undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
(ص-٥٥٣)﴿قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنَها قالَ إنَّهُ يَقُولُ إنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النّاظِرِينَ﴾ سَألُوا بِما عَنْ ماهِيَّةِ اللَّوْنِ وجِنْسِهِ لِأنَّهُ ثانِي شَيْءٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ أغْراضُ الرّاغِبِينَ في الحَيَوانِ. والقَوْلُ في جَزْمِ يُبَيِّنُ وفي تَأْكِيدِ إنَّهُ يَقُولُ إنَّها بَقَرَةٌ كالقَوْلِ في الَّذِي تَقَدَّمَ. وقَوْلُهُ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها احْتِيجَ إلى تَأْكِيدِ الصُّفْرَةِ بِالفُقُوعِ وهو شِدَّةُ الصُّفْرَةِ لِأنَّ صُفْرَةَ البَقَرِ تُقَرِّبُ مِنَ الحُمْرَةِ غالِبًا فَأكَّدَهُ بِفاقِعٍ والفُقُوعُ خاصٌّ بِالصُّفْرَةِ، كَما اخْتَصَّ الأحْمَرُ بِقانٍ والأسْوَدُ بِحالِكٍ، والأبْيَضُ بَيْقَقٌ، والأخْضَرُ بِمُدْهامٍّ، والأوْرَقُ بِخُطْبانِيٍّ نِسْبَةً إلى الخُطْبانِ بِضَمِّ الخاءِ وهو نَبْتٌ كالهِلْيُونِ، والأُرْمَكُ وهو الَّذِي لَوْنُهُ لَوْنُ الرَّمادِ بِرَدّانِيٍّ بَراءٍ في أوَّلِهِ، والرَّدّانُ الزَّعْفَرانُ كَذا في الطِّيبِيِّ ووَقَعَ في الكَشّافِ والطِّيبِيِّ بِألِفٍ بَعْدَ الدّالِ ووَقَعَ في القامُوسِ أنَّهُ بِوَزْنِ صاحِبٍ وضَبْطِ الرّاءِ في نُسْخَةٍ مِنَ الكَشّافِ ونُسْخَةٍ مِن حاشِيَةِ القُطْبِ عَلَيْهِ ونُسْخَةٍ مِن حاشِيَةِ الهَمْدانِيِّ عَلَيْهِ بِشَكْلِ ضَمَّةٍ عَلى الرّاءِ وهو مُخالِفٌ لِما في القامُوسِ. والنُّصُوعُ يَعُمُّ جَمِيعَ الألْوانِ وهو خُلُوصُ اللَّوْنِ مِن أنْ يُخالِطَهُ لَوْنٌ آخَرُ. ولَوْنُها إمّا فاعِلٌ بِ (فاقِعٌ) أوْ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وإضافَتُهُ لِضَمِيرِ البَقَرَةِ دَلَّتْ عَلى أنَّهُ اللَّوْنُ الأصْفَرُ فَكانَ وصْفُهُ بِفاقِعٍ وصْفًا حَقِيقِيًّا ولَكِنْ عَدَلَ عَنْ أنْ يُقالَ صَفْراءُ فاقِعَةٌ إلى صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها لِيَحْصُلَ وصْفُها بِالفُقُوعِ مَرَّتَيْنِ إذْ وصَفَ اللَّوْنَ بِالفُقُوعِ، ثُمَّ لَمّا كانَ اللَّوْنُ مُضافًا لِضَمِيرِ الصَّفْراءِ كانَ ما يَجْرِي عَلَيْهِ مِنَ الأوْصافِ جارِيًا عَلى سَبَبَيْهِ عَلى نَحْوِ ما قالَهُ صاحِبُ المِفْتاحِ في كَوْنِ المُسْنَدِ فِعْلًا مِن أنَّ الفِعْلَ يَسْتَنِدُ إلى الضَّمِيرِ ابْتِداءً ثُمَّ بِواسِطَةِ عَوْدِ ذَلِكَ الضَّمِيرِ إلى المُبْتَدَأِ يَسْتَنِدُ إلى المُبْتَدَأِ في الدَّرَجَةِ الثّانِيَةِ. وقَدْ ظَنَّ الطَّيِّبِيُّ في شَرْحِ الكَشّافِ أنَّ كَلامَ صاحِبِ الكَشّافِ مُشِيرٌ إلى أنَّ إسْنادَ فاقِعٍ لِلَوْنِها مَجازٌ عَقْلِيٌّ وهو وهْمٌ إذْ لَيْسَ مِنَ المَجازِ العَقْلِيِّ في شَيْءٍ. وأمّا تَمْثِيلُ صاحِبِ الكَشّافِ بِقَوْلِهِ جَدُّ جَدِّهِ فَهو تَنْظِيرٌ في مُجَرَّدِ إفادَةِ التَّأْكِيدِ. وقَوْلُهُ تَسُرُّ النّاظِرِينَ أيْ تُدْخِلُ رُؤْيَتُها عَلَيْهِمْ مَسَرَّةً في نُفُوسِهِمْ. والمَسَرَّةُ لَذَّةٌ نَفْسِيَّةٌ تَنْشَأُ عَنِ الإحْساسِ بِالمُلائِمِ أوْ عَنِ اعْتِقادِ حُصُولِهِ ومِمّا يُوجِبُها التَّعَجُّبُ مِنَ الشَّيْءِ والإعْجابُ بِهِ. وهَذا اللَّوْنُ مِن أحْسَنِ ألْوانِ البَقَرِ فَلِذَلِكَ أُسْنِدَ فِعْلُ تَسُرُّ إلى ضَمِيرِ البَقَرَةِ لا إلى ضَمِيرِ اللَّوْنِ فَلا يَقْتَضِي أنَّ لَوْنَ الأصْفَرِ مِمّا يَسُرُّ النّاظِرِينَ مُطْلَقًا. والتَّعْبِيرُ بِالنّاظِرِينَ دُونَ النّاسِ ونَحْوِهِ (ص-٥٥٤)لِلْإشارَةِ إلى أنَّ المَسَرَّةَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ النَّظَرِ إلَيْها مِن بابِ اسْتِفادَةِ التَّعْلِيلِ مِنَ التَّعْلِيقِ بِالمُشْتَقِّ.