undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
ولكن هذه النصيحة الحكيمة من هارون لهم لم تجد أذنا صاغية . بل قابلوا نصيحته لهم بالاستخفاف والتصميم على ما هم فيه من ضلال ، إذ قالوا فى الرد عليه : ( لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ ) أى : سنستمر على عبادة العجل ، وسنواظب على هذه العبادة مواظبة تامة ( حتى يَرْجِعَ إِلَيْنَا موسى ) فنرى ماذا سيكون منه .فهم لجهالاتهم وانطماس بصائرهم ، وسوء أدبهم ، يرون أن هارون - عليه السلام - ليس أهلا للنصيحة والطاعة ، مع أنه قد خاطبهم بأحكم أسلوب ، وألطف منطق .قال الرازى : واعلم أن هارون - عليه السلام - سلك فى هذا الوعظ أحسن الوجوه لأنه زجرهم عن الباطل - أولا - بقوله : ( ياقوم إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ ) ثم دعاهم إلى معرفة الله - ثانيا - بقوله : ( وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرحمن ) ثم دعاهم - ثالثا - إلى معرفة النبوة بقوله : ( فاتبعوني ) ثم دعاهم - رابعا - إلى الشرائع بقوله : ( وأطيعوا أَمْرِي ) .وهذا هو الترتيب الجيد ، لأنه لا بد قبل كل شىء من إماطه الأذى عن الطريق وهو إزالة الشبهات ، ثم معرفة الله - تعالى - هى الأصل ، ثم النبوة ، ثم الشريعة : فثبت أن هذا الترتيب على أحسن الوجوه ، ولكنهم لجهلهم وعنادهم قابلوا هذا الترتيب الحسن فى الاستدلال ، بالتقليد والجمود فقالوا : ( لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حتى يَرْجِعَ إِلَيْنَا موسى ) .