undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
﴿ثُمَّ بَدا لَهم مِّن بَعْدَ ما رَأوُا الآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتّى حِينٍ﴾ ثُمَّ هُنا لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ، كَما هو شَأْنُها في عَطْفِ الجُمَلِ فَإنَّ ما بَدا لَهم أعْجَبُ بَعْدَ ما تَحَقَّقَتْ بَراءَتُهُ. وإنَّما بَدا لَهم أنْ يَسْجُنُوا يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - حِينَ شاعَتِ القالَةُ عَنِ امْرَأةِ العَزِيزِ في شَأْنِهِ فَكانَ ذَلِكَ عَقِبَ انْصِرافِ النِّسْوَةِ لِأنَّها خَشِيَتْ إنْ هُنَّ انْصَرَفْنَ أنْ تَشِيعَ القالَةُ في شَأْنِها وشَأْنِ بَراءَةِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَرامَتْ أنْ تُغَطِّيَ ذَلِكَ بِسِجْنِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - حَتّى يَظْهَرَ في صُورَةِ المُجْرِمِينَ بِإرادَتِهِ السُّوءَ بِامْرَأةِ العَزِيزِ، وهي تَرْمِي بِذَلِكَ إلى تَطْوِيعِهِ لَها. ولَعَلَّها أرادَتْ أنْ تُوهِمَ النّاسَ بِأنَّ مُراوَدَتَهُ إيّاها وقَعَتْ يَوْمَ ذَلِكَ المَجْمَعِ، وأنْ تُوهِمَ أنَّهُنَّ شَواهِدُ عَلى يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - . والضَّمِيرُ في لَهم لِجَماعَةِ العَزِيزِ مِن مُشِيرٍ وآمِرٍ. وجُمْلَةُ ﴿لَيَسْجُنُنَّهُ﴾ جَوابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وهي مُعَلِّقَةُ فِعْلَ بَدا عَنِ العَمَلِ فِيما بَعْدَهُ لِأجْلِ لامِ القَسَمِ لِأنَّ ما بَعْدَ لامِ القَسَمِ كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ. وفِيهِ (ص-٢٦٨)دَلِيلٌ لِلْمَعْمُولِ المَحْذُوفِ إذِ التَّحْقِيقُ أنَّ التَّعْلِيقَ لا يَخْتَصُّ بِأفْعالِ الظَّنِّ، وهو مَذْهَبُ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ؛ لِأنَّ سَبَبَ التَّعْلِيقِ وُجُودُ أداةٍ لَها صَدْرُ الكَلامِ. وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلُهُ. والتَّقْدِيرُ: بَدا لَهم ما يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذا القَسَمُ، أيْ بَدا لَهم تَأْكِيدُ أنْ يَسْجُنُوهُ. وذَكَرَ في المُغْنِي في آخِرِ الجُمَلِ الَّتِي لَها مَحَلٌّ مِنَ الإعْرابِ: وُقُوعَ الخِلافِ في الفاعِلِ ونائِبِ الفاعِلِ، هَلْ يَكُونُ جُمْلَةً ؟ فَأجازَهُ هِشامُ وثَعْلَبٌ مُطْلَقًا، وأجازَهُ الفَرّاءُ وجَماعَةٌ إذا كانَ الفِعْلُ قَلْبِيًّا ووُجِدَ مُعَلَّقٌ، وحَمَلُوا الآيَةَ عَلَيْهِ، ونُسِبَ إلى سِيبَوَيْهِ. وهو يُئَوَّلُ إلى مَعْنى التَّعْلِيقِ، والتَّعْلِيقُ أنْسَبُ بِالمَعْنى. والحِينُ: زَمَنٌ غَيْرُ مَحْدُودٍ، فَإنْ كانَ ﴿حَتّى حِينٍ﴾ مِن كَلامِهِمْ كانَ المَعْنى: أنَّهم أمَرُوا بِسَجْنِهِ سَجْنًا غَيْرَ مُؤَجَّلِ المُدَّةِ. وإنْ كانَ مِنَ الحِكايَةِ كانَ القُرْآنُ قَدْ أبْهَمَ المُدَّةَ الَّتِي أذِنُوا بِسِجْنِهِ إلَيْها إذْ لا يَتَعَلَّقُ فِيها الغَرَضُ مِنَ القِصَّةِ. والآياتُ: دَلائِلُ صِدْقِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وكَذِبِ امْرَأةِ العَزِيزِ.