undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
﴿وإنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلى النّاسِ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَشْكُرُونَ﴾ مَوْقِعُ هَذا مَوْقِعُ الِاسْتِدْراكِ عَلى قَوْلِهِ عَسى أنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ أيْ أنَّ تَأْخِيرَ العَذابِ عَنْهم هو مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. وهَذا خَبَرٌ خاصٌّ بِالنَّبِيءِ ﷺ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ تَأْخِيرَ الوَعِيدِ أثَرٌ مِن آثارِ رَحْمَةِ اللَّهِ؛ لِأنَّ أزْمِنَةَ التَّأْخِيرِ أزْمِنَةُ إمْهالٍ فَهم فِيها بِنِعْمَةٍ؛ لِأنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلى النّاسِ كُلِّهِمْ. وقَدْ كُنّا قَدَّمْنا مَسْألَةَ أنَّ نِعْمَةَ الكافِرِ نِعْمَةٌ حَقِيقِيَّةٌ أوْ لَيْسَتْ نِعْمَةً والخِلافُ في ذَلِكَ بَيْنَ الأشْعَرِيِّ والماتُرِيدِيِّ. والتَّعْبِيرُ بِـ ”ذُو فَضْلٍ“ يَدُلُّ عَلى أنَّ الفَضْلَ مِن شُئُونِهِ. وتَنْكِيرُ ”فَضْلٍ“ لِلتَّعْظِيمِ. والتَّأْكِيدُ بِـ ”إنَّ“ واللّامِ مَنظُورٌ فِيهِ إلى حالِ النّاسِ لا إلى حالِ النَّبِيءِ ﷺ، فالتَّأْكِيدُ واقِعٌ مَوْقِعَ التَّعْوِيضِ بِهِمْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَشْكُرُونَ. و”لَكِنَّ“ اسْتِدْراكٌ ناشِئٌ عَنْ عُمُومِ الفَضْلِ مِنهُ تَعالى فَإنَّ عُمُومَهُ وتَكَرُّرَهُ يَسْتَحِقُّ بِأنْ يَعْلَمَهُ النّاسُ فَيَشْكُرُوهُ ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ كَهَؤُلاءِ الَّذِينَ قالُوا مَتى هَذا الوَعْدُ فَإنَّهم يَسْتَعْجِلُونَ العَذابَ تَهَكُّمًا وتَعْجِيزًا في زَعْمِهِمْ غَيْرَ قادِرِينَ قَدْرَ نِعْمَةِ الإهْمالِ.