You are reading a tafsir for the group of verses 27:67 to 27:68
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إذا كُنّا تُرابًا وآباؤُنا أانّا لَمُخْرَجُونَ﴾ ﴿لَقَدْ وُعِدْنا هَذا نَحْنُ وآباؤُنا مِن قَبْلُ إنْ هَذا إلّا أساطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ أعْقَبَ وصْفَ عَمايَةِ الزّاعِمِينَ عِلْمَ الغَيْبِ بِذِكْرِ شُبْهَتِهِمُ الَّتِي أرَتْهُمُ البَعْثَ مُسْتَحِيلَ الوُقُوعِ، ولِذَلِكَ أسْنَدَ القَوْلَ هُنا إلى جَمِيعِ الَّذِينَ كَفَرُوا دُونَ خُصُوصِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ عِلْمَ الغَيْبِ، ولِذَلِكَ عَطَفَ الجُمْلَةَ؛ لِأنَّها غايَرَتِ الَّتِي قَبْلَها بِأنَّها أعَمُّ. والتَّعْبِيرُ عَنْهم بِاسْمِ المَوْصُولِ لِما في المَوْصُولِ مِنَ الإيماءِ إلى عِلَّةِ قَوْلِهِمْ هَذِهِ المَقالَةَ وهي ما أفادَتْهُ الصِّلَةُ مِن كَوْنِهِمْ كافِرِينَ فَكَأنَّهُ قِيلَ: وقالُوا بِكُفْرِهِمْ أئِذا كُنّا تُرابًا إلى آخِرِهِ اسْتِفْهامًا بِمَعْنى الإنْكارِ. أتَوْا بِالإنْكارِ في صُورَةِ الِاسْتِفْهامِ لِتَجْهِيلِ مُعْتَقِدِ ذَلِكَ وتَعْجِيزِهِ عَنِ الجَوابِ بِزَعْمِهِمْ. والتَّأْكِيدُ بِـ ”إنَّ“ لِمُجاراةِ كَلامِ المَرْدُودِ عَلَيْهِ بِالإنْكارِ. والتَّأْكِيدُ تَهَكُّمٌ. (ص-٢٥)وقَرَأ نافِعٌ وأبُو جَعْفَرٍ (﴿إذا كُنّا تُرابًا﴾) بِهَمْزَةٍ واحِدَةٍ هي هَمْزَةِ (إذا) عَلى تَقْدِيرِ هَمْزَةِ اسْتِفْهامٍ مَحْذُوفَةٍ لِلتَّخْفِيفِ مِنِ اجْتِماعِ هَمْزَتَيْنِ، أوْ بِجَعْلِ (إذا) ظَرْفًا مُقَدَّمًا عَلى عامِلِهِ والمُسْتَفْهَمُ عَنْهُ هو (إنّا لَمُخْرَجُونَ) . وقَرَأ أبُو عَمْرٍو وعاصِمٌ وحَمْزَةُ بِهَمْزَتَيْنِ في ”أئِذا“ و”أئِنَّنا“ عَلى اعْتِبارِ تَكْرِيرِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ في الثّانِيَةِ لِتَأْكِيدِ الأُولى، إلّا أنَّ أبا عَمْرٍو خَفَّفَ الثّانِيَةَ مِنَ الهَمْزَتَيْنِ في المَوْضِعَيْنِ وعاصِمًا وحَمْزَةَ حَقَّقاهُما. وهَؤُلاءِ كُلُّهم حَذَفُوا نُونَ المُتَكَلِّمِ بَعْدَ نُونِ (إنَّ) . وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ والكِسائِيُّ (أئِذا) بِهَمْزَتَيْنِ و(إنَّنا) بِهَمْزَةٍ واحِدَةٍ وبِنُونَيْنِ اكْتِفاءً بِالهَمْزَةِ الأُولى لِلِاسْتِفْهامِ، وكُلُّها اسْتِعْمالٌ فَصِيحٌ. وقَدْ تَقَدَّمَ في سُورَةِ المُؤْمِنِينَ حِكايَةُ مِثْلِ هَذِهِ المَقالَةِ عَنِ الَّذِينَ كَفَرُوا إلّا أنَّ اسْمَ الإشارَةِ الأوَّلَ وقَعَ مُؤَخَّرًا عَنْ ”نَحْنُ“ في سُورَةِ المُؤْمِنِينَ ووَقَعَ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ هُنا، وتَقْدِيمُهُ وتَأْخِيرُهُ سَواءٌ في أصْلِ المَعْنى؛ لِأنَّهُ مَفْعُولٌ ثانٍ لِـ ”وُعِدْنا“ وقَعَ بَعْدَ نائِبِ الفاعِلِ في الآيَتَيْنِ. وإنَّما يَتَّجِهُ أنْ يَسْألَ عَنْ تَقْدِيمِهِ عَلى تَوْكِيدِ الضَّمِيرِ الواقِعِ نائِبًا عَلى الفاعِلِ. وقَدْ ناطَها في الكَشّافِ بِأنَّ التَّقْدِيمَ دَلِيلٌ عَلى أنَّ المُقَدَّمَ هو الغَرَضُ المُعْتَمَدُ بِالذِّكْرِ وبِسَوْقِ الكَلامِ لِأجْلِهِ. وبَيَّنَهُ السَّكّاكِيُّ في المِفْتاحِ بِأنَّ ما وقَعَ في سُورَةِ المُؤْمِنِينَ كانَ بِوَضْعِ المَنصُوبِ بَعْدَ المَرْفُوعِ وذَلِكَ مَوْضِعُهُ. وأمّا ما في سُورَةِ النَّمْلِ فَقُدِّمَ المَنصُوبُ عَلى المَرْفُوعِ لِكَوْنِهِ فِيها أهَمَّ، يَدُلُّكَ عَلى ذَلِكَ أنَّ الَّذِي قَبْلَهُ ”﴿إذا كُنّا تُرابًا وآباؤُنا﴾“ والَّذِي قَبْلَ آيَةِ سُورَةِ المُؤْمِنِينَ ”﴿أئِذا مِتْنا وكُنّا تُرابًا وعِظامًا﴾ [المؤمنون: ٨٢]“ فالجِهَةُ المَنظُورُ فِيها هُناكَ في سُورَةِ المُؤْمِنِينَ هي كَوْنُ أنْفُسِهِمْ تُرابًا وعِظامًا، والجِهَةُ المَنظُورُ فِيها هُنا في سُورَةِ النَّمْلِ هي كَوْنُ أنْفُسِهِمْ وكَوْنُ آبائِهِمْ تُرابًا لا جُزْءَ هُناكَ مِن بِناهم ”جَمْعُ بِنْيَةٍ“ عَلى - أيْ باقِيًا - صُورَةِ نَفْسِهِ أيْ عَلى صُورَتِهِ الَّتِي كانَ عَلَيْها وهو حَيٌّ. ولا شُبْهَةَ أنَّها أدْخَلُ عِنْدَهم في تَبْعِيدِ البَعْثِ فاسْتَلْزَمَ زِيادَةَ الِاعْتِناءِ بِالقَصْدِ إلى ذِكْرِهِ فَصَيَّرَهُ هَذا العارِضُ أهَمَّ اهـ. وحاصِلُ الكَلامِ أنَّ كُلَّ آيَةٍ حَكَتْ أُسْلُوبًا مِن مَقالِهِمْ بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الأوَّلُونَ قالُوا أئِذا مِتْنا لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وآباؤُنا هَذا. (ص-٢٦)وبَعْدُ فَقَدْ حَصَلَ في الِاخْتِلافِ بَيْنَ أُسْلُوبِ الآيَتَيْنِ تَفَنُّنٌ كَما تَقَدَّمَ في المُقَدِّمَةِ السّابِعَةِ. والأساطِيرُ: جَمْعُ أُسْطُورَةٍ، وهي القِصَّةُ والحِكايَةُ. وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وإذا قِيلَ لَهم ماذا أنْزَلَ رَبُّكم قالُوا أساطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ [النحل: ٢٤] في سُورَةِ النَّحْلِ. والمَعْنى: ما هَذا إلّا كَلامٌ مُعادٌ قالَهُ الأوَّلُونَ وسَطَرُوهُ وتَلَقَّفَهُ مَن جاءَ بَعْدَهم ولَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنهُ.