undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
أما المثال الثانى فهو أشد وضوحا من سابقه على وحدانية الله - تعالى - ورحمتئه بعباده ، وعلى الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر ، ويتجلى هذا المثال فى قوله - عز وجل - : ( وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ على شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ على مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ . . ) .أى : وذكر الله - تعالى - مثلا آخر لرجلين ، ( أحدهما أبكم ) أى : لا يستطيع النطق أو الكلام ، ضعيف الفهم والتفهيم لغيره .( لاَ يَقْدِرُ على شَيْءٍ ) أى : لا يقدر على فعل شئ من الأشياء المتعلقة بنفسه و بغيره .( وهو ) أى هذا الرجل ( كَلٌّ على مَوْلاهُ ) أى : حمل ثقيل ، وهم كبير على مولاه الذى يتولى شئونه من طعام وشراب وكساء وغير ذلك . وهذا بيان لعدم قدرته على القيام بمصالح نفسه ، بعد بيان عدم قدرته على القيام بفعل أى شئ على الإِطلاق .قال القرطبى : قوله ( وَهُوَ كَلٌّ على مَوْلاهُ ) أى ثقل على وليه وقرابته ، ووبال على صاحبه وابن عمه ، وقد يسمى اليتيم كلا لثقله على من يكفله ، ومنه قول الشاعر :أكول لمال الكَلِّ قبل شبابه ... إذا كان عظم الكلِّ غير شديدفالكل هو الإِنسان العاجز الضعيف الذى يكون محتاجا إلى من يرعى شئونه .وقوله ( أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ ) أى : أن هذا الرجل حيثما يوجهه مولاه وكافله لقضاء أمر من الأمور يعود خائبا ، لعجزه ، وضعف حيلته ، وقلة إدراكه . .فأنت ترى أن الله - تعالى - قد وصف هذا الرجل بأربع صفات ، تدل على سوء فهمه ، وقلة حيلته ، وثقله على ولى أمره ، وانسداد طرق الخير فى وجهه . .هذا هو الجانب الأول من المثل ، أما الجانب الثانى فيتجلى فى قوله - تعالى - : ( هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بالعدل وَهُوَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ . . ) .أى : ( هَلْ يَسْتَوِي هُوَ ) أى هذا الرجل الأبكم العاجز . . مع رجل آخر ( يأمر ) غيره بالعدل " وهو " أى هذا الرجل الآخر فى نفسه ( وَهُوَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) أى : على دين قويم ، وخلق كريم فقد جمع بذلك بين فضيلتين جليلتين : نفعه لغيره ، وصلاحه فى ذاته .لا شك أن هذين الرجلين لا يستويان فى عقل أى عاقل ، إذ أن أولهما أبكم عاجز خائب . . وثانيهما منطيق ، ناصح لغيره ، جامع لخصال الخير فى نفسه .ومادام الامر كذلك فكيف سويتم - أيها المشركون الضالون المكذبون - فى العبادة بين الله - تعالى - وهو الخالق لكل شئ ، وبين تلك الأصنام التى لا تسمع ولا تبصر ولا تغنى عن عابديها شيئا .أو كيف سويتم بين المؤمن الجامع لكل مكرمة ، وبين الكافر الغبى الأبله الذى آثر الغى على الرشد ، فتكون الآية الكريمة مسوقة لبيان الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر .وقد قابل - سبحانه - الأوصاف الأربعة للرجل الأول ، بهذين الوصفين للرجل الثانى ، لأن حاصل أوصاف الأول أنه غير مستحق لشئ ، وحاصل وصفى الثانى أنه مستحق لكل فضل وخير .وقوله ( وَمَن يَأْمُرُ بالعدل . . . ) معطوف على الضمير المستتر فى قوله ( هل يستوى . . . ) .وجملة ( وَهُوَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) فى محل نصب على الحال .وبذلك نرى أن الآيتين الكريمتين قد ساقتا مثلين واضحين ، لبيان الفرق الشاسع بين ذات الله - تعالى - الخلاق العليم ، الرزاق الكريم . . وبين تلك المعبودات الباطلة التى أشركها الضالون فى العبادة مع الله - عز وجل - .