undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
﴿قالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ والأمْرُ إلَيْكِ فانْظُرِي ماذا تَأْمُرِينَ﴾ .
جَوابٌ بِأُسْلُوبِ المُحاوَرَةِ فَلِذَلِكَ فُصِلَ ولَمْ يُعْطَفْ كَما هي طَرِيقَةُ المُحاوَراتِ. أرادُوا مِن قَوْلِهِمْ: نَحْنُ جَماعَةُ المَمْلِكَةِ الَّذِينَ هم مِن أهْلِ الحَرْبِ. فَهو مِن إخْبارِ عُرَفاءِ القَوْمِ عَنْ حالِ جَماعَتِهِمْ ومَن يُفَوَّضُ أمْرُهم إلَيْهِمْ. والقُوَّةُ: حَقِيقَتُها ومَجازُها تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ [الأعراف: ١٤٥] في سُورَةِ الأعْرافِ. وأُطْلِقَتْ عَلى وسائِلِ القُوَّةِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأعِدُّوا لَهم ما اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: ٦٠] في سُورَةِ الأنْفالِ، أيْ: وسائِلِ القُدْرَةِ عَلى القِتالِ والغَلَبَةِ، ومِنَ القُوَّةِ كَثْرَةُ القادِرِينَ عَلى القِتالِ والعارِفِينَ بِأسالِيبِهِ.
والبَأْسُ: الشِّدَّةُ عَلى العَدُوِّ، قالَ تَعالى: ﴿والصّابِرِينَ في البَأْساءِ والضَّرّاءِ وحِينَ البَأْسِ﴾ [البقرة: ١٧٧] أيْ: في مَواقِعِ القِتالِ، وقالَ: ﴿بَأْسُهم بَيْنَهم شَدِيدٌ﴾ [الحشر: ١٤] . وهَذا الجَوابُ تَصْرِيحٌ بِأنَّهم مُسْتَعِدُّونَ لِلْحَرْبِ لِلدِّفاعِ عَنْ مُلْكِهِمْ وتَعْرِيضٌ بِأنَّهم يَمِيلُونَ إلى الدَّفْعِ (ص-٢٦٥)بِالقُوَّةِ إنْ أرادَ أنْ يُكْرِهَهم عَلى الدُّخُولِ تَحْتَ طاعَتِهِ؛ لِأنَّهم حَمَلُوا ما تَضَمَّنَهُ كِتابُهُ عَلى ما قَدْ يُفْضِي إلى هَذا.
ومَعَ إظْهارِ هَذا الرَّأْيِ فَوَّضُوا الأمْرَ إلى المَلِكَةِ لِثِقَتِهِمْ بِأصالَةِ رَأْيِها لِتَنْظُرَ ما تَأْمُرُهم فَيَمْتَثِلُونَهُ، فَحَذَفَ مَفْعُولَ (تَأْمُرِينَ) ومُتَعَلَّقَهُ لِظُهُورِهِما مِنَ المَقامِ، والتَّقْدِيرُ: ما تَأْمُرِينَنا بِهِ، أيْ: إنْ كانَ رَأْيُكِ غَيْرَ الحَرْبِ فَمُرِي بِهِ نُطِعْكِ.
وفِعْلُ (انْظُرِي) مُعَلَّقٌ عَنِ العَمَلِ بِما بَعْدَهُ مِنَ الِاسْتِفْهامِ وهو (ماذا تَأْمُرِينَ) .
وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى (ماذا) في قَوْلِهِ: ﴿وإذا قِيلَ لَهم ماذا أنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ [النحل: ٢٤] في سُورَةِ النَّحْلِ.