undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك بعض المطالب المعنتة التى طلبها الكافرون من النبى - صلى الله عليه وسلم - ورد عليها بما يبطلها ، ومدح المؤمنين لاطمئنان قلوبهم إلى سلامة دينهم من كل نقص ، وأيأسهم من إيمان أعدائهم لاستيلاء العناد والجحود على قلوبهم ، فقال - تعالى - :( وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لَوْلاَ . . . ) .قوله - سبحانه - ( وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ) حكاية لما طلبه مشركو مكة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سبيل التعنت والطغيان . ومرادهم بالآية : آية كونية كإحياء الموتى وإزاحة الجبال من أماكنها " لولا " هنا : حرف تحضيض بمعنى هلا .أى : ويقول الكافرون على سبيل العناد والجحود ، هلا أنزل على هذا الرسول آية كونية تدل على صدقه ، كأن يحيى لنا موتانا ، أو أن يحول لنا جبل الصفا ذهبا . .وكأنهم يرون أن القرآن الذى نزل عليه - صلى الله عليه وسلم - لا يكفى - فى زعمهم - أن يكون آية ومعجزة شاهدة على صدقه .وقد أمر الله - تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يرد عليهم بقوله : ( قُلْ إِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ ويهدي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) .أى : قل لهم أيها الرسول الكريم على سبيل التعجب من أحوالهم ومن شدة ضلالهم : إن الله - تعالى - يضل عن طريق الحق من يريد إضلاله ، لاستحباب هذا الضال العمى على الهدى ، ويهدى إلى صراطه المستقيم ، من أناب إليه - سبحانه - ورجع إلى الحق الذى جاء به رسوله - صلى الله عليه وسلم - بقلب سليم ، وعقل متفتح لمعرفة الصواب والرشاد .فالجملة الكريمة تعجيب من أقوالهم الباطلة ، ومن غفلتهم عن الآيات الباهرة التى أعطاها الله - تعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسها القرآن الكريم الذى هو آية الآيات ، وحض لهم على الإِقلاع عما هم عليه من العنو والعناد .والإِنابة : الرجوع إلى الشئ بعد تردد ، فقد جرت عادة كثيرة من النفوس البشرية أن يعرض عليها الحق فتتردد فى قبوله فى أول الأمر ، ثم تعود إلى قبوله واعتناقه بعد قيام الدلائل على صحته وسلامته من الفساد .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف طابق قولهم ( لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ) قوله ( قُلْ إِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ . . . ) ؟قلت : هو كلام يجرى مجرى التعجب من قولهم ، وذلك أن الآيات الباهرة والمتكاثرة التى أوتيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يؤتها نبى قبله ، وكفى بالقرآن وحده آية وراء كل آية . فإذا جحدوها ولم يهتدوا بها وجعلوه كأن آية لم تنزل عليه قط ، كان موضعاً للتعجب والاستنكار ، فكأنه قيل لهم : ما أعظم عنادكم وما أشد تصميمكم على كفركم ، إن الله يضل من يشاء ممن كان على صفتكم من التصميم وشدة الشكيمة فى الكفر ، فلا سبيل إلى اهتدائهم وإن أنزلت كل آية ( ويهدي إِلَيْهِ مَنْ ) كان على خلاف صفتكم ( أَنَابَ ) أقبل إلى الحق وحقيقته دخل فى نوبة الخير .