undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
3
﴿ولِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ والأرْضِ وإلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ فاعْبُدْهُ وتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ كَلامٌ جامِعٌ وهو تَزْيِيلٌ لِلسُّورَةِ مُؤْذِنٌ بِخِتامِها، فَهو مِن بَراعَةِ المَقْطَعِ. والواوُ عاطِفَةٌ كَلامًا عَلى كَلامٍ، أوْ واوُ الِاعْتِراضِ في آخِرِ الكَلامِ ومِثْلُهُ كَثِيرٌ. واللّامُ في لِلَّهِ لِلْمِلْكِ وهو مِلْكُ إحاطَةِ العِلْمِ، أيْ لِلَّهِ ما غابَ عَنْ عِلْمِ النّاسِ في السَّماواتِ والأرْضِ. وهَذا كَلامٌ يَجْمَعُ بِشارَةَ المُؤْمِنِينَ بِما وُعِدُوا مِنَ النَّعِيمِ المُغَيَّبِ عَنْهم، ونِذارَةُ المُشْرِكِينَ بِما تُوُعِّدُوا بِهِ مِنَ العَذابِ المُغَيَّبِ عَنْهم في الدُّنْيا والآخِرَةِ. وتَقْدِيمُ المَجْرُورَيْنِ في ﴿ولِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ والأرْضِ وإلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ﴾ لِإفادَةِ الِاخْتِصاصِ، أيِ اللَّهُ لا غَيْرُهُ يَمْلِكُ غَيْبَ السَّماواتِ والأرْضِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ مِمّا لا يُشارِكُهُ فِيهِ أحَدٌ. وإلى اللَّهِ لا إلى غَيْرِهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ، وهو تَعْرِيضٌ (ص-١٩٥)بِفَسادِ آراءِ الَّذِينَ عَبَدُوا غَيْرَهُ؛ لِأنَّ مَن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لا يَسْتَحِقُّ أنْ يُعْبَدَ، ومَن كانَ كَذَلِكَ كانَ حَقِيقًا بِأنْ يُفْرَدَ بِالعِبادَةِ. ومَعْنى إرْجاعِ الأمْرِ إلَيْهِ: أنَّ أمْرَ التَّدْبِيرِ والنَّصْرِ والخِذْلانِ وغَيْرِ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلى اللَّهِ، أيْ إلى عِلْمِهِ وقُدْرَتِهِ، وإنْ حَسَبَ النّاسُ وهَيَّأُوا فَطالَما كانَتِ الأُمُورُ حاصِلَةً عَلى خِلافِ ما اسْتَعَدَّ إلَيْهِ المُسْتَعِدُّ، وكَثِيرًا ما اعْتَزَّ العَزِيزُ بِعِزَّتِهِ فَلَقِيَ الخِذْلانَ مِن حَيْثُ لا يَرْتَقِبُ، ورُبَّما كانَ المُسْتَضْعَفُونَ بِمَحَلِّ العِزَّةِ والنُّصْرَةِ عَلى أُولِي العِزَّةِ والقُوَّةِ. والتَّعْرِيفُ في الأمْرُ تَعْرِيفُ الجِنْسِ فَيَعُمُّ الأُمُورَ، وتَأْكِيدُ الأمْرِ بِـ كُلِّهِ لِلتَّنْصِيصِ عَلى العُمُومِ. وقَرَأ مَن عَدا نافِعًا يُرْجَعُ بِبِناءِ الفِعْلِ بِصِيغَةِ النّائِبِ، أيْ يُرْجِعُ كُلُّ ذِي أمْرٍ أمْرَهُ إلى اللَّهِ. وقَرَأهُ نافِعٌ بِصِيغَةِ الفاعِلِ عَلى أنْ يَكُونَ الأمْرُ هو فاعِلُ الرُّجُوعِ، أيْ يَرْجِعُ هو إلى اللَّهِ. وعَلى كِلْتا القِراءَتَيْنِ فالرُّجُوعُ تَمْثِيلٌ لِهَيْئَةِ عَجْزِ النّاسِ عَنِ التَّصَرُّفِ في الأُمُورِ حَسَبَ رَغَباتِهِمْ بِهَيْئَةِ مُتَناوِلِ شَيْءٍ لِلتَّصَرُّفِ بِهِ ثُمَّ عَدِمَ اسْتِطاعَتَهُ التَّصَرُّفَ بِهِ فَيُرْجِعُهُ إلى الحَرِيِّ بِالتَّصَرُّفِ بِهِ، أوْ تَمْثِيلٌ لِهَيْئَةِ خُضُوعِ الأُمُورِ إلى تَصَرُّفِ اللَّهِ دُونَ تَصَرُّفِ المُحاوِلِينَ التَّصَرُّفَ فِيها بِهَيْئَةِ المُتَجَوِّلِ الباحِثِ عَنْ مَكانٍ يَسْتَقِرُّ بِهِ ثُمَّ إيوائِهِ إلى المَقَرِّ اللّائِقِ بِهِ ورُجُوعِهِ إلَيْهِ، فَهي تَمْثِيلِيَّةٌ مَكْنِيَّةٌ رَمَزَ إلَيْها بِفِعْلِ يُرْجَعُ وتَعْدِيَتُهُ بِـ إلَيْهِ. وتَفْرِيعُ أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ بِعِبادَةِ اللَّهِ والتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ عَلى رُجُوعِ الأمْرِ كُلِّهِ إلَيْهِ ظاهِرٌ؛ لِأنَّ اللَّهَ هو الحَقِيقُ بِأنْ يُعْبَدَ وأنْ يُتَوَكَّلَ عَلَيْهِ في كُلِّ مُهِمٍّ. وهو تَعْرِيضٌ بِالتَّخْطِئَةِ لِلَّذِينِ عَبَدُوا غَيْرَهُ وتَوَكَّلُوا عَلى شَفاعَةِ الآلِهَةِ ونَفْعِها. ويَتَضَمَّنُ أمْرُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - بِالدَّوامِ عَلى العِبادَةِ والتَّوَكُّلِ. (ص-١٩٦)والمُرادُ أنْ يَعْبُدَهُ دُونَ غَيْرِهِ ويَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ بِقَرِينَةِ ﴿وإلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ﴾، وبِقَرِينَةِ التَّفْرِيعِ لِأنَّ الَّذِي يُرْجَعُ إلَيْهِ كُلُّ أمْرٍ لا يُعْقَلُ أنْ يُصْرَفَ شَيْءٌ مِنَ العِبادَةِ ولا مِنَ التَّوَكُّلِ إلى غَيْرِهِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُؤْتَ بِصِيغَةٍ تَدُلُّ عَلى تَخْصِيصِهِ بِالعِبادَةِ لِلِاسْتِغْناءِ عَنْ ذَلِكَ بِوُجُوبِ سَبَبِ تَخْصِيصِهِ بِهِما. وجُمْلَةُ وما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ فَذْلَكَةٌ جامِعَةٌ، فَهو تَذْيِيلٌ لِما تَقَدَّمَ. والواوُ فِيهِ كالواوِ في قَوْلِهِ: ولِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ والأرْضِ فَإنَّ عَدَمَ غَفْلَتِهِ عَنْ أيِّ عَمَلٍ أنَّهُ يُعْطِي كُلَّ عامِلٍ جَزاءَ عَمَلِهِ إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وإنْ شَرًّا فَشَرٌّ، ولِذَلِكَ عُلِّقَ وصْفُ الغافِلِ بِالعَمَلِ ولَمْ يُعَلَّقْ بِالذَّواتِ نَحْوَ: بِغافِلٍ عَنْكم، إيماءً إلى أنَّ عَلى العَمَلِ جَزاءً. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ، وأبُو جَعْفَرٍ، ويَعْقُوبُ عَمّا تَعْمَلُونَ - بِتاءٍ فَوْقِيَّةٍ - خِطابًا لِلنَّبِيِّ ﷺ والنّاسُ مَعَهُ في الخِطابِ. وقَرَأ مَن عَداهم بِالمُثَنّاةِ التَّحْتِيَّةِ عَلى أنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إلى الكُفّارِ فَهو تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - وتَهْدِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ. * * * (ص-١٩٧)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ يُوسُفالِاسْمُ الوَحِيدُ لِهَذِهِ السُّورَةِ اسْمُ سُورَةِ يُوسُفَ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ في كِتابِ الإصابَةِ في تَرْجَمَةِ رافِعِ بْنِ مالِكٍ الزُّرَقِيِّ عَنِ ابْنِ إسْحاقَ أنَّ أبا رافِعِ بْنَ مالِكٍ أوَّلُ مَن قَدِمَ المَدِينَةَ بِسُورَةِ يُوسُفَ، يَعْنِي بَعْدَ أنْ بايَعَ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ العَقَبَةِ. ووَجْهُ تَسْمِيَتِها ظاهِرٌ لِأنَّها قَصَّتْ قِصَّةَ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - كُلَّها، ولَمْ تُذْكَرْ قِصَّتُهُ في غَيْرِها. ولَمْ يُذْكَرِ اسْمُهُ في غَيْرِها إلّا في سُورَةِ الأنْعامِ وغافِرٍ. وفِي هَذا الِاسْمِ تَمَيُّزٌ لَها مِن بَيْنِ السُّوَرِ المُفْتَتَحَةِ بِحُرُوفِ الَرَ، كَما ذَكَرْناهُ في سُورَةِ يُونُسَ. وهِيَ مَكِّيَّةٌ عَلى القَوْلِ الَّذِي لا يَنْبَغِي الِالتِفاتُ إلى غَيْرِهِ. وقَدْ قِيلَ: إنَّ الآياتِ الثَّلاثَ مِن أوَّلِها مَدَنِيَّةٌ. قالَ في الإتْقانِ: وهو واهٍ لا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ هُودٍ، وقَبْلَ سُورَةِ الحِجْرِ. وهِيَ السُّورَةُ الثّالِثَةُ والخَمْسُونَ في تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ عَلى قَوْلِ الجُمْهُورِ. ولَمْ تُذْكَرْ قِصَّةُ نَبِيٍّ في القُرْآنِ بِمِثْلِ ما ذُكِرَتْ قِصَّةُ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - هَذِهِ السُّورَةُ مِنَ الإطْنابِ. (ص-١٩٨)وعَدَدُ آيِها مِائَةٌ وإحْدى عَشْرَةَ آيَةً بِاتِّفاقِ أصْحابِ العَدَدِ في الأمْصارِ. * * * مِن مَقاصِدِ هَذِهِ السُّورَةِ رَوى الواحِدِيُّ والطَّبَرِيُّ يَزِيدُ أحَدُهُما عَلى الآخَرِ «عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ أنَّهُ قالَ: أُنْزِلَ القُرْآنُ فَتَلاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى أصْحابِهِ زَمانًا، فَقالُوا أيِ المُسْلِمُونَ بِمَكَّةَ: يا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنا، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿الر تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ إنّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكم تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف: ١] الآياتِ الثَّلاثَ» . فَأهَمُّ أغْراضِها: بَيانُ قِصَّةِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مَعَ إخْوَتِهِ، وما لَقِيَهُ في حَياتِهِ، وما في ذَلِكَ مِنَ العِبَرِ مِن نَواحٍ مُخْتَلِفَةٍ. وفِيها إثْباتُ أنَّ بَعْضَ المَرائِي قَدْ يَكُونُ إنْباءً بِأمْرٍ مُغَيَّبٍ، وذَلِكَ مِن أُصُولِ النُّبُوءاتِ وهو مِن أُصُولُ الحِكْمَةِ المَشْرِقِيَّةِ كَما سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى: ﴿إذْ قالَ يُوسُفُ لِأبِيهِ يا أبَتِ إنِّي رَأيْتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾ [يوسف: ٤] الآياتِ. وأنَّ تَعْبِيرَ الرُّؤْيا عِلْمٌ يَهَبُهُ اللَّهُ لِمَن يَشاءُ مِن صالِحِي عِبادِهِ. وتَحاسُدُ القَرابَةِ بَيْنَهم. ولُطْفُ اللَّهِ بِمَن يَصْطَفِيهِ مِن عِبادِهِ. والعِبْرَةُ بِحُسْنِ العَواقِبِ، والوَفاءِ، والأمانَةِ، والصِّدْقِ، والتَّوْبَةِ. وسُكْنى إسْرائِيلَ وبَنِيهِ بِأرْضِ مِصْرَ. وتَسْلِيَةُ النَّبِيِّ ﷺ بِما لَقِيَهُ يَعْقُوبُ ويُوسُفُ - عَلَيْهِما السَّلامُ - مِن آلِهِمْ مِنَ الأذى. وقَدْ لَقِيَ النَّبِيُّ ﷺ مِن آلِهِ أشَدَّ ما لَقِيَهُ مِن بُعَداءِ كَفّارِ قَوْمِهِ، مِثْلَ عَمِّهِ أبِي لَهَبٍ، والنَّضِرِ بْنِ الحارِثِ، (ص-١٩٩)وأبِي سُفْيانَ بْنِ الحارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وإنْ كانَ هَذا قَدْ أسْلَمَ بَعْدُ وحَسُنَ إسْلامُهُ، فَإنَّ وقْعَ أذى الأقارِبِ في النُّفُوسِ أشَدُّ مِن وقْعِ أذى البُعَداءِ، كَما قالَ طَرَفَةُ: ؎وظُلْمُ ذَوِي القُرْبى أشَدُّ مَضَـاضَةً عَلى المَرْءِ مِن وقْعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ قالَ - تَعالى: ﴿لَقَدْ كانَ في يُوسُفَ وإخْوَتِهِ آياتٌ لِلسّائِلِينَ﴾ [يوسف: ٧] . وفِيها العِبْرَةُ بِصَبْرِ الأنْبِياءِ مِثْلَ يَعْقُوبَ ويُوسُفَ - عَلَيْهِما السَّلامُ - عَلى البَلْوى. وكَيْفَ تَكُونُ لَهُمُ العاقِبَةُ. وفِيها العِبْرَةُ بِهِجْرَةِ قَوْمِ النَّبِيِّ ﷺ إلى البَلَدِ الَّذِي حَلَّ بِهِ كَما فَعَلَ يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وآلُهُ، وذَلِكَ إيماءٌ إلى أنَّ قُرَيْشًا يَنْتَقِلُونَ إلى المَدِينَةِ مُهاجِرِينَ تَبَعًا لِهِجْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ . وفِيها مِن عِبَرِ تارِيخِ الأُمَمِ والحَضارَةِ القَدِيمَةِ وقَوانِينِها ونِظامِ حُكُوماتِها وعُقُوباتِها وتِجارَتِها. واسْتِرْقاقُ الصَّبِيِّ اللَّقِيطِ. واسْتِرْقاقُ السّارِقِ، وأحْوالُ المَساجِينِ. ومُراقَبَةُ المَكايِيلِ. وإنَّ في هَذِهِ السُّورَةِ أُسْلُوبًا خاصًّا مِن أسالِيبِ إعْجازِ القُرْآنِ وهو الإعْجازُ في أُسْلُوبِ القَصَصِ الَّذِي كانَ خاصَّةُ أهْلِمَكَّةَ يَعْجَبُونَ مِمّا يَتَلَقَّوْنَهُ مِنهُ مِن بَيْنِ أقاصِيصِ العَجَمِ والرُّومِ، فَقَدْ كانَ النَّضْرُ بْنُ الحارِثِ وغَيْرُهُ يَفْتِنُونَ قُرَيْشًا بِأنَّ ما يَقُولُهُ القُرْآنُ في شَأْنِ الأُمَمِ هو أساطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَها مُحَمَّدٌ ﷺ . وكانَ النَّضْرُ يَتَرَدَّدُ عَلى الحِيرَةِ فَتَعَلَّمَ أحادِيثَ (رُسْتُمَ) و(اسْفَنْدَيارَ) مِن أبْطالِ فارِسٍ، فَكانَ يُحَدِّثُ قُرَيْشًا بِذَلِكَ ويَقُولُ لَهم: أنا واللَّهِ أحْسَنُ حَدِيثًا مِن مُحَمَّدٍ فَهَلُمَّ أُحَدِّثُكم أحْسَنَ مِن حَدِيثِهِ، ثُمَّ يُحَدِّثُهم بِأخْبارِ الفُرْسِ، فَكانَ ما بَعْضُها مِنَ التَّطْوِيلِ عَلى عادَةِ أهْلِ الأخْبارِ مِنَ الفُرْسِ يُمَوِّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ بِأنَّهُ (ص-٢٠٠)أشْبَعُ لِلسّامِعِ، فَجاءَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلى أُسْلُوبِ اسْتِيعابِ القِصَّةِ تَحَدِّيًا لَهم بِالمُعارَضَةِ. عَلى أنَّها مَعَ ذَلِكَ قَدْ طَوَتْ كَثِيرًا مِنَ القِصَّةِ مِن كُلِّ ما لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ أثَرٍ في العِبْرَةِ. ولِذَلِكَ تَرى في خِلالِ السُّورَةِ وكَذَلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ في الأرْضِ مَرَّتَيْنِ ﴿كَذَلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ﴾ [يوسف: ٧٦] فَتِلْكَ عِبَرٌ مِن أجْزاءِ القِصَّةِ. وما تَخَلَّلَ ذَلِكَ مِنَ الحِكْمَةِ في أقْوالِ الصّالِحِينَ كَقَوْلِهِ: ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ﴾ [يوسف: ٦٧]، وقَوْلِهِ: ﴿إنَّهُ مَن يَتَّقِ ويَصْبِرْ فَإنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٩٠] .

Maximize your Quran.com experience!
Start your tour now:

0%