undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
﴿أمَّنْ يَهْدِيكم في ظُلُماتِ البَرِّ والبَحْرِ ومَن يُرْسِلُ الرِّياحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أإلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالى اللَّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ .
(بَلْ) لِإضْرابِ الِانْتِقالِ مِن نَوْعِ دَلائِلِ التَّصَرُّفِ في أحْوالِ عامَّةِ النّاسِ إلى (ص-١٧)دَلائِلِ التَّصَرُّفِ في أحْوالِ المُسافِرِينَ مِنهم في البَرِّ والبَحْرِ فَإنَّهم أدْرى بِهَذِهِ الأحْوالِ وأقْدَرُ لِما في خِلالِها مِنَ النِّعْمَةِ والِامْتِنانِ.
ذِكْرُ الهِدايَةِ في ظُلُماتِ اللَّيْلِ في البَرِّ والبَحْرِ. وإضافَةُ الظُّلُماتِ إلى البَرِّ والبَحْرِ عَلى مَعْنى (في) . والهُدى في هَذِهِ الظُّلُماتِ بِسَيْرِ النُّجُومِ كَما قالَ تَعالى ﴿وهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها في ظُلُماتِ البَرِّ والبَحْرِ﴾ [الأنعام: ٩٧] . فاللَّهُ الهادِي لِلسَّيْرِ في تِلْكَ الظُّلُماتِ بِأنْ خَلَقَ النُّجُومَ عَلى نِظامٍ صالِحٍ لِلْهِدايَةِ في ذَلِكَ، وبِأنْ رَكَّبَ في النّاسِ مَدارِكَ لِلْمَعْرِفَةِ بِإرْصادِ سَيْرِها وصُعُودِها وهُبُوطِها، وهَداهم أيْضًا بِمَهابِّ الرِّياحِ، وخَوَّلَهم مَعْرِفَةَ اخْتِلافِها بِإحْساسِ جَفافِها ورُطُوبَتِها، وحَرارَتِها وبَرْدِها.
وبِهَذِهِ المُناسَبَةِ أُدْمِجَ الِامْتِنانُ بِفَوائِدِ الرِّياحِ في إثارَةِ السَّحابِ الَّذِي بِهِ المَطَرُ وهو المَعْنِيُّ بِرَحْمَةِ اللَّهِ. وإرْسالُهُ الرِّياحَ هو خَلْقُ أسْبابِ تَكَوُّنِها.
وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو (نُشُرًا) بِضَمَّتَيْنِ وبِالنُّونِ وقَرَأهُ ابْنُ عامِرٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ. وقَرَأ عاصِمٌ ”بُشْرًا“ بِالمُوَحَّدَةِ وبِسُكُونِ الشِّينِ مَعَ التَّنْوِينِ. وقَرَأهُ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ وسُكُونِ الشِّينِ. وقَدْ تَقَدَّمَ في سُورَةِ الفُرْقانِ (﴿وهُوَ الَّذِي أرْسَلَ الرِّياحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ [الفرقان: ٤٨])، وتَقَدَّمَ في سُورَةِ الأعْرافِ (﴿وهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ [الأعراف: ٥٧])، وتَوْجِيهُ هَذِهِ القِراءاتِ هُنالِكَ.
وذُيِّلَ هَذا الدَّلِيلُ بِتَنْزِيهِ اللَّهِ تَعالى عَنْ إشْراكِهِمْ مَعَهُ آلِهَةً؛ لِأنَّ هَذا خاتِمَةُ الِاسْتِدْلالِ عَلَيْهِمْ بِما لا يُنازِعُونَ في أنَّهُ مِن تَصَرُّفِ اللَّهِ فَجِيءَ بَعْدَهُ بِالتَّنْزِيهِ عَنِ الشِّرْكِ كُلِّهِ وذَلِكَ تَصْرِيحٌ بِما أشارَتْ إلَيْهِ التَّذْيِيلاتُ السّابِقَةُ.