undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
افتتحت سورة يوسف - عليه السلام - ببعض الحروف المقطعة . وقد سبق أن تكلمنا عن آراء العلماء فى هذه الحروف فى سورة البقرة ، وآل عمران ، والأعراف ، ويونس ، وهود .وقلنا ما ملخصه : لعل أقرب الأقوال إلى الصواب ، أن هذه الحروف المقطعة ، قد وردت فى افتتاح بعض السور على سبيل الايقاظ والتنبيه إلى إعجاز القرآن الكريم .فكأن الله - تعالى - يقول لأولئك المعارضين فى أن القرآن من عند الله - تعالى - : هاكم ترونه مؤلفا من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم ، ومنظوما من حروف هى من جنس الحروف الجهائية التى تنظمون منها حروفكم . . فإن كنتم فى شك من كونه منزلا من عند الله فهاتوا مثله ، وادعوا من شئتم من الخلق لكى يعاونكم فى ذلك .ومما يشهد لصحة هذا الرأى : أن الآيات التى تلى هذه الحروف المقطعة تراها تتحدث - صراحة أو ضمنا - عن القرآن الكريم وعن كونه من عند الله - تعالى - وعن كونه معجزة للرسول - صلى الله عليه وسلم - ففى مطلع سورة البقرة : ( الاما . ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ . . . ) وفى مطلع سورة آل عمران : ( الاما . الله لا إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم . نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل . . ) وفى أول سورة يونس : ( الار تِلْكَ آيَاتُ الكتاب الحكيم . أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ الناس وَبَشِّرِ الذين آمنوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ . . . ) وفى أول سورة هود : ( الار كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ . . . ) وهكذا نجد أن معظم الآيات التى تلى الحروف المقطعة ، منها ما يتحدث عن أن هذا الكتاب من عند الله - سبحانه - ومنها ما يتحدث عن وحدانية الله - تعالى - ، ومنها ما يتحدث عن صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى دعوته . .وهذا كله لتنبيه الغافلين إلى أن هذا القرآن من عند الله ، وأنه المعجزة الخالدة للرسول - صلى الله عليه وسلم - .ثم قال - تعالى - : ( تِلْكَ آيَاتُ الكتاب المبين )و " تلك " اسم إشارة ، المشار إليه الآيات ، والمراد بها آيات القرآن الكريم ويندرجح فيها آيات السورة التى معنا .والكتاب : مصدر كتب كالكتب . وأصل الكتب ضم أديم إلى آخر بالخياطة . واستعمل عرفا فى ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط ، والمراد به القرآن الكريم .والمبين : أى الواضح الظاهر من أبان بمعنى بان أى ظهر .والمعنى : تلك الآيات التى نتلوها عليك - أيها الرسول الكريم - فى هذه السورة اوفى غيرها ، هى آيات الكتاب الظاهر أمره ، الواضح إعجازه ، بحيث لا تشتبه على العقلاء حقائقه ، ولا تلتبس عليهم هداياته .وصحت الإِشارة إلى آيات الكتاب الكريم ، مع أنها لم تكن قد نزلت جميعها ، لأن الإِشارة إلى بعضها كالإِشارة إلى جميعها ، حيث كانت بصدد الإِنزال ، ولأن الله - تعالى - قد وعد رسوله - صلى الله عليه وسلم - بنزول القرآن عليه ، كما فى قوله ( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) ووعد الله - تعالى - لا يتخلف .