ المَغِيبِ. وشاعَ هَذا التَّمْثِيلُ في القُرْآنِ وكَلامِ الرَّسُولِ ﷺ، كَما قالَ «مَن أحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ أحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ»، وفي القُرْآنِ ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ﴾ [غافر: ١٥] .
وقَوْلُهُ: ﴿حَتّى إذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً﴾ (حَتّى) ابْتِدائِيَّةٌ، وهي لا تُفِيدُ الغايَةَ وإنَّما تُفِيدُ السَّبَبِيَّةَ، كَما صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الحاجِبِ، أيْ فَإذا جاءَتْهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً. ومِنَ المُفَسِّرِينَ مَن جَعَلَ (ص-١٩٠)مَجِيءَ السّاعَةِ غايَةً لِلْخُسْرانِ، وهو فاسِدٌ لِأنَّ الخُسْرانَ المَقْصُودَ هُنا هو خُسْرانُهم يَوْمَ القِيامَةِ، فَأمّا في الدُّنْيا فَفِيهِمْ مَن لَمْ يَخْسَرْ شَيْئًا. وقَدْ تَقَدَّمَ كَلامٌ عَلى (حَتّى) الِابْتِدائِيَّةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتّى إذا جاءُوكَ يُجادِلُونَكَ﴾ [الأنعام: ٢٥] في هَذِهِ السُّورَةِ. وسَيَجِيءُ لِمَعْنى (حَتّى) زِيادَةُ بَيانٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿فَمَن أظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلى اللَّهِ كَذِبًا أوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ﴾ [الأعراف: ٣٧] إلى قَوْلِهِ ﴿حَتّى إذا جاءَتْهم رُسُلُنا﴾ [الأعراف: ٣٧] في سُورَةِ الأعْرافِ.
والسّاعَةُ: عَلَمٌ بِالغَلَبَةِ عَلى ساعَةِ البَعْثِ والحَشْرِ.
والبَغْتَةُ: فَعْلَةٌ مِنَ البَغْتِ، وهو مَصْدَرٌ. بَغَتَهُ الأمْرُ إذا نَزَلَ بِهِ فَجْأةً مِن غَيْرِ تَرَقُّبٍ ولا إعْلامٍ ولا ظُهُورِ شَبَحٍ أوْ نَحْوِهِ. فَفي البَغْتِ مَعْنى المَجِيءِ عَنْ غَيْرِ إشْعارٍ. وهو مُنْتَصِبٌ عَلى الحالِ، فَإنَّ المَصْدَرَ يَجِيءُ حالًا إذا كانَ ظاهِرًا تَأْوِيلُهُ بِاسْمِ الفاعِلِ، وهو يَرْجِعُ إلى الإخْبارِ بِالمَصْدَرِ لِقَصْدِ المُبالَغَةِ.
وقَوْلُهُ (قالُوا) جَوابُ (إذا) . و(يا حَسْرَتَنا) نِداءٌ مَقْصُودٌ بِهِ التَّعَجُّبُ والتَّنَدُّمُ، وهو في أصْلِ الوَضْعِ نِداءٌ لِلْحَسْرَةِ بِتَنْزِيلِها مَنزِلَةَ شَخْصٍ يَسْمَعُ ويُنادى لِيَحْضُرَ كَأنَّهُ يَقُولُ: يا حَسْرَةً احْضُرِي فَهَذا أوانُ حُضُورِكِ. ومِنهُ قَوْلُهم: يا لَيْتَنِي فَعَلْتُ كَذا، ويا أسَفِي أوْ يا أسَفا، كَما تَقَدَّمَ آنِفًا.
وأضافُوا الحَسْرَةَ إلى أنْفُسِهِمْ لِيَكُونَ تَحَسُّرُهم لِأجْلِ أنْفُسِهِمْ، فَهُمُ المُتَحَسِّرُونَ والمُتَحَسَّرُ عَلَيْهِمْ، بِخِلافِ قَوْلِ القائِلِ: يا حَسْرَةً، فَإنَّهُ في الغالِبِ تَحَسَّرَ لِأجْلِ غَيْرِهِ فَهو يَتَحَسَّرُ لِحالِ غَيْرِهِ. ولِذَلِكَ تَجِيءُ مَعَهُ (عَلى) الَّتِي تَدْخُلُ عَلى الشَّيْءِ المُتَحَسَّرِ مِن أجْلِهِ داخِلَةً عَلى ما يَدُلُّ عَلى غَيْرِ التَّحَسُّرِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يا حَسْرَةً عَلى العِبادِ﴾ [يس: ٣٠]، فَأمّا مَعَ (يا حَسْرَتِي، أوْ يا حَسْرَتا) فَإنَّما تَجِيءُ (عَلى) داخِلَةً عَلى الأمْرِ الَّذِي كانَ سَبَبًا في التَّحَسُّرِ كَما هُنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها. ومِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهم: يا ويْلِي ويا ويْلَتِي، قالَ تَعالى: ﴿ويَقُولُونَ يا ويْلَتَنا﴾ [الكهف: ٤٩]، فَإذا أرادَ المُتَكَلِّمُ أنَّ الوَيْلَ لِغَيْرِهِ قالَ: ويْلَكَ، قالَ تَعالى: ﴿ويْلَكَ آمِن﴾ [الأحقاف: ١٧] ويَقُولُونَ: ويْلٌ لَكَ.
(ص-١٩١)والحَسْرَةُ: النَّدَمُ الشَّدِيدُ، وهو التَّلَهُّفُ، وهي فَعْلَةٌ مِن حَسِرَ يَحْسَرُ حَسَرًا، مِن بابِ فَرِحَ، ويُقالُ: تَحَسَّرَ تَحَسُّرًا. والعَرَبُ يُعامِلُونَ اسْمَ المَرَّةِ مُعامَلَةَ مُطْلَقِ المَصْدَرِ غَيْرَ مُلاحَظِينَ فِيهِ مَعْنى المَرَّةِ، ولَكِنَّهم يُلاحِظُونَ المَصْدَرَ في ضِمْنِ فَرْدٍ، كَمَدْلُولِ لامِ الحَقِيقَةِ، ولِذَلِكَ يَحْسُنُ هَذا الِاعْتِبارُ في مَقامِ النِّداءِ لِأنَّ المَصْدَرَ اسْمٌ لِلْحاصِلِ بِالفِعْلِ بِخِلافِ اسْمِ المَرَّةِ فَهو اسْمٌ لِفَرْدٍ مِن أفْرادِ المَصْدَرِ فَيَقُومُ مَقامَ الماهِيَّةِ.
و(فَرَّطْنا) أضَعْنا. يُقالُ: فَرَّطَ في الأمْرِ إذا تَهاوَنَ بِشَيْءٍ ولَمْ يَحْفَظْهُ، أوْ في اكْتِسابِهِ حَتّى فاتَهُ وأفْلَتَ مِنهُ. وهو يَتَعَدّى إلى المَفْعُولِ بِنَفْسِهِ، كَما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما فَرَّطْنا في الكِتابِ مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨] . والأكْثَرُ أنْ يَتَعَدّى بِحَرْفِ (في) فَيُقالُ فَرَّطَ في مالِهِ، إذا أضاعَهُ.
و(ما) مَوْصُولَةٌ ماصِدْقُها الأعْمالُ الصّالِحَةُ. ومَفْعُولُ فَرَّطْنا مَحْذُوفٌ يَعُودُ إلى (ما) . تَقْدِيرُهُ: ما فَرَّطْناهُ وهم عامٌّ مِثْلَ مُعادِهِ، أيْ نَدِمْنا عَلى إضاعَةِ كُلِّ ما مِن شَأْنِهِ أنْ يَنْفَعَنا فَفَرَطْناهُ، وضَمِيرُ فِيها عائِدٌ إلى السّاعَةِ. و(في) تَعْلِيلِيَّةٌ، أيْ ما فَوَّتْناهُ مِنَ الأعْمالِ النّافِعَةِ لِأجْلِ نَفْعِ هَذِهِ السّاعَةِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ (في) لِلتَّعْدِيَةِ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ إلى الضَّمِيرِ، أيْ في خَيْراتِها. والمَعْنى عَلى ما فَرَّطْنا في السّاعَةِ، يَعْنُونَ ما شاهَدُوهُ مِن نَجاةِ ونَعِيمِ أهْلِ الفَلّاحِ. ويَجُوزُ أنْ يَعُودَ ضَمِيرُ (فِيها) عَلى الحَياةِ الدُّنْيا، فَيَكُونَ (في) لِلظَّرْفِيَّةِ الحَقِيقِيَّةِ.
وجُمْلَةُ ﴿وهم يَحْمِلُونَ أوْزارَهم عَلى ظُهُورِهِمْ﴾ في مَوْضِعِ الحالِ مِن ضَمِيرِ قالُوا، أيْ قالُوا ذَلِكَ في حالِ أنَّهم يَحْمِلُونَ أوْزارَهم فَهم بَيْنَ تَلَهُّفٍ عَلى التَّفْرِيطِ في الأعْمالِ الصّالِحَةِ والإيمانِ وبَيْنَ مُقاساةِ العَذابِ عَلى الأوْزارِ الَّتِي اقْتَرَفُوها، أيْ لَمْ يَكُونُوا مَحْرُومِينَ مِن خَيْرِ ذَلِكَ اليَوْمِ فَحَسْبُ؛ بَلْ كانُوا مَعَ ذَلِكَ مُتْعَبِينَ مُثْقَلِينَ بِالعَذابِ.
والأوْزارُ جَمْعُ وِزْرٍ بِكَسْرِ الواوِ، وهو الحِمْلُ الثَّقِيلُ، وفِعْلُهُ وزَرَ يَزِرُ إذا حَمَلَ. ومِنهُ قَوْلُهُ هُنا ﴿ألا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ . وقَوْلُهُ ﴿ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ [الأنعام: ١٦٤] . وأُطْلِقَ الوِزْرُ عَلى الذَّنْبِ والجِنايَةِ لِثِقَلِ عاقِبَتِها عَلى جانِيها.
وقَوْلُهُ ﴿وهم يَحْمِلُونَ أوْزارَهم عَلى ظُهُورِهِمْ﴾ تَمْثِيلٌ لِهَيْئَةِ عَنَتِهِمْ مِن جَرّاءِ ذُنُوبِهِمْ (ص-١٩٢)بِحالِ مَن يَحْمِلُ حِمْلًا ثَقِيلًا. وذَكَرَ عَلى ظُهُورِهِمْ هُنا مُبالَغَةً في تَمْثِيلِ الحالَةِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠] . فَذَكَرَ الأيْدِي لِأنَّ الكَسْبَ يَكُونُ بِاليَدِ، فَهو يُشْبِهُ تَخْيِيلَ الِاسْتِعارَةِ ولَكِنَّهُ لا يَتَأتّى التَّخْيِيلُ في التَّمْثِيلِيَّةِ لِأنَّ ما يُذْكَرُ فِيها صالِحٌ لِاعْتِبارِهِ مِن جُمْلَةِ الهَيْئَةِ، فَإنَّ الحَمْلَ عَلى الظَّهْرِ مُؤْذِنٌ بِنِهايَةِ ثِقَلِ المَحْمُولِ عَلى الحامِلِ.
ومِن لَطائِفِ التَّوْجِيهِ وضْعُ لَفْظِ الأوْزارِ في هَذا التَّمْثِيلِ؛ فَإنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الأحْمالِ الثَّقِيلَةِ وبَيْنَ الذُّنُوبِ، وهم إنَّما وقَعُوا في هَذِهِ الشِّدَّةِ مِن جَرّاءِ ذُنُوبِهِمْ فَكَأنَّهم يَحْمِلُونَها لِأنَّهم يُعانُونَ شِدَّةَ آلامِها.
وجُمْلَةُ ﴿ألا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ تَذْيِيلٌ.
و(ألا) حَرْفُ اسْتِفْتاحٍ يُفِيدُ التَّنْبِيهَ لِلْعِنايَةِ بِالخَبَرِ. و(﴿ساءَ ما يَزِرُونَ﴾) إنْشاءُ ذَمٍّ. و(يَزِرُونَ) بِمَعْنى يَحْمِلُونَ، أيْ ساءَ ما يُمَثَّلُ مِن حالِهِمْ بِالحَمْلِ. و(ما يَزِرُونَ) فاعِلُ ساءَ. والمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: حِمْلُهم.